الأخبار
لم يكن مشهد قائد «إدارة العمليات العسكرية»، ورئيس «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع (أبو محمد الجولاني)، للسيارة التي أقلّت رئيس الاستخبارات التركية، إبراهيم قالين، إلى المسجد الأموي، في العاصمة دمشق، مريحاً لـ»قسد» التي تريد معرفة موقعها ومصيرها في سوريا الجديدة، بعد سقوط نظام بشار الأسد، إذ إن الأكراد يَرَون في هذا الحدث تحوّلاً مفصليّاً بالنسبة إلى مشروعهم الذي بدأ قبل أكثر من 12 عاماً، ويحاولون استغلال الدعم العسكري المتواصل لهم، للحصول على أكبر قدْر من المكاسب، وتثبيت نفوذهم في مناطق سيطرتهم في شمال شرق سوريا، وسط استمرار الضغوط العسكرية التركية عليهم عبر فصائل «الجيش الوطني»، والتي لا تزال تهاجمهم في مدينة عين العرب في ريف حلب الشمالي الشرقي.
وعلى رغم دخول الهدنة التي رعتها كلٌّ من الولايات المتحدة وفرنسا بين «قسد» والفصائل الموالية لتركيا، حيّز التنفيذ، إلّا أن الأخيرة أعلنت سيطرتها على «سد تشرين» الاستراتيجي في محيط مدينة عين العرب، في محاولة لمحاصرة المدينة من جهتَيها الشرقية والغربية. ومع هذا، ظهر الميدان أكثر هدوءاً من الأيام الفائتة نتيجة توقُّف الاشتباكات في محاور منبج والطبقة ومسكنة، واقتصارها على جبهة صرين التي عاد إليها الهدوء، بعد ساعات من بدء الهدنة المتوقّع أن تستمرّ لغاية الثلاثاء. ويبدو أن «قسد» تريد استثمار الهدنة لإنجاز ترتيبات تتعلّق بتجهيز وفدين لإطلاق حوارات مباشرة مع كلّ من «إدارة العمليات العسكرية» و»المجلس الوطني» الكردي، وذلك بعد عدة اجتماعات عقدتها مع الدبلوماسيين الأميركيين والفرنسيين في منطقة سيطرتها، وطلبها مساعدتهم في إنجاز هذه الحوارات.
وأكّد هذا التوجه القائد العام لـ»قسد»، مظلوم عبدي، حين قال، في تصريحات إعلامية، إن قيادة مجموعته «ترغب في إرسال وفد إلى دمشق لمناقشة موقعنا في سوريا الجديدة»، كاشفاً أنهم طلبوا مساعدة الأميركيين لإدراج «الإدارة الذاتية» في العملية السياسية السورية. واعتبر أن «الوجود الأميركي في سوريا مهمّ جداً للاستقرار والأمن وحماية شعبنا»، فيما رأى أن «إدارتنا السياسية يمكن أن تكون ممثَّلة في الحكومة الجديدة»، مضيفاً أن «قسد يجب أن تكون جزءاً من القوات المسلحة للبلاد». لكنّ عبدي أكّد أن «ما نسعى إليه هو إدارة لا مركزية في سوريا». ومن جهته، اعتبر القيادي الكردي البارز في «حركة المجتمع الديمقراطي» التي تقود «الإدارة الذاتية»، آلدار خليل، أن «الإدارة هي نموذج للحلّ في سوريا»، مؤكداً أنه ليس لدى الأخيرة أيّ توجه للانفصال. وتوقّع في الموازاة أن «تصل العلاقات مع هيئة تحرير الشام إلى مستوى يمكّننا من التواصل المباشر، وتحقيق مناقشات من شأنها أن تساعد في تطوير الحلّ في سوريا، ومعالجة أغلب القضايا العالقة»، إذ إن «المرحلة الجديدة تتطلّب تحديد آليات التحاور والاتفاق مع الإدارة الجديدة في دمشق، ومن بين الملفات المهمّة اسم البلاد وموازنتها ونمط إدارتها».
وكانت وسائل التواصل الاجتماعي ضجّت بما قيل إنها مسوّدة للتفاهم والاتفاق بين «قسد» و»الهيئة»، على أساس انسحاب الأولى من الطبقة ومنبج وريف دير الزور، والتعهّد بتقديم 50% من واردات الثروات الوطنية للحكومة المركزية، في مقابل انسحاب الفصائل من رأس العين وعفرين وتل أبيض، وأيضاً انسحاب الجيش التركي. ولكنّ الناطق باسم دائرة العلاقات الخارجية في «الإدارة الذاتية»، كمال عاكف، سارع إلى إصدار بيان نفى فيه «ما يتمّ تداوله حول وجود مسوّدة أو تفاهم مع دمشق»، مؤكداً أنه «يتمّ حالياً الإعداد لمرحلة اللقاءات والحوارات بهدف توحيد الآليات والجهود، خدمةً لسوريا وشعبها». وفي الإطار نفسه، أكّدت مصادر مطّلعة، لـ»الأخبار»، أن «قسد تبحث عن حلّ مع هيئة تحرير الشام، يُتفق بموجبه على آلية لإدارة الملف الإداري والاقتصادي والعسكري»، مشيرة إلى أنه «لهذا السبب، رفعت العلم السوري الجديد كحسن نية». وكشفت المصادر أن «قسد تلقّت تطمينات من الأميركيين بأن مناطقها لن تشهد هجمات مهدّدة لوجودها»، مستدركة بأن «أكثر ما يُقلق الكرد، عدم معرفة توجّه إدارة الرئيس دونالد ترامب، المعروف بعلاقاته الجيدة مع تركيا ورئيسها».
|
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp)
اضغط هنا