ندوة لـ"ملتقى بيروت": "على هامش اتفاق الطائف - دستور متوازن في بلد مضطرب"
ندوة لـ"ملتقى بيروت": "على هامش اتفاق الطائف - دستور متوازن في بلد مضطرب"

أخبار البلد - Wednesday, February 19, 2025 8:52:00 AM


نظّم "ملتقى بيروت" ندوة على هامش اتفاق الطائف - دستور متوازن في بلد مضطرب، تحدّث فيها الرئيس السابق لمجلس القضاء الأعلى القاضي الدكتور غالب غانم، في حضور فاعليات بيروتية ووطنية.

بداية تحدّث رئيس الملتقى الدكتور فوزي زيدان مرحباً وقال:"اتفاق الطائف هو الاسم الذي تُعرفُ به وثيقة الوفاق الوطنيّ اللّبناني، وقد تحوّلت معظم نصوصِه الأساسيّة إلى نصوص دستوريّة، وأصبحتْ ضمن الدستور.

فتمّ تطبيق بعضها، في حين لم يتمّ تطبيق البعض الآخر. لقد قدَّم اتفاق الطائف تعريفاً تاريخياً نهائياً للبنان دخل في دستوره، بحيث حسَمَ نهائية الوطن اللبناني ومبادئه ووحدته الإقليمية من جهة، وأهم من كلِّ ذلك، حسم عروبة هوية لبنان من جهةٍ أُخرى. كما نصّ على إنشاء المجلس الدستوري الذي يُعزّز الثقة بالدولة، وبأنّ لبنان جمهورية ديمقراطية برلمانية، تقوم على احترام الحرّيات العامة، وفي طليعتها حرّية الرّأي والمعتقد، وعلى العدالة الاجتماعية والمساواة في الحقوق والواجبات بين جميع المواطنين دون تمايز أو تفضيل. ولعلَّ تأكيد اتفاق الطائف على مبدأ "التعايش المشترك" بين الطوائف اللبنانية المختلفة، من دون الجنوح إلى الطائفية، كان الهدف الأسمى للقوانين الانتخابية البرلمانية التي أُقرّت في مرحلة ما بعد الحرب الأهلية".

وتابع:"إنَّ البنود التي لحظها اتفاق الطائف وتمّ ادخالها في الدستور، أصبحت مادةً دستوريةً ملزمةً، تتمتّعُ بمرجعية سامية. ولكن يبقى لنا أنْ نتساءلَ عمّا إذا كان قد تمّ فعلاً تطبيق دستور الطائف قبل أنْ يُطالبَ البعض بتعديله، خاصةً وأنَّ هناك الكثير من الإصلاحات التي لم تُنفّذ حتّى السّاعة، ومنها على سبيل المثال لا الحصر: الهيئة الوطنيّة التّي من المفترض أنْ تضعَ خطّة عمل لإلغاء الطائفيّة السياسيّة. مجلس الشيوخ الذي يجب أن ينشأ بمجرّد انتخاب مجلس نيابي خارج القيد الطائفي، لتتمثّلَ فيه العائلات الرّوحيّة، ويختصُّ بالنّظر في القضايا المصيريّة. اعتماد اللامركزيّة الإداريّة، والتي وردتْ صراحةً في مقدّمة الدستور. إقرار قانون استقلالية القضاء، وتحريره من التدخّلات السياسيّة. الحاجة إلى وضع وتفعيل خطّة التنميّة الشامل".

وأضاف:"إنّما وإلى جانب ما تقدّم، يُؤخذُ على دستور الطائف استخدامه لمصطلحاتٍ عامةٍ وغير محدّدة، فضلاً عن عدم ربط إجراء الإصلاحات الضرورية أعلاه بأيّة مهلٍ زمنية، ممّا يُؤخّر، لا بل يُعطّل إجراء التحوّل الديموقراطي المنشود للدولة اللبنانية. وتوضيحاً لذلك، نُورد بعض الأمثلة: فلم يُحدّد الدستور موعداً نهائياً لإنشاء برلمان غير طائفي، وإنشاء مجلس الشيوخ، ولم يحدّد أيّ موعدٍ أو خطّةٍ من أجل إلزام البرلمان اللبناني بإصدار قانون انتخابي خارج القيد الطائفي. كما لم يحدّد مدّة الفترة الزمنية لإلغاء الطائفية السياسية".

وأعلن:"من أجل تحقيق كلِّ هذه الإصلاحات، وتطبيق ما لم يُطبّق حتّى تاريخه، نرى أنّه لا بدَّ من اتّخاذ الخطوات التالية: إرادة وطنية فعلية باحترام جميع بنود اتفاق الطائف، والالتزام بتنفيذها من دون استثناءات. احترام مبدأ فصل السّلطات. تأليف لجنة عملية لفهم وإفهام الدّستور، وما أُدخِلَ عليه من تعديلاتٍ بموجب اتفاق الطائف؛ باعتبار انَّ الأخير قد أصبح ملزماً".

