ثنائي عون وسلام: السيادة والإصلاح
ثنائي عون وسلام: السيادة والإصلاح

أخبار البلد - Monday, January 20, 2025 6:29:00 AM

جومانا زغيب - نداء الوطن

درج الانطباع العام والذي عكس أمراً واقعاً في حينه، على أن المعادلة التي حكمت انطلاقة الرئيس الشهيد رفيق الحريري في الحكم اعتباراً من آخر تشرين الأول 1992، على رأس أول حكومة له، كانت تقضي بترك الشؤون السياسية والأمنية للوصاية السورية من خلال النظام اللبناني السوري الأمني المشترك. وكانت واجهة هذا الجانب، تتمثل بالرئيس الياس الهراوي ومن بعده بالرئيس إميل لحود. مقابل ترك الشؤون المالية والاقتصادية والإعمارية للرئيس الحريري. على أن ذلك لم يكن يمنع التداخل أحياناً بينهما.


كان لبنان حينها على أعتاب مرحلة جديدة، لكنها لم ترقَ إلى استحقاق تسميته بالجمهورية الثانية. فقد حفلت تلك المرحلة بالخلل وتهميش المسيحيين وحلّ حزب "القوات اللبنانية" واعتقال رئيسه، وعرقلة تنفيذ اتفاق الطائف لجهة إعادة انتشار القوات السورية بعد إقرار الإصلاحات الدستورية.

 

لذلك، شكّلت انتفاضة الاستقلال الثاني أو ما عرف بثورة الأرز (2005) فاتحة الجمهورية الثانية. علماً أنها لم تعمّر كثيراً وشابتها ثغرات عدة واضطرابات متنوّعة أبرزها حوادث 7 أيار واستمرار الاغتيالات وطغيان وصاية السلاح المدعوم من الجمهورية الإسلامية الإيرانية.

 

 

يتنامى اليوم الكلام على ولادة الجمهورية الثالثة، انطلاقاً من التطوّرات الدراماتيكية المتلاحقة في لبنان والمنطقة وصولاً إلى انتخاب رئيس للجمهورية وتكليف رئيس للحكومة العتيدة من خارج المنظومة السياسية التي تحكّمت بلبنان منذ فترة طويلة.



واللافت أن ثنائية الرئيس جوزاف عون والقاضي نواف سلام فرضت نفسها من دون افتعال وبشكل تلقائي، في ما يشبه التكامل بين الشخصيتين والدورين. فرئيس الجمهورية آتٍ من المؤسسة العسكرية التي خبر من خلالها ولا سيّما في السنوات الصعبة الأخيرة كواليس السياسة وهوامشها، وبخاصة في ظلّ التغيير الذي طرأ على المعادلة السائدة بانكفاء "حزب اللّه" وسقوط النظام السوري وصولاً إلى وقف النار في غزة مع التراجع الهائل لحركة "حماس" وانفتاح المدى على تركيبة جديدة للقطاع.

 

 

أمّا الرئيس سلام، فيأتي من خلفية دبلوماسية وقانونية بتوجّهات إصلاحية بعيداً من الحسابات السياسية التقليدية، ما يجعله أفضل خيار لقيادة التوجه الإصلاحي الذي وضعه الرئيس عون أساساً في جملة أولويات عهده. وبالتالي، من الطبيعي أن تكون المهمة الأساسية للرئيس عون وبالتنسيق مع رئيس الحكومة، قيادة البلاد إلى مرحلة وطنية وسياسية جديدة أبرز طموحاتها استعادة السيادة الناجزة للدولة وتطبيق القرارات الدولية وفي مقدّمها الـ1701 والإشراف على انتظام الحياة الدستورية والمؤسسات، بعيداً من المحاصصات والصفقات السياسية. أما دور الرئيس سلام ودائماً بالتنسيق مع رئيس الجمهورية، فهو قيادة البلاد إلى جملة إصلاحات بنيوية وإلى التزام معايير الشفافية والتأكيد على المحاسبة والمساءلة. وهذا كلّه يقتضي مواكبة تشريعية نشطة يقودها رئيس المجلس.

 

 

بما خصّ التشكيلة الحكومية والشروط التي يطرحها "الثنائي الشيعي"، تقول أوساط عليمة مواكبة إن ما كان يصحّ من تدخل في التعيينات الأمنية لم يعد يصحّ اليوم، لا سيما بوجود العماد جوزاف عون في قصر بعبدا باعتبار أنه يمثل ضمانة كافية، وأن له الكلمة الأولى في هذا الإطار.

 

 

وبالنسبة إلى حقيبة المالية التي يريد الثنائي إبقاءها من حصته، فإن التوجّه هو لإبعاد الهيمنة السياسية المباشرة ما أمكن، ولو رسا الأمر على اسم شيعي. علماً أن حجة التوقيع الثالث لوزير المال الشيعي لا تعني التوازن في الشراكة مقابل توقيع كلّ من رئيس الجمهورية الماروني ورئيس الحكومة السنّي، والدليل أن رئيس الجمهورية إذا رفض التوقيع على أي قانون أو مرسوم، وأصرّ مجلس النواب أو الحكومة على القانون أو المرسوم، وانقضت مهلة المراجعة من دون البتّ بها، يتم تجاوز توقيع رئيس الجمهورية بكل بساطة ووفقاً للدستور. ولذلك الحريّ أن يشكو المسيحيون من هذا الخلل، بدلاً من تشكّي "الثنائي". علماً أن رئيس المجلس النيابي، له مجال واسع واستنسابي أيضاً في التصرف حيال مشاريع القوانين المحالة على المجلس، وصولاً إلى حجزها أو تأخيرها، ما يجعله بشكل أو بآخر شريكاً في جانب من جوانب السلطة التنفيذية.

| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) اضغط هنا

 

تسجل في النشرة اليومية عبر البريد الالكتروني