في مقابلة مع برنامج أحداث في حديث عبر صوت كل لبنان، تناول النائب الدكتور عبد الرحمن البزري مسألة وقف إطلاق النار وتداعياتها، موضحاً أن القضية تظل شديدة التعقيد، خاصة في ظل تداخلها مع الأوضاع الدولية المتوترة وقرب الانتخابات الأميركية. وأكد البزري أن التسريبات حول "إيجابيات" محتملة لوقف إطلاق النار قد تمنح بعض الأمل، لكن التنفيذ العملي يبقى صعباً حتى تتضح نتائج الانتخابات، حيث تمر الولايات المتحدة بمرحلة حاسمة قد تعيق أي تقدم في هذا الملف.
وأوضح البزري أن نتائج الانتخابات الأميركية ستعتمد بشكل كبير على سبع ولايات متأرجحة تلعب فيها الجاليات اللبنانية والفلسطينية دوراً بارزاً، مما قد يكون له تأثير كبير على النتائج. وأضاف أن الحكومة الإسرائيلية تحاول بشكل واضح إفشال أي مفاوضات جادة بشأن وقف إطلاق النار، إذ تعتبر أن التنازل الآن قد يُعتبر "بيعاً لموقفها" لصالح الإدارة الأميركية القادمة. ويرى البزري أن إسرائيل ليست مستعدة للمخاطرة بهذه الخطوة، خصوصاً في ظل انتقادات داخلية للإدارة الحالية بقيادة كامالا هاريس، والتي أظهرت مواقف نقدية خفية تجاه سياسات الرئيس جو بايدن.
وفيما يتعلق بالشرق الأوسط، أشار البزري إلى أن احتمال عودة إدارة ترامب إلى البيت الأبيض سيعيد رسم الأجندة الأميركية في المنطقة، حيث يميل ترامب إلى تبني سياسات مبنية على الصفقات والمفاوضات، بدلاً من التصعيد العسكري. ويعتقد البزري أن المرحلة المقبلة، والتي تشمل ملفات لبنان وغزة وأوكرانيا، قد تشهد إعادة ترتيب أولويات السياسة الأميركية تجاه هذه القضايا.
وأضاف أن الفترة التالية للانتخابات، وتحديداً بعد الخامس من نوفمبر، ستكون مرحلة مفصلية؛ فخلال فترة الشهرين الانتقاليين بين الإدارات، قد تتاح فرصة للإدارة الجديدة لإثبات سيطرتها وفرض سياساتها. كما أشار إلى أن الحكم في الولايات المتحدة عادةً ما ينقسم إلى مرحلتين: الأولى تركز على تجديد السياسات، بينما تسعى الثانية لتحقيق إنجازات ملموسة.
وفي سياق متصل، شدد البزري على أن الجهة الوحيدة المخولة بإعلان أي اتفاق لوقف إطلاق النار هي الحكومة اللبنانية، التي تمتلك القدرة على التأثير في الأطراف المعنية بالصراع. ولفت إلى أن الحكومة اللبنانية بادرت دبلوماسيًا بقبول قرار مجلس الأمن رقم 1701، مما يعكس التزامها الجدي بالمساعي الرامية إلى وقف إطلاق النار.
وأكد البزري أن الحكومة اللبنانية متمسكة بالقرار 1701، وترفض أي تعديلات عليه، مشدداً على انفتاحها على أي نقاش يدعم هذه الجهود. وأشار إلى أن الذهاب إلى قرار جديد سيكون أمراً معقداً للغاية، إذ يتطلب موافقة مجلس الأمن الدولي، بما في ذلك الدول ذات حق النقض (الفيتو) مثل الصين وروسيا. وأوضح أن الالتزام بالقرار 1701 يبقى الخيار الواقعي والأكثر ملاءمة في ظل الظروف الراهنة، نظراً للصعوبة البالغة في الحصول على إجماع دولي على أي قرار بديل.
ختاماً، أشار البزري إلى أن ملف وقف إطلاق النار يعتمد بشكل كبير على التوجهات الأميركية المستقبلية ومدى استعداد الأطراف الدولية للقبول بتسوية شاملة تُنهي الصراعات المستمرة في المنطقة.