لوسي بارسخيان
نداء الوطن
23- 12- 2024 إحفظوا جيداً هذا التاريخ. هو اليوم الذي بسط فيه الجيش اللبناني يد السيادة على آخر مواقع فلول نظام الأسد في البقاع، وسيطر على أهم موقع عسكري فلسطيني تابع للجبهة الشعبية - القيادة العامة، في لبنان. إنه موقع "قوسايا" الشهير. هو الذي شكّل من مكان انتشاره، على نصف مساحة البلدة في جردها العالي، انتهاكاً صارخاً لسيادة لبنان منذ تاريخ تأسيسه في العام 1982.
لأعوامٍ، استسلم أهالي بلدات شرقي زحلة، التي تمترس "السلاح الفلسطيني خارج المخيمات" في ثلاثة منها، لـ "أمر واقع" مصادرة ممتلكاتهم، ومعها حريتهم في الانتقال إليها، فبلعوا الموسى صمتاً عن ارتكاباته. ولم "يفقأ" عناصره لهم عيناً، ولو بعملية واحدة نفذوها بوجه العدو الإسرائيلي. لا بل آخر حدث أمني وقع في المعسكر في 31 أيار الماضي، كما يقول الأهالي، تبين أنه نتج عن انفجار صواريخه بوجه عناصره.
تحرّر أصحاب الأرض، فتكلموا. لا بل علّوا أصواتهم، وكأنهم كانوا يريدون أن يسمعوها، ليصدّقوا بأنهم ليسوا في حلم، وأنها فعلاً صفحة من التحرر التام من سطوة نظام الأسد، ذلك التحرر الذي بقي منقوصاً عند خروج جيشه من لبنان في العام 2005.
تحرّرت مع الموقع المستعاد إلى أحضان الشرعية الألسن أيضاً، لتتحدث عن خبايا أربع مغاور. إحدى تلك المغاور هي مغارة "بيت معارك"، التي قيل إنها كانت تستخدم معتقلاً للعناصر المعاقبين، وقد شوهد هؤلاء مكبلي الأرجل في تنفيذ عقوبتهم أشغالاً عسكرية بموقع "حشمش". أما المغاور الثلاث الباقية أي "المال"، "الهوة" و"العصافير"، فكلّها تحولت مخازن للأسلحة والأعتدة، وبعض هذه الأسلحة أدخل الى الموقع بعيد حرب نهر البارد. أثناء تلك الحرب التي دارت مع الجيش اللبناني، يقال إن الأسلحة نقلت على ظهور الحمير، حتى أن أحد هذه الأخيرة، كما يؤكدون، جرت مصادرته من الجيش اللبناني.
بدا واضحاً من خلال مشاهدات مباشرة بواسطة منظار، أن هناك حركة سبقت دخول الجيش إلى الموقع. هذا في وقت ذكر أن عناصر "حزب الله" وحدهم لا يزالون يتنقلون في المكان، على الطريق التي شقها بعرض ستة أمتار، واخترقت أراضيَ أميرية وأخرى خاصة. فيؤكد أحدهم ممن استمروا بالتردد إلى الموقع بعد وساطات عديدة أجراها لزرع أرضه، لا ليبيع إنتاجها إنما ليثبت ملكيتها، بأنه سيمحي أثر تلك الطريق عن أرضه التي جرى احتلال أجزاء منها. فيما يتحدث البعض أيضاً عن وقوعهم ضحية بلطجة، جعلت "لبنانيين" يستعينون بعناصر الموقع الفلسطينيين ليزرعوا أرضاً ليست أرضهم ويستفيدوا من استثمارها.
انتهى عصر هؤلاء الآن، وأحدهم كما يروى، قضى في العدوان الإسرائيلي الأخير الذي استهدف بغارات عدة "أوتوستراد حزب الله" الذي يربط مواقعه بالعمق السوري.
ليبقى المهم أن 42 سنة من "القهر" طويت في بلدة "قوسايا" بمشهد التعزيزات العسكرية اللبنانية التي استحضرت إلى المكان لدخول الموقع. كل أوامر الجيش مقبولة ومطاعة، وحتى تلك التي أبعدت كاميرات وسائل الإعلام عن مدخله. المهم أن الجيش دخل حاملاً العلم اللبناني ورايته ليغرسها في المراكز التي أخلاها المحتلون، بالتزامن أيضاً مع استلام العسكر اللبناني لموقع "حشمش"، قبل أن يواصل مهمته برفع علم لبنان فوق موقع "جبيلة"، "عين البيضا"، "السطان يعقوب" وحلوى. فمبروك للبقاع وللبنان استعادة السيادة.