نداء الوطن
رامي نعيم
تسلّم الجيش اللبناني أمس المواقع العسكرية الفلسطينية خارج المخيمات. وانتظر لبنان هذا الحدث 35 عاماً. فهل تكفي عبارة "أن يأتي متأخراً خير من الّا يأتي؟".
في أي حال شهد لبنان تطوراً جديداً في سياق مرحلة تاريخية بدأت لبنانياً وسورياً ما يشير إلى أن إمساك الجيش بزمام السلاح الفلسطيني غير الشرعي هو خطوة إضافية في هذا المسار. وانفتح الأفق تالياً على خطوات أخرى وأهمها تطبيق القرار 1701 وما له صلة بالقرارين 1559 و1680 ما يعني أن الأنظار متجهة إلى تفكيك البنية العسكرية لـ "حزب الله".بالزغاريد ونثر الأرزّ والورود، دخل قائد الجيش جوزيف عون أمس منطقة مرجعيون الجنوبية، باعتباره ابن الجنوب الجريح، والعارف بخبايا قلوب الجنوبيين وخفاياهم قبل حرب الإسناد وبعدها. وأشعر مشهد العرس الجنوبي بوصول القائد اللبنانيين بسوادهم الأعظم، براحة افتقدوها منذ زمن بعيد، وتظهّرت بردود الفعل والترحيب على وسائل التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى المطالبة بانتخاب عون رئيساً للجمهورية.
إن الشعب نفسه الذي رفض الحرب ولم يكترث "حزب الله" لرفضه، يطالب اليوم بانتخاب جوزيف عون رئيساً للجمهورية. وحتى الساعة لم يكترث "الحزب" لما يطالب به الشعب. حتى أن تبني الرئيس السابق للحزب "التقدمي الإشتراكي" وليد جنبلاط ترشيح جوزيف عون لم يكسر حلقة الجمود الرئاسية.
وفي السياق يبدو أن الشرق الأوسط الجديد، والذي تحدثت عنه كوندوليزا رايس وزيرة الخارجية الاميركية في عهد الرئيس جورج بوش الإبن سيُرسَم بحكم عسكريّ . ففي حين أن تركيا تؤهّل عسكرياً ليخلف الرئيس الحالي رجب طيّب أردوغان، استولى الشرع وبمباركة دولية على الحكم في سوريا، في وقت يتحضّر لبنان لانتخاب عسكريّ على رأس السلطة. ويبدو أن واشنطن اختارت التعامل مع عسكريين حازمين في تنفيذ الاتفاقات الدولية وفي تغيير موازين القوى بعدما عجز السياسيون عن تحقيق ذلك.
وفي العودة إلى جوزيف عون، وتذليل العقبات أمام دخوله القصر الجمهوري في بعبدا، فإن بعض السياسيين اللبنانيين، وبحسب مصادر مقرّبة من البيت الأبيض، لم يقتنعوا بأن التحولات الكبيرة في المنطقة، لم تعد تحتمل إضاعة الوقت في محاولة للضغط على صانعي القرار الدوليين.
وجزمت المصادر الأميركية بأن لا رئيس إلا جوزيف عون، مهما طال أمد الفراغ. لأن لا ثقة للمجتمع الدولي بتنفيذ القرارات الدولية المتعلقة بلبنان، الّا بقائد الجيش الحائز على ثقة الأوروبيين والأميركيين والخليجيين والمُطالب بانتخابه من قبل أكثرية الشعب اللبناني.
وخلُصت المصادر إلى أن جلسة 9 كانون الثاني المقبل، قد لا تشهد انتخاب رئيس لأن التوافق النهائي على قائد الجيش قد يحتاج إلى أكثر من شهر، ما يعني أن انتخاب عون وخروج الاحتلال الإسرائيلي من الجنوب قد يتلازمان، مع تنفيذ كامل بنود الـ 1701 وهو القرار الذي يتضمن خروج الاحتلال الإسرائيلي من الجنوب.
وحذّرت المصادر عبر "نداء الوطن" من محاولة التهرّب من تنفيذ الـقرار 1701، لما لذلك من مخاطر على أمن لبنان وسلامته. كما طالبت المصادر بحثّ رئيس مجلس النواب نبيه برّي على السير في انتخاب قائد الجيش من دون أخذ موافقة "حزب الله" وبركته، باعتبار أن "الحزب" سار في انتخاب الرئيس اللبناني السابق ميشال عون ومن دون موافقة بري.
يبقى أن ننتظر الأسبوعين المقبلَين موعد جلسة انتخاب الرئيس لنرى ماذا سيحصل. فهل تصدق مصادر البيت الأبيض أم أن في جعبة برّي أرنباً جديداً؟