مهمة سلام إعادة الاعتبار للرئاسة الثالثة
مهمة سلام إعادة الاعتبار للرئاسة الثالثة

أخبار البلد - Thursday, January 23, 2025 7:00:00 AM

كتب عيسى يحيى في “نداء الوطن”:

 

يتسلّل «حزب اللّه» من باب المقارنة بين حظوة رئيس الجمهورية العربية والدولية، التي تحصّن موقع الرئاسة الأولى وبين العلاقة مع الرئاسة الثالثة، للتصويب على موقع رئاسة الحكومة وتالياً الرئيس المكلّف نواف سلام. وبرع «حزب اللّه» وحلفاؤه في تهشيم الموقع السنّي الأول منذ العام 2005. ولم ترُق له بعد فكرة مجيء رئيس حكومة من دون إرادته.

 

يعلم «الحزب» أنّ قوّة العهد الجديد والدفع الداخلي والخارجي له، يلزمه رئيس حكومة بحجم نواف سلام، وأن ثنائية حكم العسكر وقوة القانون التي جمعت عون وسلام، هي التي تستطيع النهوض بالبلاد بعد سنوات القحط التي عاشها اللبنانيون، بفعل المافيات التي تحكّمت بالإدارات، والمؤسسات وتأجيل الاستحقاقات لإيصال من يكون ستراً وغطاء «للحزب» وحلفائه.

 

لم تكن زيارة الرئيس نجيب ميقاتي إلى سوريا هي التي أطاحت به في تولّي حكومة العهد الأولى كما يصوّر البعض، بل كان خطأه القاتل في وضع كل بيضه في سلّة «أمل» و «حزب الله»، حتى صوّر لكثيرين أنه بات الناطق الرسمي باسمهما. وما بين ظلم الرجل بأنه ورقة بيد «الحزب»، وهو الذي أدار مفاوضات اتفاق وقف إطلاق النار وصولاً إلى تطبيق القرار 1701، وكون تهمة التخوين جاهزة ومعلبة للرئاسة الثالثة دائماً كما حدث أيام حكومة الرئيس السنيورة عام 2006، تولّى الرئيس نبيه برّي المفاوضات بالمباشر. وكانت مظلومية بقاء ميقاتي في السراي وتقديم الخدمات لـ «الحزب» على حساب الموقع. إلى أن جاء التغيير من الخارج ليطيح بآمال بقاء رئاسة الحكومة مطيّة للبعض.

 

على مدى أكثر من 20 سنة، تم استهداف موقع رئاسة الحكومة. الاستهداف الأول كان تطويق السراي في كانون الأول عام 2006 عبر اعتصامٍ مفتوح لـ «حزب الله» وحلفائه دام أكثر من سنة ونصف، بقي فيها الرئيس السنيورة صامداً محتسباً موقع رئاسة الحكومة لدولة لا لطائفة، وانتهى باتفاق الدوحة وتشكيل حكومة «وحدة وطنية». أما الاستهداف الثاني للموقع فكان في 12 كانون الثاني 2011 عندما قدّم «حزب الله» وحلفاؤه استقالتهم من الحكومة أثناء زيارة سعد الحريري لواشنطن ولقائه الرئيس باراك أوباما. وجاهر «الحزب» وجبران باسيل يومذاك بالانتصار بأنّ الحريري دخل البيت الأبيض رئيس حكومة وخرج منه رئيس حكومة تصريف أعمال.

 

كذلك انتهج «الحزب» سياسة الضغوطات على عدد من الحكومات، منها حكومة ميقاتي عام 2011 نتيجة الأحداث السورية والمحكمة الدولية ما دفعه إلى الاستقالة عام 2014. ومورست الضغوطات على حكومة الحريري منذ العام 2016 حتى انتهى الأمر باستقالته عام 2019 ، وجاءت جميع هذه الضغوط لكون سياسات الحكومات المتعاقبة تعارضت مع مصالح ما كان يسمّى بـ «8 آذار»، وممارسة النفوذ على القرارات السياسية.

 

وعطّل «الحزب» تشكيل الحكومات في مراحل عدّة منذ العام 2005، عبر المطالبة بحصص وزارية محدّدة وحقائب معيّنة، وفرض أسماء، وصولاً إلى الثلث المعطل، وفرض أعراف وتقاليد، انتهت بتكريس وزارة المال للطائفة الشيعية. ودفع رؤساء حكومات إلى التنحي عن التكليف، بعد وضع العصي في دواليب التشكيل، وغيرها من المحطات الشاقة التي لم يوفّر فيها أي جهد لتقويض صلاحيات رئيس الحكومة، وتهشيم مقام الرئاسة الثالثة.

 

ظنّ «حزب الله» أن الاتفاق الثنائي الذي عقده النائبان محمد رعد وعلي حسن خليل مع الرئيس جوزاف عون قبل جلسة الانتخاب الثانية في 9 الجاري، ضمن تسمية الرئيس ميقاتي للحكومة، وفق ما أكدت مصادر «الحزب»، وأن ذلك سيكون ملزماً لكل الأطراف الأخرى. لكن «الحزب» لم يكن يعلم أن رياح التغيير إن هبّت لا تبقي ولا تذر، وأنّ سلة كاملة برعاية خارجية حطّت رحالها في لبنان.

 

كانت رسالة الرئيس نواف سلام بالأمس واضحة، بأن تشكيل الحكومة من اختصاص الرئيس المكلّف وحده بالتشاور مع رئيس الجمهورية، وأنه لن يكون ساعي بريد، في رسالة إلى الممارسات التي حكمت الحكومات المتعاقبة منذ اغتيال الرئيس رفيق الحريري. ويتطلّع اللبنانيون عموماً والسنّة تحديداً إلى أن يعيد نواف سلام إلى الموقع السنّي الأول والرئاسة الثالثة مكانتها الوطنية.

 

 

| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) اضغط هنا

 

تسجل في النشرة اليومية عبر البريد الالكتروني