تعيش الإدارة والهيئات التعليمية في ثانويتي ومدرسة بلدة الناعمة - حارة الناعمة الرسمية، حالة من الإرباك، في ضوء قرار وزير التربية الإعلان عن بدء العام الدراسي، اعتبارا من الاثنين 4 نوفمبر حضوريا، بينما تشغل العائلات الجنوبية النازحة بفعل العدوان الإسرائيلي مباني الثانويتين والمدرسة.
هذه الأجواء دفعت بالجهات المعنية في وزارة التربية بالتعاون والتنسيق مع الأحزاب ومديري المدارس إلى التفتيش عن حلول لمعالجة هذه المشكلة منعا لتفاقمها، وسط رفض من أهالي حارة الناعمة بنقل أبنائهم إلى أماكن أخرى، كونهم لا يملكون مصاريف النقل في هذه الظروف الاقتصادية الصعبة.
ولجأت إدارة مدرسة حارة الناعمة إلى مشروع تصغير حجم الغرف، عبر قواطع خشبية مخصصة لتتسع أكثر لأعداد النازحين، إفساحا في المجال أمام إفراغ عدد من الغرف في المدرسة لاستقبال تلاميذ المدرسة حضوريا لا عبر التعليم عن بعد. لكن مشروع تقطيع الغرف قوبل برفض العائلات النازحة، ما أدى إلى إرباك وحصول احتقان في البلدة.
وقالت مديرة المدرسة سوزان حمزة لـ «الأنباء»: «نحن أمام مشكلة كبيرة، في حال لم نتوصل إلى حل لهذه المسألة. لا يمكننا إطلاق الدراسة في المدرسة، وليس هناك من مكان لاستقبال تلامذتنا. وهذا ما اضطرنا إلى تنفيذ مشروع وضع القواطع الخشبية المخصصة لذلك بتقسيم الغرف، لاسيما الكبيرة منها التي تبلغ حوالي الـ 50 مترا، لتستوعب العائلات النازحة، إفساحا في المجال أمام تجهيز عدد من الغرف لاستقبال التلاميذ.
وأضافت: «لا يمكننا القبول بمتابعة الدراسة في البلدات الأخرى حضوريا وبقاء تلامذتنا في المنازل. هذا الموضوع بات يخلق مشكلة لدى أهالي البلدة، ونتخوف من تفاقمها في اتجاهات أخرى».
لكنها أشارت «إلى أننا في طريق الحل بعد تكثيف الاتصالات لتطويق تداعياتها ومفاعيلها. ونستند إلى قرار وزير التربية بفتح المدرسة».
ولفتت حمزة إلى انه سيتم تأخير بدء الدراسة حضوريا إلى الأسبوع المقبل، «وسيكون التعليم هذا الأسبوع عن بعد، ريثما ننجز مشروع تصغير الغرف، لأن هناك استياء وغضب لدى الأهالي في رفض الدراسة أونلاين».
إدارة ثانوية حارة الناعمة تقف بدورها حائرة أمام هذا الوضع، وتستغرب كيف يمكن أن يبدأ العام الدراسي من دون وجود مكان لاستقبال التلاميذ البالغ عددهم حوالي 450 تلميذا، فضلا عن عدم توافر مكان آخر لنقل النازحين او التلاميذ.
وقالت مديرة ثانوية الحارة هدى مزهر: «نلتزم بقرار وزير التربية، لكن كيف يمكننا تطبيقه ولا تتوافر لدينا الغرف لتعليم التلاميذ؟ أين نذهب بالهيئة التعليمية والتلاميذ؟ لا مكان لوضع العائلات النازحة، في وقت يرفض أهالي التلاميذ نقلهم إلى مدارس أو مواقع أخرى لأسباب مادية (...)».
هذا الموضع، لقي اهتماما ومتابعة كبيرة من الأحزاب لتخفيف الاحتقان الشعبي في البلدة، على خلفية وجود النازحين في مدارسنا والتسبب بمنع أولادهم من التعليم والدراسة كبقية المدارس الأخرى حضوريا وليس عن بعد. وهذا ما دفع أيضا بـ «تيار المستقبل» عبر منسقه العام في محافظة جبل لبنان الجنوبي وليد سرحال، خلال جولة تفقدية له على رأس وفد، إلى مطالبة وزير التربية في حكومة تصريف الأعمال عباس الحلبي ومدير التعليم الثانوي خالد فايد، «الإسراع في حل هذه المشكلة، عبر التواصل مع إدارات المدارس الخاصة للسماح لطلاب المدارس الرسمية في بلدة الناعمة - حارة الناعمة، لمتابعة الدراسة فيها، خلال فترة بعد الظهر، التي لا تتوافر فيها المدارس الخاصة».
مصادر تربوية مسؤولة، أبدت لـ «الأنباء» أسفها الشديد «لسياسة الكيل بمكيالين في التعامل مع أزمة النزوح في المدارس الرسمية». وأشارت المصادر إلى «وجود مدارس لم تفتح أبوابها أمام النازحين، لاسيما وان هناك مدارس صغيرة فتحت أمام النازحين وتركت المدارس الكبيرة خالية لتعليم التلاميذ. بينما فتحت مدارس إقليم الخروب والشوف الأعلى للعائلات النازحة»، ولفتت إلى ان هذا الموضوع أثار حالة من الاستياء لدى مدراء المدارس.
مديرة ثانوية الدامور الرسمية سمر عون قالت لـ «الأنباء»: «استقبلنا عددا من العائلات الجنوبية النازحة مع بداية أزمة النزوح، واستلم الجيش اللبناني المدرسة، حيث تم وضع عائلات من أفراده في مبنى الثانوية والمدرسة المختلطة الرسميتين. وبلغ عدد العائلات 90 أي بحدود 300 فرد».
وأشارت عون إلى انه «نظرا إلى وجود تلك العائلات في مبنى الثانوية، قمنا باتصالات عدة مع وزارة التربية والمدارس الخاصة في المنطقة، وتوصلنا إلى ان نبدأ الدراسة الاثنين 4 نوفمبر في ثانوية راهبات القلبين الأقدسين في الدامور خلال فترة بعد الظهر، على ان يستقبل مركز جمعية «arcenciel» في الدامور تلاميذ المدرسة المختلطة والمهنية في الدامور».
وشكرت عون إدارة ثانوية راهبات القلبين الأقدسين «على مبادرتها وحرصها فتح المجال لمتابعة تلاميذ الثانوية الرسمية تعليمهم من خلالها خلال فترة بعد الظهر».