أحمد منصور - الأنباء الكويتية
تشكل منطقة العرقوب في قضاء حاصبيا خاصرة لبنان الجنوبية - الشرقية، أهمية إستراتيجية كبيرة بالنسبة إلى الكيان الإسرائيلي، لاسيما منطقة شبعا ومزارعها وسفوح جبل الشيخ، والتي تعتبرها إسرائيل جزءا من حلمها بـ «إسرائيل الكبرى»، والدلالة على ذلك احتفاظها باحتلال مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وبعض الأراضي اللبنانية كبلدة الغجر، وعدم انسحابها منها عام 2000 تاريخ اندحارها من جنوب لبنان.
وعلى خلفية تعقيدات الأوضاع الجنوبية، جراء الاحتلال والحرب الإسرائيلية على لبنان والتوسع باحتلال الأراضي السورية، توقفت مصادر معنية بالوضع الجنوبي عند التحركات الإسرائيلية في جبهة الجولان السوري المحتل، فاعتبرت «أن إسرائيل تعيش العصر الذهبي في ضوء التطورات الحاصلة بغزة ولبنان وسورية، وتراها تتحين الفرص وتستغل الظروف المناسبة لها لتحقيق حلمها بقيام إسرائيل الكبرى، على وقع صمت المجتمع الدولي».
وأكدت المصادر «أن تقدم إسرائيل مؤخرا واحتلالها المنطقة المنزوعة السلاح مع سورية، واحتلالها لعدد من البلدات السورية وجبل الشيخ، دليل قاطع على النوايا المبيتة والخبيثة للعدو، الذي يريد التوسع وقضم المزيد من الأراضي العربية، تحت ذرائع ومزاعم الحماية والدفاع عن النفس، في نقطة استراتيجية لتصبح تحت مرأى وأنظار العيون الإسرائيلية، تكشف من خلالها معظم الدول العربية وغالبية المدن والقرى السورية وصولا حتى الساحل، بما في ذلك منطقة البقاع في لبنان، من أعلى نقطة إستراتيجية في الشرق الأوسط وهي جبل الشيخ».
وتحاول مجددا إسرائيل ان تصنع درعا واقية لها على طول الحدود اللبنانية، من خلال احتلالها لعدد من البلدات اللبنانية الحدودية، والقيام بعمليات الجرف والتفجير لما تبقى من منازل، لتكون مناطق مكشوفة أمامهم، لتعميم ثقافة الموت، ومحاولة منع الأهالي من التفكير بالعودة إلى قراهم وبلداتهم وأراضيهم، لكن يبدو أن كل محاولاتها باءت بالفشل في ظل إصرار وعناد الشعب اللبناني بتمسكه بأرضه وتاريخه وجذوره مهما كانت التضحيات».
وأمام هذا الواقع على الأرض، قال رئيس بلدية شبعا محمد صعب لـ «الأنباء»: «تقع شبعا ومزارعها على المثلث الذي يربط بين لبنان وسورية وفلسطين. وكانت هذه المنطقة ممرا للقوافل باتجاه فلسطين من لبنان وسورية قبل الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين عام 1948، ولموقعها الجغرافي خصوصية وأهمية استراتيجية، وتحاول إسرائيل السيطرة عليها كليا لتكون ضمن دولة الكيان الغاصب».
واعتبر صعب «أن عين إسرائيل على هذه المنطقة ليست جديدة، وقد احتلتها في حرب 1967. واليوم تستكمل توسعها في سفوح جبل الشيخ، وهذا أمر خطير جدا على لبنان والدول العربية، التي باتت مهددة هي أيضا بالاحتلالات الإسرائيلية، عندما تسنح لها الظروف، وهي تحاول إبعاد سكان القرى الحدودية وتهجيرهم».
وذكر صعب «أن أهالي شبعا تحدوا الجيش الإسرائيلي، ولم يكترثوا لتهديداته وتحذيراته بترهيبهم من العودة. وتوغل القوات الإسرائيلية بمنطقة البيادر في خراج شبعا، التي تؤدي إلى بلدة كفرشوبا، فتحرك الأهالي بعد وقف إطلاق النار وعادوا بنسبة 60% إلى البلدة لتفقد منازلهم وممتلكاتهم، إذ ان الأضرار متفاوتة في العديد من المنازل، إضافة إلى تدمير أكثر من 40 منزلا بشكل كلي جراء الغارات والقصف المدفعي الإسرائيلي».
ولفت إلى «تخوف الجميع من الانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة لوقف إطلاق النار».
وأشار إلى «أن التوسع الإسرائيلي في احتلال سفح جبل الشيخ وصولا إلى مشارف راشيا الوادي في الجبال، حيث شقت الطرقات وتمركز الجنود من جيش العدو في الجبال، لذا نحن في حالة خوف من احتلال إسرائيل مجددا للمنطقة».
