ناجي شربل وأحمد عزالدين - الأنباء الكويتية
بالأيام، بل بالساعات يحسب اللبنانيون الفترة الفاصلة عن شهر يناير ومطلع السنة المقبلة، والتي سيشهد شهرها الأول ملفين مفصليين يحددان مستقبل لبنان ومصيره. الأول: الملف الرئاسي وانتخاب رئيس للجمهورية، وما يعول على هذه المناسبة التي ينظر إليها الجميع على أنها ليست عملية انتخاب عادية وروتينية كما سابقاتها، بل انها ستفتح الباب أمام قيام الدولة التي تترنح منذ اشتعال الحرب الأهلية في العام 1975، وان شهدت بعض الاستقرار في تسعينيات القرن الماضي.
والملف الثاني: انتهاء مهلة الستين يوما التي نص عليها اتفاق وقف إطلاق النار، بما يعني انسحاب القوات الإسرائيلية من كل الأراضي اللبنانية التي توغلت فيها، وانتشار الجيش اللبناني، مع ما يستتبع ذلك من وقف الممارسات العدوانية التي تمارس تحت عنوان تدمير البنى التحتية العسكرية لـ «حزب الله» جنوب الليطاني.
في موضوع الملف الرئاسي، قالت مصادر مطلعة لـ «الأنباء»: «الآمال الكبيرة المعولة على العهد الجديد الذي يحظى باهتمام محلي ورعاية إقليمية ودولية، تفرض على كل الأحزاب والكتل النيابية الحذر وعدم التسرع في إعلان مواقفها. وهي بالتالي تحاول انتظار اللحظة الأخيرة. وربما يسهم في هذا التردد عدم إجماع أعضاء «اللجنة الخماسية» الدولية - العربية على اتخاذ موقف موحد وحاسم من شخص الرئيس المقبل. ويخفي سفراء اللجنة هذا التباين من خلال الحديث عن المواصفات وترك أمر اختيار الشخص إلى الكتل النيابية، وتوافقها على مرشح يلبي متطلبات المرحلة».
وأضافت المصادر: «عملية الاختيار ليست بالأمر السهل، وسط هذا العدد من المرشحين الذين يتحركون في كل الاتجاهات بحثا عن تأييد من هنا أو من هناك».
وأشارت المصادر «إلى ان كلمة السر لم تتقرر بعد، وان كل فريق يفهمها على هواه من خلال الاتصالات التي يجريها سفراء الخماسية مع مختلف الأطراف بعيدا من الأضواء. وقد تكون عطلة الأعياد التي تبدأ اليوم، مناسبة لتوسيع دائرة الاتصالات تحت عنوان المعايدات بين الأطراف المختلفة، لعلها تسهم في حلحلة بعض العقد وإعادة الحرارة إلى قنوات اتصال تكتنفها الكثير من البرودة».
ووسط المراوحة السياسية حول بلورة المواقف في شأن الاستحقاق الرئاسي، ثمة اتفاق غير معلن بين مختلف الأطراف السياسية والكتل النيابية، بانتخاب رئيس لا يشكل استفزازا لأي فريق أو تحديا له، وان كانت النصائح الإقليمية والدولية بضرورة انتخاب رئيس بأكثرية تفوق الثلثين كي يكون متحررا ومطلق اليدين، لاتخاذ الخطوات المصيرية التي ينتظرها لبنان.
وفي هذا الإطار، فإن لجنة مصغرة للمعارضة تتحرك وتبحث عن قواسم مشتركة تؤدي إلى اتفاق على مرشح تستطيع ان تخوض به معركة رئاسية قوية، تؤدي إلى تحقيق هدف راودها منذ أعوام، خصوصا انها متهمة اليوم بالسعي إلى تأجيل جلسة الانتخاب، بعدما كانت على مدى السنتين والشهرين الماضيين تتهم رئيس المجلس نبيه بري وفريقه النيابي والسياسي بأنه يعطل انتخاب رئيس الجمهورية من خلال تعطيل النصاب. فيما هي عاجزة اليوم عن تقديم نفسها على انها فريق متماسك صاحب خيار واضح، ويسعى إلى تحقيق سيادة لبنان وحرية قراره.
