الانباء
«بزنس» جديد دخل إلى السوق اللبناني في زمن الحرب: الإيجارات بأسعار مرتفعة، وبشروط تصب في مصلحة المالك، وتثقل كاهل المستأجر الراغب في الحصول على وحدة سكنية، في أيام صعبة، جراء انحسار الأمن في مناطق معينة.
صحيح ان سوق الإيجارات انتعش بعد وقف الإقبال على شراء الوحدات السكنية بسبب غياب القروض السكنية التي تمنحها المصارف لأصحاب الدخل المحدود او المتوسط. الا ان اللافت تخطي بدلات الإيجار أرقاما كانت عليها يوم كان سعر صرف الدولار الرسمي في أسواق بيروت 1500 ليرة لبنانية بين 1992 ونهاية 2019.
في هذا الإطار، يقول روني صاحب محل لبيع أجهزة الهواتف الخليوية في ساحل المتن لـ«الأنباء» انه أجر شقتين سكنيتين اشتراهما في سبتمبر الماضي، قبل توسع الحرب الإسرائيلية. وكشف انه حصل على بدل إيجار 1200 دولار لشقة متوسطة الحجم (135 مترا) وألف دولار لشقة أصغر منها مساحة (120 مترا). «الشقتان مفروشتان في مبنى سكني وتجاري جديد في الدكوانة. وحررت عقد إيجار قانوني لدى كاتب العدل، وأحد المستأجرين من الجالية السورية، فيما الآخر لبناني نزح من منزله».
في الأيام العادية بعيدا من الحرب، ما كان روني ليحصل 500 دولار كحد أقصى للوحدة السكنية المفروشة. وقال انه حصل على وديعة بقيمة ألف دولار بدل تأمين على المفروشات في كل شقة.
الأمر عينه حصل مع نديم في بلدة متنية متوسطة الارتفاع حيث أجر شقة سكنية جبلية غير مزودة بأجهزة تدفئة بقيمة ألف دولار شهريا لعائلة مؤلفة من ستة أشخاص مع عاملة في الخدمة المنزلية. الشقة عينها كانت مؤجرة في موسم الصيف بين منتصف يونيو ونهاية سبتمبر بـ 1800 دولار لكامل الموسم. وكذلك واجه أهالي الطلاب الجامعيين صعوبة في حجز أماكن لأولادهم القادمين من مناطق بعيدة عن جامعات العاصمة وجبل لبنان. وقد رأى راين التلميذ في كلية الهندسة في جامعة القديس يوسف في مار روكز (فوق المكلس والدكوانة) نفسه ملزما بالحضور يوميا في سيارته، لعدم توافر شقة سكنية أو غرفة في شقة مخصصة للسكن الجامعي بسعر معقول، بسبب إقبال النازحين على تلك المنطقة، علما ان دوي القصف يسمع بسهولة كون التلة مشرفة على الضاحية الجنوبية التي تتعرض يوميا للقصف الإسرائيلي.
اما مصطفى «بافو» المعروف في عالم كرة القدم اللبنانية، فوجد حلا آخر خارج حدود الوطن، بنقل عائلته المؤلفة من أربعة أشخاص إلى شقة سكنية في القاهرة، «على رغم وقوع منزلنا في منطقة آمنة نسبيا في السوديكو ـ بشارة الخوري بالعاصمة بيروت. الا ان دوي القصف يقلقنا، وقد أصررت على ارسال العائلة، لأن ابنتي تريد الالتحاق بدروسها الجامعية في جامعة الحكمة على مستديرة الشيفروليه، القريبة من تخوم الضاحية الجنوبية». وواجه «بافو» صعوبة في تأمين تأشيرات سفر إلى مصر لبناته، لكنه «دبرها» بعلاقاته الواسعة في البلاد، وباتت العائلة في القاهرة في ضاحية جديدة من مصر، بشقة مؤجرة بسعر لا يقل عن إيجار الشقق الفخمة في بيروت.
اما رشيد فاستقر في فردان متنقلا من بيته في الجناح قرب السفارة الايرانية. وأقر بالبقاء مرغما في بيروت، لالتحاق ولديه حضوريا في مدرسة تقع في المتن الشمالي قبل بلدة بيت مسك، على أوتوستراد المتن السريع. وخصص سائقا لنقل الولدين، على ان ينتظرهما طوال النهار أمام المدرسة.
«بيزنس» الإيجارات لم يشمل ملاك أجروا منازل ووحدات سكنية لمستأجرين منذ سنوات قليلة بأسعار مقبولة. وغالبيتهم رفضوا فرض بدلات إضافية على زبائنهم، على رغم انتهاء عقود الإيجار. وقال عفيف: «واصلت التعامل مع مستأجرين أعرفهم جيدا ولا يواجهون مشاكل في تسديد بدل الإيجار. لم أطمع بمبالغ إضافية، وقد اخترت ان أكون مرتاحا».