اتحاد درويش-الانباء الكويتية
حتى صباح أمس كانت فرق الدفاع المدني لاتزال تعمل على رفع الإنقاض في منطقة زقاق البلاط التي تبعد أمتارا قليلة عن وسط العاصمة بيروت، بعد أن تعرضت لغارة من مسيرة إسرائيلية مساء الاثنين الماضي (18نوفمبر) هزت المنطقة وتسببت بدمار كبير وسرقت أرواح 7 وتركت خلفها عشرات الإصابات وذكريات غرقت في الدماء وسط شارع تضج فيه الحركة وأصوات الباعة.
من دون سابق إنذار انقلب فيه المشهد وحل الصمت، إلا من هدير الآليات التي ترفع ما تهدم من أبنية وما بقي من أشلاء.
فجر الاثنين الماضي دخلت العاصمة بيروت للمرة الثانية دائرة النار، ثم توالت الضربات التي أصبحت بلا سقف وبلا حدود. «لم يعد من مكان أمن» تقولها إحداهن من اللواتي نزحن من جنوب لبنان عند أقارب لها. «ها أنا أتحضر لمغادرة منطقة زقاق البلاط إلى قريتي، وأموت هناك حيث ولدت ولو وجدت منزلي قد تحول إلى ركام».
على مقربة من المكان المستهدف وفي مساحة مزدحمة، يقف عدد من أبناء المنطقة يتابعون عملية رفع الأنقاض ومشهد الخراب الذي حل بمنطقتهم، ونسأل ما حصل مساء ذاك اليوم فيجيب أحدهم وهو رجل كبير في السن: «هناك في هذا المقهى يجلس عادة شبان الحي يشربون القهوة بعد يوم عمل ويتابعون الأخبار على شاشات التلفزة، وإذ بصوت قوي يهز أرجاء الحي، وما هي إلا دقائق حتى سارع الأهالي لمعرفة ما جرى ليتبين أن المستهدف هو مختار منطقة زقاق البلاط حسن شومان ونجله الذي لا يزال في العناية الفائقة».
المقهى الزجاجي الصغير الذي يقع على الجانب الأيسر لمكتب مختار محلة زقاق البلاط، تحول إلى حطام دفنت وتضررت على مقربة منه عدد من المحال التجارية. وأصابت قوة الصواريخ عددا من الشبان الذين يرتادون عادة المقهى عند كل مساء. وأدت إلى استشهاد خمسة بحسب وزارة الصحة، ليتبين من سكان المنطقة ان عدد الشهداء 7 والجرحى أكثر من ثلاثين.
كثر يترددون في الإجابة عن أسئلتنا. «إنها لحظة حزن كما قال أحدهم، ولا وقت للكلام فالمشهد أبلغ من التعبير. فالعدو الإسرائيلي كما يبدو ينتقم من المباني والسكان الآمنين فيها ومن البنى التحتية، في محاولة منه لدب الذعر في نفوسنا وتحريضنا على النازحين الذين لجأوا إلى المنطقة، لكن رغم الجراح تبقى إرادة اللبناني قوية وعصية على الانكسار».
بعد أقل من 24 ساعة على الغارة في منطقة زقاق البلاط، وكانت سبقتها غارة طاولت محلات ماضي للإلكترونيات في شارع مار الياس التجاري مساء الأحد، وقبلها غارة عند الظهر في منطقة رأس النبع على مركز حزب البعث مستهدفة المسؤول الإعلامي في «حزب الله» محمد عفيف.
منذ أواخر أكتوبر الماضي والعاصمة بيروت تتعرض بين الحين والآخر لضربات إسرائيلية من دون سابق إنذار. عند فجر يوم الاثنين من تاريخه شن الطيران الحربي الإسرائيلي غارة على منطقة الكولا، في أول هجوم جوي على المدينة أدى إلى مقتل 3 من عناصر «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين».
وعلى مشارف وسط بيروت التجاري وفي الساعات الأولى من صباح يوم الخميس في الثالث من أكتوبر شن الطيران الحربي الإسرائيلي غارة على منطقة الباشورة أصابت مركزا للدفاع المدني التابع للهيئة الصحية لـ «حزب الله»، ما أدى إلى مقتل 7 من عناصره وتضرر أبنية ومحال تجارية، كما تضررت المقبرة القريبة من المبنى المستهدف.
وفي العاشر من الشهر عينه، هزت انفجارات قوية أحياء سكنية طاولت مباني في محلة البسطا التحتا والنويري، تزامنت مع بعضها وأدت إلى مقتل 22 شخصا وإصابة أكثر من مئة. وقالت إسرائيل في حينه أنها استهدفت مسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في «حزب الله» وفيق صفا الذي بقي مصيره مجهولا إلى اليوم.
ومساء الاثنين في 21 أكتوبر، نفذت الطائرات الإسرائيلية غارة على محيط مستشفى الحريري الحكومي في محلة الجناح في بيروت، ما أدى إلى مقتل أربعة مواطنين بينهم أطفال وإصابة 32 على الأقل