في اليوم التالي للحرب الإسرائيلية على لبنان، الآتي عاجلا أم آجلا، ثمة ما يدعو إلى القلق ويستدعي التفكير والتخطيط.
ففيما عداد الخسائر البشرية والمادية في لبنان متواصل حتى إشعار ردع إسرائيل عن المضي في عدوانها، برزت أصوات لبنانية رسمية وغير رسمية تحذر من انفجار اجتماعي وحرب أهلية يمكن أن يتسبب بهما بعد انتهاء الحرب الواقع الاقتصادي وليس أي شيء آخر.
آخر التحذيرات جاء من داخل الحكومة على لسان وزير الاقتصاد أمين سلام، الذي قال إن «مرحلة ما بعد وقف إطلاق النار ستكون أصعب بكثير من مرحلة النار، بعدما دمر اقتصاد لبنان بالكامل».
هذا التحذير لاقته فيه الهيئات الاقتصادية في لبنان التي تحدثت عن أن «مجموع الخسائر المباشرة التي تكبدها لبنان جراء العدوان الإسرائيلي بلغ ما بين 10 و12 مليار دولار أميركي، وهو يشمل خسائر القطاعات الاقتصادية، والأضرار التي لحقت بالمنازل ومختلف الأبنية والبنى التحتية».
وإذا كانت تكلفة إعادة الإعمار قدرها وزير الاقتصاد ما بين 20 إلى 30 مليار دولار، فإن مدير عام وزارة الاقتصاد د.محمد أبوحيدر أكد في حديث إلى «الأنباء» على «أهمية وضع داتا إحصائية للمؤسسات التجارية الصغيرة والمتوسطة الحجم لتقدير الأضرار والخسائر، وهي داتا يجب إعدادها منذ اليوم، لأن تركها إلى ما بعد وقف الحرب سيجعل مسار المساعدة يأخذ وقتا طويلا جدا في حينه».
وفي هذا الإطار، كشف أبو حيدر عن «تعاون مع UNDP أو برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ينص على إطلاق منصة الأسبوع المقبل لتقييم الأضرار والخسائر التي لحقت بالمؤسسات التجارية الصغيرة والمتوسطة في كل لبنان»، مؤكدا «الحاجة إلى هذه الداتا لبناء معطيات بلغة الأرقام ووضع خطة عمل على أساسها، والتوجه بها إلى المجتمع الدولي عندما يبدأ الحديث عن إعادة الأعمار». كما أشار إلى أن «هذه الداتا ضرورية لاحقا للتشريع وتقديم اقتراحات قوانين تتضمن إعفاءات على المستوى المالي».
وعلى الرغم من إقرار مدير عام الاقتصاد بصعوبة إحصاء كل شيء، إلا أنه قال إن «هناك من بات يعلم كم تضررت مؤسسته أو كم خسرت، لأن هناك شقين، شق يتعلق بالمؤسسات التي تدمرت ويستطيع أصحابها إعطاء معطيات واضحة عنها، وشق آخر يتعلق بخسائر مؤسسات أقفلت بفعل الحرب، وتحديد كم كان عدد موظفيها وكم كانت تجني».
وإذا كان التعاون مع UNDP عبر هذه المنصة يلحظ تقييم الأضرار والخسائر تمهيدا لتقديم المساعدة المادية في مرحلة الإعمار، فإن ثمة مساعدة أخرى ملحوظة تتعلق بتوفير الاستشارة القانونية التي يحتاجها بشكل خاص أصحاب المؤسسات الصغيرة.
يتفق المعنيون بالقطاعات الاقتصادية على أن الاقتصاد في لبنان يعيش اليوم من قلة الموت أو حلاوة الروح إذا صح التعبير، والصراخ في مرحلة ما بعد الحرب سيكون مدويا، اذا لم تكن الدولة اللبنانية قد أعدت العدة مع المجتمع الدولي للمساهمة في دفع فاتورة الحرب والإجابة على سؤال اللبنانيين: «وهلق لوين»؟