شوّهوا لبنان، وأبعدوا عنه ابناءه بعدما سلبوهم اموالهم وسعادتهم من جراء الضغوط الاجتماعية والاقتصادية التي لا تحصى ولا تعدّ لا بل تتزايد يوما بعد يوم بالرغم من الوعود الكاذبة التي يرمونها، فيصدقون هم كذبتهم متناسين عمدا تطبيقها.
أراهم يركضون ليعتلوا المنصات ويظهروا أمام الشاشات محاولين اقناع العدد الاكبر بسلوكهم "البريء" وبتضحياتهم "الاحتيالية"، انما لم ارهم يوما يعيشون بين الناس ويشعرون بقلقهم، الذي لا يفارق عقولهم لحظة، وبخوفهم من غد قد لا يتمكنون فيه من تسديد ما عليهم من واجبات.
الجميع يريد "مصلحة لبنان وهي اولوية بالنسبة اليه" الا أن الكلام كثير والتطبيق مناقض، فيوما نشهد على اب يحترق جسمه بسبب النار التي اشتعلت في قلبه لعدم قدرته على تعليم ابنائه ودفع اقساطهم، ويوما نبكي على مشهد امرأة تقف أمام السراي الحكومي لعلّ قلب أحد "كبار الاغنياء" ينظر الى حالتها، هذا عدا عن الاخبار اليومية التي نقرأها عن السرقة وتوقيفات بسبب المخدرات.
ألم يكتفوا؟... هجّروا خيرة الشباب بعدما سلبوهم احلامهم فترك هؤلاء الشباب وراءهم، مرغمين، قلوب امهات لا تطفئها كل طوافات العالم، وآباء عاشوا ليروهم فرحين فما بقي لهم من ابنائهم الا بعض الملامح التي يتأملونها من خلال اتصال فيديو عبر تطبيق الواتساب (video call) او اذا لم تعطهم خدمة الانترنت في لبنان هذه الفرصة، يلجأون ولو لدقائق الى الـvoice call لسماع أصواتهم المتقطّعة بسبب الوجع من جهة وسوء الخدمة من جهة أخرى.
الطمع اقوى من القناعة لديهم! وفسادهم لا حدود له، يفوق الخيال، اذ أن حتى "الواتساب" والتطبيقات المشابهة له، اسهل وسائل التواصل بين الشباب اللبنانيين المغتربين وعائلاتهم والتي لا تكلّفهم عبئا ماليا اضافيا، قد نترحّم على ايامها، بعدما قرر السياسيون فرض ضريبة عليها بغض النظر عن قوانين هذه التطبيقات العالمية، "والحسرة عيللي بقيوا" فهم مجبرون على الخضوع لهذا العقاب الاضافي.
لبنان يحترق فعلا! والكارثة التي نعيشها اكبر من الصورة التي شاهدها العالم عبر شاشة صغيرة، هي ليست اشجاره ولا احراجه التي تشتعل فيها النيران فحسب بل شعبه يحترق ايضا، هذا الشعب الذي تعب من النضال اليومي ليحقق في يوم ما حلمه بضمان شيخوخة، بتعليم مجاني، بطبابة، لا تتطلب الوقوف على ابواب المستشفيات حتى الموت، بل تشمل الجميع من دون استثناء.
الامال فقدت والاوجاع كثرت ولحقت بكبير وصغير، وشعبي يغرق بهمومه. نعم... شعبي يحترق! وبحار العالم لا تطفئه، وللاسف جهاز الاطفاء بين ايديكم ايها السياسيون، فأين ضمائركم؟ ومتى تتحّرك؟!.