"الجريدة" الكويتية:
بوتيرة سريعة، انطلق تشكيل الحكومة اللبنانية الجديدة، والتي أريد إنجازها قبل موعد انتهاء مهلة اتفاق وقف إطلاق النار في الجنوب وانسحاب الجيش الإسرائيلي من هناك. ويتلقى لبنان قوة دفع دولية لإنجاز تلك التشكيلة، وهو ما ثبت من خلال الوفود التي زارت لبنان، لا سيما الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، فيما يزور وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان بيروت الخميس المقبل، حيث يعلن فتح مسار جديد من العلاقات السعودية - اللبنانية، واستعداد المملكة لتقديم المساعدات اللازمة، على أن يوجه دعوة إلى رئيس الجمهورية جوزاف عون لزيارة المملكة، سيتم خلالها الإعلان عن حزمة مساعدات للبنان وتوقيع 22 اتفاقية بمجالات مختلفة من الاقتصاد الى الأمن، وسط معلومات بأنه سيتم تأسيس صندوق خليجي لدعم لبنان في المرحلة المقبلة.
وتشير الترجيحات إلى أن الحكومة قد تتشكّل خلال نحو أسبوع إلى 10 أيام، ويريد الرئيس المكلّف نواف سلام تشكيل حكومة من 24 وزيراً جميعهم من الكفاءات، وتعطي انطباعاً إيجابياً على المستويين الداخلي والخارجي، لإعداد برنامج الإصلاح الإداري والسياسي والاقتصادي. ووفق المعلومات، بدأ سلام في «جوجلة» الأسماء المقترحة في تشكيلته الوزارية، على أن يلتقي الرئيس عون، لبحث التشكيلة الأوّلية معه، ويتشاور مع من يراه مناسبا، بما في ذلك رئيس مجلس النواب نبيه بري.
ويتمسك سلام، بشكل حازم، بصلاحياته، وبالتفاهم بينه وبين رئيس الجمهورية، ويؤكد دوماً أنه ينطلق في تشكيلته من التمسك بالدستور اللبناني، واتفاق الطائف حول آلية التشكيل وحول البيان الوزاري أيضاً. وفيما لا يزال الثنائي الشيعي يتمسك بوزارة المالية، في حين كان عون تحدّث عن مداورة، لا تزال آلية اختيار أسماء الوزراء موضوع أخذ وردّ. وتقول تسريبات «الثنائي الشيعي» إن التسمية ستكون بالتوافق بين سلّام والكتل النيابية، وهو سيكون له رأي أساسي في القبول أو رفض أي اسم يتم اقتراحه، كما أنه يريد أن يطرح بعض الأسماء بنفسه، وإن كانت من «حصة» أي فريق.
في المقابل، تقول مصادر أخرى إن مفاجأة انتخاب عون وتسمية سلام قد تتكرر في تشكيلة الحكومة، وأن يقوم سلام بتسمية كل الوزراء من دون أي حسابات سياسية. ستكون الحكومة اللبنانية الجديدة أمام مهام كثيرة، يما يتقاطع مع تطورات الوضع في المنطقة، كل ذلك ينمّ عن مرحلة جديدة وتغيير سياسي كبير في إدارة الدولة ومؤسساتها ووزاراتها، وهو ما يظهر من خلال بعض المعطيات التي تؤكد أن رئيس الجمهورية يركز على 3 وزارات أساسية، هي الدفاع، والداخلية، والعدل. وهو ما يعني أن الزمن الذي يكون فيه لكل جهاز أمني أو عسكري مرجعيته السياسية المختلفة عن الأخرى قد انتهى، وسط إصرار دولي على أن تكون المرجعية لدى رئيس الجمهورية.
من هنا يتحضر لبنان في المرحلة المقبلة لورشة تعيينات عسكرية وأمنية كبيرة جداً، وربما لم يشهدها من قبل، وستكون آثارها مستمرة لسنوات طويلة، وذلك بهدف ضبط الوضع الأمني على الأرض بشكل كبير، وبما يتناقض مع أي فكرة لتسييس الأمن والعسكر. الرئيسان عون وسلام سيحكمان بقوة الدفع الدولية والإقليمية والدعم الشعبي، ولن يكون أحد قادراً على عرقلة مسارهما، وإذا كان تركيز رئيس الجمهورية سيتمحور في الجوانب الأمنية والعسكرية، فإن رئيس الحكومة سيركز على الإصلاحات القضائية، والسياسية، والإدارية والملفات الاقتصادية برمّتها. وربما تكون هذه التجربة مصححة عمّا كان قائماً في التسعينات إبان الوصاية السورية، التي أمسك بها النظام السوري بالواقع الأمني والعسكري، وحدّد مسارات السياسة الخارجية، بينما تُرك لرفيق الحريري العمل في المجال الاقتصادي.