وفي ظل هذه الأجواء الضبابية وعدم إقدام الأطراف على اتخاذ خطوات جريئة للذهاب بخطى واضحة نحو جلسة التاسع من يناير، ذكر مصدر أمني ان الموفد الأميركي آموس هوكشتاين سيزور لبنان مطلع الشهر المقبل، وان مهمته لن تنحصر في الجدل القائم حول البطء الإسرائيلي بتنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار وعدم التزام إسرائيل بمندرجاته، بل ان الموضوع الرئاسي في صلب هدف زيارته.
ولا تستبعد المصادر ان يحمل هوكشتاين كلمة السر حول المرشح الذي يضيء الشارة الخضراء نحو جلسة الانتخاب الرئاسية، والتي يمكن ان تضع قطار حل الأزمات اللبنانية على السكة، خصوصا ان الكثير من التحديات تواجه قيامة لبنان، وتتطلب قرارات جريئة وتعاون كل القوى السياسية للاستفادة من اللحظة التاريخية التي تساعد في إعادة بناء الدولة.
كلمة السر المتوقعة من هوكشتاين مرجحة ان تحمل اسم قائد الجيش العماد جوزف عون إلى الرئيس نبيه بري، تمهيدا لقيام الأخير بإزالة العوائق التي تعترض طريق العماد عون إلى القصر، وواجهتها دستورية بتعديل دستوري يحتاج إليه قائد الجيش.
أما ترك الأميركيين الخيار مفتوحا للتنافس بين مرشحين عدة في جلسة 9 يناير، فدونه شكوك لاعتبارات عدة، في طليعتها اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل التي كانت للولايات المتحدة الأميركية عبر مبعوث الرئيس جو بايدن الوسيط آموس هوكشتاين اليد الطولى في الوصول إليه.
وشهدت السرايا الحكومية بعد ظهر أمس اجتماعا للجنة الإشراف على تطبيق وقف إطلاق النار بحضور رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي. ويأتي الاجتماع في إطار رغبة لبنان في حث إسرائيل عبر اللجنة على التنفيذ الجدي وغير الكيفي للاتفاق.
في المواقف، قال البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي في رسالة الميلاد التي وجهها من الصرح البطريركي في بكركي: «نتطلع بثقة وتفاؤل إلى التاسع من يناير المقبل، وهو اليوم المحدد لانتخاب رئيس للجمهورية بعد فراغ مخز دام سنتين وشهرين، خلافا للدستور، ومن دون أي مبرر لهذا الفراغ، سوى عدم الثقة بالنفس لدى نواب الأمة، في انتظار مجيء الاسم من الخارج».
وكرر الراعي الدعوة إلى حياد لبنان، قائلا: «لا خلاص للبنان إلا بالعودة إلى ثقافة الحياد الإيجابي الناشط، الذي يجعل منه ما هو في طبيعة نظامه السياسي، فيكون فيه جيش واحد لا جيشان، وسياسة واحدة لا سياستان، ولا يدخل في حروب ونزاعات أو أحلاف، بل يحافظ بقواه الذاتية على سيادة أراضيه ويدافع عنها بوجه كل معتد، ولا يتدخل في شؤون الدول».
وفي الوضع الجنوبي، سيشهد شهر يناير انتهاء مهلة الـ 60 يوما التي نص عليها اتفاق وقف إطلاق النار، والذي بدأ سريانه في 27 نوفمبر الماضي. وتستغله القوات الإسرائيلية في شكل سلبي، إذ تقوم بأعمال عدوانية واسعة وعمليات تدمير مرفقة بتهديدات. ويأتي حديثها عن اكتشاف أنفاق ومخابئ أسلحة لتغطية الأعمال العدوانية التي تمارسها، وبالتالي فإنها مطالبة بوقف هذه الممارسات مع انتهاء المهلة، وترك الأمر إلى الجيش اللبناني ولجنة الإشراف على وقف النار، وإلا فإن الوضع سيذهب إلى مكان آخر. وعلى الرغم من كل الاحتجاجات اللبنانية والمطالبات الدولية فإن إسرائيل تضاعف من عدوانها وخروقاتها. ففي حين جرفت أحياء بكاملها في بلدة كفركلا المحتلة، فإن مسيرة أغارت على بلدة الطيبة، ما أدى إلى مقتل 3 أشخاص وإصابة رابع. كما عمدت إلى رفع العلم الإسرائيلي على مدخل بلدة الناقورة مقر قيادة القوات الدولية، وكذلك أغلقت مداخل عدد من البلدات الجنوبية بالعوائق الاسمنتية.
|
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp)
اضغط هنا