عقب سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد، توالت الأحاديث عن احتمال تطبيع العلاقات مع إسرائيل بالتزامن مع انتخاب دونالد ترامب رئيسًا للولايات المتحدة حيث يُعتبر "الراعي الرسمي" لحركة التطبيع التي شهدت إقبال كثيف في العقد المنصرم.
ففي ضوء الأحداث والتطورات المتسارعة في المنطقة وعودة الحديث عن السير في تطبيع العلاقات بين تل أبيب والأنظمة العربية، رأى رئيس تحرير الجريدة الأوروبية العربية الدولية خالد زين الدين عبر vdlnews أن "التقارب التركي المصري أسقط ورقة بشار الأسد، وسنشهد تركيبة جديدة في المنطقة وسيحكم مثلث ركائزه تركيا وإيران وإسرائيل، والتخلي الروسي عن الأسد كان نتيجة ضغوط أميركية وتسويات منها ما يتعلق بالملف الأوكراني ومنها ما يتعلق بالملف الآسيوي كون الولايات المتحدة تتنافس مع الصين وروسيا في القارة الآسيوية".
وأضاف: "روسيا تحدها حوالي 16 دولة حليفة لواشنطن وحلف الناتو و3 فقط هم حلفائها والأمن القومي الروسي بخطر كبير فما كان أمام روسيا سوى التخلي عن الأسد لأنها كانت تدرك أن الأخير كان سيسقط عاجلًا أم آجلًا كما أن موسكو تدرك أنها إذا تخلّت عن بشار الأسد سيكون أمرًا إيجابيًا بالنسبة لها سيما بعد تصريح دونالد ترامب الذي أوعز ببدء العمل والمباحثات في ما يتعلق بالأزمة الأوكرانية – الروسية".
كاشفًا عن بعض السيناروهات المحتملة في إطار التسوية الكبرى: "موسكو ستأخذ الجزء التي سيطرت عليه في أوكرانيا كونه جزء لا يتجزأ من الأمن القومي الروسي فضلًا عن أن سكان هذه المناطق هم من أصول روسية ويتكلمون اللغة الروسية أيضًا، كما سيكون لموسكو واجهة بحرية على البحر الأسود من جهة أوكرانيا وستكون لها قاعدة أساسية مطلة على البحر المتوسط في سوريا وذلك بالاتفاق مع الولايات المتحدة وسيكون لروسيا أيضًا دور كبير في حماية الحدود السورية - الإسرائيلية وروسيا مدركة تمامًا أن المتغيرات الدولية في العالم ليست لصالحها إن وقفت بوجه واشنطن إنما هي بحاجة الأسواق الأوروبية لتصريف بضائعها ومنتجاتها ونفطها بحكم القرب الجغرافي الأمر الذي يسهل عملية التجارة برًا".
في المقابل، لفت زين الدين إلى أن "أوروبا بحاجة أيضًا إلى النفط الروسي بحيث ستسمح واشنطن بإعادة ضخه إلى أوروبا تدريجيًا تزامنًا مع رفع العقوبات تدريجيًا بعد الانتهاء من الملف الأوكراني والآسيوي والشرق أوسطي".
وتابع زين الدين: "روسيا بحاجة لعودة التعاون والعلاقات مع الاتحاد الأوروبي لأن امتدادها الجيوسياسي والجغرافي هو في القارة الأوروبية فلا مصلحة لها في عداء الجميع إن كانت تسعى إلى الوصول إلى مكانة دولة محورية لها وزنها، بالإضافة إلى علاقاتها في الشرق الأوسط مع الدول العربية والخليجية لا تستطيع محاربة الولايات المتحدة التي ستقفل الباب أمامها كون الدول العربية تربطها علاقة وطيدة مع الدولة العميقة في الولايات المتحدة".
أما في ما يتعلق باحتمالية تطبيع العلاقات بين سوريا وإسرائيل، أشار زين الدين إلى أن "ترمب هو أكثر صرامة وشدة من أي إدارة أميركية وهو من أطلق شعار "لنعيد أميركا العظيمة مجددًا" والمقصود أن تكون عظمى سياسيًا واقتصاديًا وجيوسياسيًا واستخباراتيًا ودبلوماسيًا، ما يعني أن العصا الأميركية ستعود إلى المنطقة بقوة فمن يرفض التعامل مع أميركا وفقًا لشروطها سيكون مصيره كمصير صدام حسين وبشار الأسد".
وقال: "ترمب سيعمل على توسيع رقعة السلام مع إسرائيل إلا أنني أستبعد أن تشمل الرقعة سوريا بهذه السرعة فهي اليوم بحاجة لبناء مؤسساتها وإعادة هيكلتها وتأهيل شعبها لأن هناك فقر وجهل وتخلف فالشعب السوري بحاجة للاندماج بالديمقراطية وحقوق الانسان والعدالة والحريات والمنابر السياسية ومن ثم يمكنه الاتجاه نحو السلام مع إسرائيل، فكل ما يحدث من اتفاقيات سلام في المنطقة ستتمدد وتطال العراق نظرًا للتاريخ العميق الذي يربطها باليهود فعدد كبير من الوزراء الإسرائيليين هم من أصول عراقية وحتى من أسس الدستور العراقي الجديد بعد سقوط نظام صدام حسين هو إسرائيلي أميركي ذات أصول عراقية، وبعيدًا عن أي إهانة للدولة العراقية، دستورها يتماشى مع متطلبات الأمن القومي الإسرائيلي".
بالتوازي، لفت إلى أن أهل سوريا سيكتبون الدستور الجديد بأيادي وطنية لتبدأ ولادة جديدة غير أسدية والمؤكد أن سوريا بعد الأسد لن تكون كما قبل لناحية الاستبداد والظلم والجوع والرعب".
أما لناحية إيران، فقد أكد أنها "لن تتمكن من الوقوف بوجه الولايات المتحدة لأنها على دراية بأنها ستبقى وحيدة، وتواجه إيران خطر التقسيم بحال وقفت أمام المشروع الأميركي بشرق أوسط جديد وطهران مدركة أن مصلحتها الانفتاح على واشنطن والتعاون والتعامل معها والتنازل في الكثير من الملفات".
وشدد زين الدين على أن "طهران تعلم أن هناك معارضة يمكن تحريكها ضدها في أي مكان وزمان ويمكن تحريك الداخل إذا لم تتعاون".
وفي ما يخص لبنان وموقعه في التسويات القادمة، فقد رأى أن "لبنان جزء من المشروع لكنه لن يشهد استقرار في المرحلة الراهنة وما زال في مرحلة ضبابية وترمب سيعمل على تغيير قيادات لبنانية عدة فأُمراء الحرب لن يستطيعون الحكم في المرحلة المقبلة".