وختم:"بناءً على كلِّ ما تقدّم، هل لا زال من الممكن المطالبة بتعديل اتفاق الطّائف، في وقتٍ بعض نصوصه والكثير من الإصلاحات الواردة فيه لم يُصر إلى تفعيلها وتنفيذها؟! بطبيعة الحال، إنَّ "دستور الطائف" ليس بمنزلة الدستور المُنزّل غير القابل للتطوير أو التعديل، ذلك أنَّ القوانين والنظم السياسيّة وُجِدَتْ في العالم كي تكونَ في خدمة الإنسان والمجتمع وليس العكس. وفي المحصّلة، فإنّنا نعتبر دستور الطائف دستوراً عصرياً متقدّماً ومنسجماً مع المواثيق والقوانين الدولية وحقوق الإنسان، خاصةً لو اعتمدنا ما ورد في مقدّمته، وعملنا فوراً على تحقيق ما نادى به من إصلاحات".

ثمّ بدأ الدكتور غانم مداخلته فاعتبر "أنّ الدستور اللبناني الراهن تكوّن من مصدرين هما دستور العام 1926 وتعديلاته ووثيقة الوفاق الوطني التي جدّدت الميثاق الوطني على أساس التوازن الذي يضمن الوفاق بين اللبنانيين".

وتحدّث عن:" ميزة التوازن في الدستور على صعيد المبادئ العامة لإدارة المجتمع السياسي اللبناني، وعلى صعيد توزيع الصلاحيات والسلطات ما بين المؤسّسات الدستورية.

على الصعيد الأوّل، رأى أنّ التوفيق ممكن ما بين النظام الديموقراطي البرلماني والميثاقية التي تسهم في صون الكيان والنظام وفي حماية الدولة وإطلاق عمل المؤسّسات وفي إشاعة الإنصاف بين مكوّنات النسيج اللبناني على نقيض مما يحصل في الواقع لدى النظر إلى الديموقراطية البرلمانية والميثاقية كقلعتين متواجهتين. ووازن الدستور بين وحدة لبنان وتعدّديته، وبين مقتضيات الدولة المدنية وحريّة المعتقد لدى المواطنين من جهة، واحترام نظام الأحوال الشخصيّة للطوائف من جهة ثانية. وبالرغم من ذلك، فإنّ الجدل لا يزال قائماً حول إصدار قانون مدني اختياري للأحوال الشخصيّة وبصورة خاصة للزواج.

كما أرسى الدستور معادلة أخرى ما بين نهائيّة الوطن اللبناني وانتمائه العربي، بينما لا يزال الجدل دائراً حول هذه المسألة كذلك بالرغم من حسمها في الدستور. وأضاف أنّ الدستور نظر إلى إلغاء القيد الطائفي نيابياً وإنشاء مجلس الشيوخ من زاوية التوازن أيضاً. وهذا ما فعله بشأن كيفيّة ممارسة السلطات العليا ونشوء المسؤوليات الناتجة عن الخلل في هذه الممارسة وذلك بنصّه على إمكان محاكمة الرؤساء والوزراء، وهو أمر معطّل بوجود قانون أصول المحاكمات أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الرؤساء والوزراء الذي أقفل الباب على احتمال حصول هذه المحاكمة".

وتابع:"على الصعيد الثاني، وازن الدستور بين توزيع المقاعد النيابية على الطوائف وبين اعتبار النائب "يمثّل الأمّة جمعاء"، ولكنّ التكتلات النيابية الطائفية عطّلت هذه المعادلة، كما عطّلها قانون انتخاب أعضاء المجلس النيابي الأخير الذي ناقض وثيقة الوفاق الوطني وحال دون إمكان مراعاة التنوّع الطائفي الفعلي في اللائحة الانتخابية بسبب الصوت التفضيلي الواحد. وتطرّق القاضي غانم إلى وجه آخر من وجوه التوازن في الدستور يتجلّى في مبدأ سيادة مجلس النواب على نفسه من نحو وإنشاء المجلس الدستوري لمراقبة دستورية القوانين من نحو آخر، ودعا إلى إعادة صلاحية تفسير القوانين للمجلس الدستوري كما ورد في وثيقة الوفاق الوطني، وإلى إعادة النظر في كيفية تعيين أعضاء المجلس ترسيخاً لاستقلاله".

واعتبر:"أنّ التوازن كان هاجس المشرّع الدستوري لدى إعادة النظر في صلاحيات رئيس الجمهورية ومجلس الوزراء، ورأى أنّه لا يمكن تصّور ما ورد في المادة 49 من الدستور بشأن موقع رئيس الجمهورية في سلّم الحكم منفصلاً عن فاعليّة تجعله شريكاً أساسيّاً في إدارة شؤون البلاد. ورغم ذلك، رأى أنّ ثمة تعديلاً دستوريّاً مطلوباً لإزالة بعض الشوائب في صلاحيات الرئيس وآليّات عمله خصوصاً لجهة قيود المهل المفروضة عليه بموجب المادة 56 من الدستور".

واعتبر أيضاً:"أنّه بالرغم من الدور الأساسي الملقى على عاتق الرئيس المكلّف في الاستشارات النيابية سعياً إلى تشكيل الحكومة، فإنّ مشاركة رئيس الجمهورية في التوقيع على مرسوم التشكيل هي مشاركة في التشكيل بحدّ ذاته".







| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) اضغط هنا

 

تسجل في النشرة اليومية عبر البريد الالكتروني