التنمر على المسرحيين... من الشبيحة الجدد
التنمر على المسرحيين... من الشبيحة الجدد

خاص - Saturday, January 4, 2025 1:57:00 PM

جو قديح

يستعيد المسرح عافيته في لبنان، حيث عادت الحياة الثقافية، وإن بشكل خجول. اللافت أن العديد من الصالات فتحت أبوابها قبل الأحداث الأخيرة، لكنها ما لبثت أن أغلقتها بانتظار نهاية العاصفة الهوجاء.
تحولت عدة مسارح في بيروت (مشكورةً) إلى مساكن افترش أرضها النازحون من المناطق الأكثر تضرراً، بينما انتظر البعض الآخر بفارغ الصبر استعادة النشاطات الثقافية، بغية تحقيق أرباح مادية، تنفيذ عقود موقعة مسبقاً، أو تفعيل آليات عمل الخشبة التي انتظرت طويلاً في الظلام وتعطشت لأقدام الممثلين وتصفيق المشاهدين.
إضافة إلى ذلك، ألغت بعض المسارح عروضاً مع فنانين من الخارج أو أجلتها.

هنا لا بد من ذكر مسرحية المخرج الكندي من جذور لبنانية، وجدي معوض، التي منعت قبل الأزمة. وقد تبين أن التهم والمزاعم المحرّضة وُجهت بسبب حزازيات سابقة، محسوبيات، وحسد. انتشر وقتها تسجيل صوتي تحريضي ضد معوض اتهمه بأنه مطبّع مع العدو، لكن صاحبة هذا التسجيل سرعان ما استقبلت مسرحية أخرى كان طاقمها الفني قد زار إسرائيل سابقاً.
الكثير ممن يدّعون الفن (بعضهن ينتمين لجمعيات ذات أهداف مسيئة، وبعضهن اختلسن المال العام من وزارات)، مارسوا ضغوطاً خبيثة من هذا النوع على زملائهم. هذه الأساليب لا تشبه إلا الحاقدين والحاقدات، والشجرة المثمرة هي التي تُرمى بالحجارة.

الغريب أن مسرح المونو، كما المخرجين الذين تعاملوا معه وفريق المونو الفني، كانوا عرضة للتنمر، حملات التحريض، وضغوطات متتالية عبر وسائل التواصل الاجتماعي، مما أربك إدارته الجديدة.
عُرف لاحقاً أن بعض المحرّضين مثلوا أمام مكتب جرائم المعلوماتية ليتبين أن الادعاءات والافتراءات هي محض خيال للإيذاء، أو لتتميم أجندات منظمات غير حكومية.

هنا لا بد من أخذ المبادرة جدياً من قبل الوزارات المختصة، كوزارة الثقافة ووزارة الإعلام، نقابات الممثلين والقضاء المختص، دون أي استنسابية.
يجب أن تُطبق القوانين التي تحمي الفنانين والمسارح من بعض المغرضين من أهل الكار أو من يدّعون أنهم ناشطون (مثل س.ع. التي ادعت أنها ناشطة، ومثلت 4 مرات أمام الأجهزة المختصة وهي من ذوي السوابق).

لا يجوز أن تُمنع لقمة العيش عن الفنانين في وقت تتلقى فيه بعض الجهات مساعدات خاصة (مشكورة). هناك صالات كثيرة تفتح أبوابها اليوم في بيروت، وهذه ظاهرة رائعة تدل على أن الشعب اللبناني أقوى من كل المصاعب. لكن يجب تطبيق القوانين التي تحمي هذه الصالات وعروضها، وتجريم كل من يسيء إليها بأقصى العقوبات، سواء كان من أهل المسرح أو غيرهم.

الأمن العام، إضافة إلى دوره في مراقبة النصوص والعروض، يجب أن ينسق مع الوزارات والقضاء المختصين لحماية الفنانين وصون حرية التعبير، ومنع ديكتاتورية جديدة يمارسها بعض المستفيدين المعتدين على حقوق الفنانين.

نموذج الحريات الذي وضعه الغرب بعد الثورة الفرنسية يعاقب على القدح والذم والتنمر الإلكتروني (Cyberbullying) بقوانين صارمة. في لندن، عام 2022، أوقف أكثر من 3300 شخص بتهم التشهير، بينما في فرنسا، يعاقب القانون التنمر الإلكتروني بالسجن أو غرامات باهظة. أما في لبنان، فأصبح التواصل الاجتماعي مباحاً لكل أشكال الشتائم والإساءات، في ظل غياب تطبيق القوانين وحماية الحقوق.

إن استمر هذا التغاضي، قد يدفع البعض إلى أخذ حقهم بأيديهم، وهذا ما لا نريده.
الفنانون ليسوا مكسر عصا؛ هم من يزرعون البسمة وينشرون الثقافة في المجتمع. القضاء اللبناني مطالب بإنصافهم، كما فعل مع السيدة داغر التي دُفع لها مبلغ مالي كبير (30,000 دولار أميركي) تعويضاً على التعدي عليها وعلى سمعة عائلتها.

الحريات والمسارح تحتاج إلى حماية بقوانين صارمة ونقابات فاعلة. القضاء اللبناني يجب أن يكون أكثر صرامة وعدلاً لحماية أهل المسرح، والتصدي لمحاولات الهيمنة والإفساد باسم الحريات. القوانين موجودة، وما ينقص هو تطبيقها بحزم وعدالة.

 

جو قديح

| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) اضغط هنا

 

تسجل في النشرة اليومية عبر البريد الالكتروني