وتابع: «ان وجودنا في أرضنا والتمسك بها هو نوع من المقاومة في حد ذاتها. لن نترك بيوتنا وأرزاقنا للمحتل الإسرائيلي الطامع بأرضنا والراغب في احتلالها». وشدد على أن «مزارع شبعا لبنانية بامتياز، وغالبية الأهالي في شبعا يملكون صكوكا ومستندات تاريخية منذ عهد الفرنسيين بملكية الأراضي في مزارع شبعا».
ولفت إلى ان «الاحتلال الإسرائيلي يعلم جيدا هذا الأمر، لكنه يستغل النزاع الحاصل للاحتفاظ بموقعه الإستراتيجي لحماية كيانه. وكان الاحتلال يعطي أهالي شبعا قبل العام 2000 تصريحا لدخول المزارعين إلى أراضيهم وقطاف محاصيلهم الزراعية من الزيتون».
وناشد الدول العربية «مساعدة قرى منطقة العرقوب».
من جهته، أشار رئيس بلدية كفرشوبا قاسم القادري، إلى أن بلدته تعرضت لنزوح كامل بنسبة 100% نتيجة القصف والغارات الإسرائيلية المتواصلة. وأحصي تدمير أكثر من 150 منزلا من أصل حوالي 800 وحدة سكنية. «أما الأضرار الأخرى فيصعب علينا تحديدها بسبب عدم قدرتنا على الوصول إلى البلدة في الوضع الحالي».
وأضاف: «نحن البلدة الوحيدة من قرى العرقوب التي لم يعد أهلها بعد، بسبب التهديدات والتحذيرات الإسرائيلية. كفرشوبا من البلدات الحدودية التي لم تنسحب منها إسرائيل عام 2000. ولاتزال تحتل تلالها ومناطق المرج والخرايب وغيرها بحدود 3 كيلومترات.
وقال: «نحن في انتظار قرار اللجنة الخماسية ودخول الجيش اللبناني لنتمكن من العودة. ورغم ذلك غامر عدد من الأهالي ودخلوا إلى البلدة بمبادرات فردية، ونظرا إلى خطورة الوضع وحرصا على سلامة المواطنين من العدو الإسرائيلي، قام الجيش اللبناني بمنع دخول المواطنين حفاظا على سلامتهم وأرواهم من النيران الإسرائيلية وإمكانية أن تكون هناك قنابل وصواريخ غير منفجرة إلى ألغام وقنابل عنقودية».
وأكد رئيس البلدية «نقلا عن الأهالي الذين دخلوا إلى البلدة ثم غادروها، أن نسبة الدمار والخراب كبيرة. لا مياه ولا كهرباء وجميع مقومات الحياة غير متوافرة».
وشدد على أن أبناء البلدة يصرون على «العودة إلى منازلهم. إلا ان كفرشوبا تتعرض للمرة الخامسة إلى الدمار على أيدي القوات الإسرائيلية هي وقرى العرقوب، منذ أيام المقاومة الفلسطينية عام 1968 وحتى تاريخه».
وقال: «نزحنا اكثر من مرة وأصبنا بخسائر مادية كبيرة في الزراعة والثروة الحيوانية والأرواح. ندفع ضريبة الموقع الجغرافي، كوننا نقطة وصل ما بين فلسطين ولبنان وسورية. وأي حدث في هذه الأقطار الثلاثة له تأثير سلبي علينا، ونحن في الوقت عينه ندفع ضريبة الالتزام بحقنا في أرضنا المحتلة، وبالقضية الفلسطينية.. وندفع ضريبة المغامرات غير المحسوبة. وحن مع قيام دولة عادلة مبنية على المواطنة، لا دولة كيانات طائفية ومذهبية».
ورأى «أن الانتهاكات الإسرائيلية تخيف الأهالي، إذ لا يمكن الركون إلى إسرائيل». وأبدى «تخوفا كبيرا من احتلال إسرائيل لسفح جبل الشيخ ومناطق عدة في الجولان السوري».
وشدد على «عدم التفريط بأرضنا وحقوقنا، التي سنعود إليها مهما كانت الخسائر والتحديات. أشكال المقاومة تختلف، لذا ليس من الضروري أن نقاوم بالسلاح نتيجة اختلال موازين القوى والغلبة والهيمنة، بل نستطيع بالكلمة والموقف وبالطرق السلمية المتاحة».
وعن كيفية استرداد تلال كفرشوبا وأراضي البلدة المحتلة، قال: «نحن جزء من الدولة اللبنانية، وهذا الأمر يقع على عاتقها كونها عضو في جامعة الدول العربية. وهذا الموضوع يتطلب جهودا مع المجتمع الدولي والرأي العام العالمي الحر المناهض لإسرائيل، والمدافع عن حقوق الشعوب في تقرير مصيرها والدفاع عن أمنها».
|
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp)
اضغط هنا