مطار القليعات... مشروع وطني يُجهضه الابتزاز السياسي!
مطار القليعات... مشروع وطني يُجهضه الابتزاز السياسي!

خاص - Thursday, February 20, 2025 10:37:00 AM

لطالما كان تشغيل مطار القليعات (مطار الرئيس رينيه معوض) مطلبًا إنمائيًا بحتًا، بعيدًا عن أي حسابات سياسية أو اصطفافات حزبية. هذا المشروع ليس ترفًا ولا ترفيعًا لمنطقة على حساب أخرى، بل هو استحقاق تنموي يمهّد لنقل الشمال اللبناني من واقع الحرمان إلى آفاق التنمية المستدامة. فالمطارات ليست مجرد مرافق جوية، بل محركات اقتصادية تساهم في خلق فرص العمل، تحسين البنى التحتية، وتعزيز الأمن والسلامة العامة، فضلًا عن دورها في إنعاش السياحة والتجارة.

لكن، كما جرت العادة في لبنان، حيث المشاريع الوطنية تُحاصر بالسياسة، وجد مطار القليعات نفسه رهينة الحسابات الضيقة. فمن كان خارج هذا الملف، بات اليوم يزج بنفسه في تفاصيله ليحبط أي محاولة لتحرير الشمال من قيود التهميش. الحزب نفسه الذي يصرّ على تعطيل المشروع، هو الذي يحوّله إلى قضية سياسية، مستخدمًا منطق العرقلة والعرقلة المضادة، وكأننا أمام صراع نفوذ وليس أمام مشروع وطني تحتاجه المنطقة بأسرها.

يؤكد دكتور الاتصالات محمد بدرة لـvdlnews أنّ ملف تشغيل مطار القليعات ليس وليد اللحظة، بل هو مطلب إنمائي بحت تمّت المطالبة به منذ سنوات بهدف الحدّ من الحرمان في عكار والشمال، مشدداً على أن المشروع لم يكن في يوم من الأيام ذا بعد سياسي، بل على العكس، فإنّ التدخلات السياسية هي التي زجّت بنفسها في هذا الملف عبر العرقلة والتعطيل.

ويرى بدرة أن تشغيل المطار لا يحمل سوى إيجابيات على المستويات الاقتصادية، السياحية، والخدماتية، خصوصاً أن المطارات حول العالم تساهم بشكل مباشر في تطوير المناطق المحيطة بها، سواء عبر تحسين البنية التحتية، تعزيز شبكات الطرقات، أو خلق عشرات فرص العمل. كما أن المطار سيعزّز السياحة في المناطق الشمالية، وخصوصاً في طرابلس، المنية، الضنية، وعكار، التي تتمتّع بطبيعة خلابة ومواقع تاريخية وأثرية مميزة، لم تُستثمر بالشكل الصحيح حتى اليوم.

في سياق حديثه عن البعد الإقليمي للملف، شدّد بدرة على أن دول مجلس التعاون الخليجي لطالما تعاملت مع لبنان كشقيق أصغر، ولم تبخل يوماً في تقديم المساعدات على المستويات السياسية، الإنمائية، الدبلوماسية، والمالية. ويرى أن الرياض اليوم, كلاعب أساسي في اللجنة الخماسية, تبحث بصدق عن إعادة لبنان إلى دوره العربي والثقافي بعيداً عن الاصطفافات الإقليمية التي ساهمت في تحويل البلاد إلى "دولة فاشلة".

أما من الناحية التمويلية، فيعتبر بدرة أن تطوير المطار لا يتطلّب أموالاً ضخمة، ويمكن إنجازه من خلال عقود الـ BOT بحيث لا تتحمّل الخزينة اللبنانية أي أعباء مالية، أو من خلال تمويل مباشر من قبل الدول العربية، وفي مقدّمتها السعودية، التي أبدت اهتماماً بالمساعدة في تنفيذ المشروع. لكنه يلفت إلى نقطة أساسية، وهي أن المساعدات العربية يجب ألا تأتي كما في السابق، بل ضمن إطار واضح يتضمّن إصلاحات مالية، اقتصادية، وقضائية، تجنّباً لضياع الأموال في الهدر والمحاصصة.

يؤكّد بدرة أن تشغيل مطار القليعات لا يعني استبدال مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت، بل يشكّل دوراً مكمّلاً له، خاصة في حالات الكوارث الطبيعية، الأزمات السياسية، والاضطرابات الأمنية. كما يشدد على أهمية تطوير مطار بيروت وتعزيز دوره، مع تحييده عن التجاذبات السياسية الداخلية.

 

وعن الأسباب التي تعرقل تشغيل المطار، يرى بدرة أن المشكلة تعود إلى تدخّل "الحزب والثنائي" في الملف، إلى جانب اعتبارات سياسية ومناطقية قائمة على ذهنية المحاصصة، التي تعيق تنفيذ المشاريع الكبرى في البلاد.

ويشير إلى أن بعض الجهات تسوّق لفكرة أن عكار غير مؤهلة لاستقبال مطار دولي بسبب عدم وجود أوتوسترادات تربطها بباقي المناطق، متسائلاً: "لماذا لا يكون الحل عبر إنشاء شبكة طرق متطورة ترفع من مستوى الإنماء في المنطقة إسوة بباقي المناطق اللبنانية؟ لماذا لا يكون المشروع بدايةً لتحقيق التوازن الإنمائي، بدل أن نمنع عن عكار حقها الطبيعي؟".


أما عن المخاوف الأمنية التي تُطرح كحجّة لعدم تشغيل المطار، فيذكّر بدرة بأن مطار القليعات كان في السابق مطاراً مدنياً، يخدم الرحلات التجارية والمدنية، وهو يقع ضمن منطقة خاضعة لسلطة الدولة اللبنانية وللمؤسسات العسكرية، وعلى رأسها الجيش اللبناني. ويؤكد أن عكار لطالما كانت بيئة حاضنة للقوى الأمنية، وتطمح إلى الإنماء، الأمن، والاستقرار.

ويختم بدرة حديثه قائلاً: "من المؤسف أن نسمع اليوم أصواتاً تحاول شيطنة عكار بدل أن تعمل على تحقيق إنمائها. نحن أمام فرصة ذهبية لإنجاز مشروع استراتيجي يخدم الشمال ولبنان ككل، فهل نختار العرقلة أم البناء؟".

| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) اضغط هنا

 

تسجل في النشرة اليومية عبر البريد الالكتروني