لنبدّد هواجس كل الأطراف لا الثنائي فقط.. طاولة حوار رئاسية جدّية بقرارات تنفيذية
لنبدّد هواجس كل الأطراف لا الثنائي فقط.. طاولة حوار رئاسية جدّية بقرارات تنفيذية

أخبار البلد - Friday, January 17, 2025 5:55:00 AM

غاصب المختار-اللواء

 

صحيح انه بدأ انتظام الحياة الدستورية والمؤسساتية والسياسية بعد انتخاب رئيس للجمهورية وتكليف الدكتور نواف سلام تشكيل الحكومة، لكنها خطوة أولى مهمة في رحلة الألف ميل التي يتوجب على الرئيسين جوزاف عون وسلام اجتيازها للوصول الى تحقيق برنامجيهما في إعادة بناء الدولة وتثبيت الوضع العام على استقرار دائم لا مترنح أو هشّ، نتيجة استمرار الخلافات والانقسامات السياسية حول كيفية إدارة الدولة، وهو ما ظهر في موقف ثنائي أمل وحزب لله من تسمية سلام ومن أمور أخرى تتعلق بتشكيل الحكومة وإدارة الدولة والمشاركة، وكيفية معالجة وضع الجنوب، واعتبار ذلك انقلاباً سياسياً على التفاهمات التي جرت قبيل انتخاب الرئيس عون.

ومن دون الغوص في نقاش صوابية موقف الثنائي أو عدمه، فما لفت الانتباه خلال استشارات التكليف ومن ثم التأليف، مواقف بعض الأطراف السياسية الداخلية من وضعية الثنائي في إدارة الدولة وفي اللعبة السياسية عموماً، بحيث صدرت مواقف عالية السقف لا سيما من النائبين جورج عدوان ومارك ضو ومواقف أقلّ حدّة من نواب آخرين مثل ميشال معوض الذي دعا ضمنا الى خروج الثنائي من الحكم والتوجه الى المعارضة، واستشف منها الثنائي انه سيتم التعامل معهما وكأنهما خاسرين ومكسورين، ومعهما ضمناً الطائفة الشيعية خاسرة ومكسورة ولا تستطيع بعد الآن أن تفرض لا شروطها ولا رؤيتها لكيفية إدارة البلاد، برغم الكلام الجميل في التصريحات عن عدم الإقصاء والاستبعاد.

هذا الواقع ثبت على الأرض في ردّات فعل معظم الشارع الشيعي عموماً، عدا موقف كتلتي الثنائي بمقاطعة الاستشارات، ما يعني أولاً كمدخل للحل، ضرورة تبريد بعض الرؤوس الحامية ووقف حملات التشفي والانتقام المباشرة وغير المباشرة. وثانياً البدء في بحث جدّي ومعمّق لهواجس كل الأطراف لا هواجس الثنائي فقط الخارج من حرب طاحنة دمّرت وهجّرت مناطق جمهوره، الذي يطالب الدولة وجميع الأطراف بمن فيهم الثنائي، بإعادة البناء والتعويض قدر الإمكان وعدم الشماتة بما أصابه وتصويره على انه منهزم برغم انه قدّم مئات الشهداء في الحرب.

ولعلّ الرئيسان عون وسلام يبادرا بعد تشكيل الحكومة - سواء شارك فيها الثنائي أم لم يشارك - الى دعوة كل الأطراف للقاء الى طاولة حوار جديّة لا فولكلورية تضع ثوابت قوية لكيفية تحقيق المشاركة في إدارة الدولة، وخريطة طريق لمعالجة كل الأزمات القائمة بدءاً من أولوية إعادة الاعمار، وصولا الى إدارات الدولة (التعيينات بكل جوانبها)، وسبل تحقيق الإصلاحات التي اتفقت جميع القوى السياسية من تقليديين وتغييرين ومستقلين ومجتمع مدني على الضرورة القصوى لإجرائها، والبدء بمسيرة تطبيق ما لم يطبّق من اتفاق الطائف، وتوضيح أو تعديل بعض بنوده الغامضة أو الملتبسة أو التي يُساء أو يكثر تفسيرها وطرح الاجتهادات حولها بإقتراحات غبّ الطلب السياسي. ووضع خطوات تنفيذية لكل ما يتم الاتفاق عليه بقوانين أو مراسيم قابلة للتنفيذ ولا تحمل في طياتها ما ينسفها أو يعرقلها.

 

لا شك ان المبادرة بيد الرئيسين عون وسلام، وبعدهما بيد الثنائي أمل وحزب لله وبعدهما سائر القوى السياسية، للسير في إصلاح النظام السياسي اللبناني المهتريء والمسبب للأزمات المتتالية منذ نشؤه، والخطوة الأولى تكون بقانون انتخابي عصري وعادل ويتيح حرية الاختيار للناخب ولا يقيّده بلوائح معلّبة مقفلة لا خيار له فيها سوى القبول على مضض أو الرفض غير المحبّذ أو مقاطعة الانتخابات. والخطوات اللاحقة تبدأ بقانون اللامركزية الإدارية التي يطالب بها منذ سنين كل الأطراف ولم يقدموا على خطوة مفيدة عملية لتحقيقها وتطبيق الإنماء المتوازن، ولا تنتهي بإستقلالية السلطة القضائية بشكل حقيقي وكامل بعيداً عن المحاصصات السياسية والطائفية، ما يتيح تحقيق العدل والمساواة وتشجيع الاستثمارات الخارجية، وصولاً الى إلغاء الطائفية السياسية وفق مسار سريع لا بطيء، وتحويل الدولة من دولة طوائف ومصالح فئوية الى دولة مدنية. هذا عدا بحث كيفية عدم انعكاس الأزمات الخارجية على وضع لبنان الداخلي وتحصينه من الداخل وتحقيق السيادة كاملة كما يقول البعض.

 

هذه شعارات خطاب القسم للرئيس عون ولبيان الرئيس سلام بعد التكليف وللكثير من القوى السياسية، وما لم تعمل كل هذه القوى مجتمعة على تحقيق هذه الأمور التي تعتبر إنجازات وطنية وتاريخية كبرى لها، فإنها لا تكون على مستوى المسؤولية الوطنية لإخراج البلد من أزماته البنيوية ومعالجة مشكلاته اليومية السياسية والاقتصادية والاجتماعية والمعيشية والأمنية ولا تكون أمينة على مصالح البلاد والعباد.

| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) اضغط هنا

 

تسجل في النشرة اليومية عبر البريد الالكتروني