مخزومي انسحب رئيساً لحكومة مؤجلة
مخزومي انسحب رئيساً لحكومة مؤجلة

أخبار البلد - Wednesday, January 15, 2025 3:29:00 PM

كعادته في تغليب المصلحة الوطنية على المصلحة الشخصية، بادر رئيس حزب "الحوار الوطني" النائب فؤاد مخزومي للانسحاب من الاستحقاق الحكومي، متصرفًا كرجل دولة ومتماهيًا مع توجّه وطني شبه جامع، ولو فجأة، على خيار آخر لرئاسة الحكومة تمثل بالقاضي نواف سلام.

 مرة أخرى يخطو مخزومي خطوة جريئة متجردًا من أي مصلحة شخصية، مع أن رئاسة الحكومة كانت قاب قوسين أو أدنى من أن تؤول إليه بعدما رشّحته قوى المعارضة، منطلقًا من رصيد أولي يتكون من 40 صوتا، كان يمكن أن يرتفع بانضمام كتل أخرى إليه  كالتيار الوطني الحرالذي تماهى معه وكان في طور تأييده، فيما كانت كتلتا "القوات اللبنانية" وحزب الكتائب، القاعدة الصلبة الداعمة لترشيحه حتى اللحظة الأخيرة التي سبقت انسحابه الذي حصل بعيدًا من أي ضغوط أو إكراه.

والرّجل كان يمكن أن يفوز لو أصرّ على الاستمرار في ترشيحه، لأن النواب التغييريين عندما سوقوا لترشيح سلام لم يتمكنوا من أن يجمعوا له أكثر من سبعة أصوات قبل أن تطغى الإرادات الرّاعية لمخاض إخراج لبنان من أزماته في تأثيرها على الإرادات الداخلية وتدفعها لاعتناق خيار نواف سلام. حتى الساعات الأخيرة التي سبقت الاستشارات النيابية لم يأبه مخزومي لمحاولات البعض، من حلفاء وغير حلفاء، لإقناعه بالانسحاب من السباق في مواجهة الرئيس نجيب ميقاتي، الذي كان مدعومًا من كتلتي "الثنائي الشيعي" وكتل ونواب آخرين، وكان بإمكان مخزومي الاستمرار والفوز على ميقاتي وسلام، قبل أن يحصل ذلك "التسونامي" النيابي المفاجىء الذي دُبِّر بليل وغيّر وبدّل في الخيارات والقرارات وصبّ لمصلحة سلام بعد أن كان قد غادر بيروت إلى لاهاي صباحًا لاقتناعه بأن حظوظه معدومة. ولكن لو لم يحصل ذلك التسونامي ومر السباق طبيعيًا، لكان مخزومي فاز على ميقاتي وسلام معًا لأن توزع الأصوات النيابية كان يشير إلى أن اكثريتها ستصب في مصلحته.

إلا أن مخزومي وبحسّ رجل الدولة المسؤول، بادر للانسحاب لمصلحة سلام، غير راغب في تحدي هذا التسونامي الداخلي والخارجي الجارف الذي تكوّن فجأة لمصلحة الأخير، خصوصًا أن مخزومي لمس أن هذا التسونامي  غايته الأساسية إخراج رجال الحقبة القديمة من السلطة ومنع عودتهم إليها، وهو لطالما عمل ولا يزال على مواجهة تسلط هؤلاء على الدولة ومؤسساتها بغية فتح آفاق الإصلاح والتغيير الحقيقيين اللذين يؤديان لبناء الدولة العصرية والعادلة التي يتوق إليها اللبنانيون بكل أطيافهم.

ولأجل كل هذا، بادر مخزومي للانسحاب ومحض التأييد لرئيس الحكومة المكلف الجديد وذلك انطلاقًا من حسس وطني عالي المستوى متحملًا المسؤولية التي يتحلى بها رجال الدولة عادة في اللحظات المصيرية، ومتجردًا ومتنزهًا من أي مصلحة شخصية عابرًا إلى التعاون مع الآخرين لخدمة مصلحة لبنان وصناعة المستقبل الذي يليق به في هذا العالم المتغير.

وبهذا المعنى يعتبر كثيرون أن مخزومي قد فاز برئاسة الحكومة من دون أن يتبوأها، بل يمكن القول إنه فاز برئاسة حكومة مؤجلة سيشكلها يومًا. ولكنه مع انسحابه يشعر باطمئنان إلى أن الأهداف الإصلاحية والتغييرية التي يصبو إليها وضعت على سكة الإنجاز، وكذلك يشعر باطمئنان إلى أن لكل انسان في حينه فرصة المساهمة في هذه الورشة الوطنية الكبرى، فاليوم ابتسمت الفرصة لنواف سلام ولكن باب الفرص ومفاجآتها يبقى مفتوحًا أمام الجميع في هذا الوطن الصغير...

ولعلم الجميع، إن فؤاد مخزومي كان الوحيد الذي نطق باسم نواف سلام وتفرّد بتسميته لرئاسة الحكومة قبل بضع سنين يوم رفضه الجميع، معارضة وموالاة، وذهبوا لتسمية شخصيات أخرى.

| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) اضغط هنا

 

تسجل في النشرة اليومية عبر البريد الالكتروني