كما كان متوقعاً جاءت الضربة "الإسرائيلية" لإيران قبل موعد الانتخابات الأميركية، ولكن على عكس ما كان مرسوماً لم تتخطّ الضربة الخطوط الحمر الإيرانية والأميركية، فلم تُستهدف البنى التحتية النفطية، ولم تقترب من الملف النووي الإيراني، وهو ما يؤكد احترام "إسرائيل" للخطوط الحمر التي رسمتها إدارة بايدن لمنع اندلاع صراع شامل في المنطقة، فهل كل ما يجري اليوم يمهّد لانتهاء الحرب؟ أم لنتانياهو رأي آخر؟
بعد وصول التوتر في المنطقة الى أشده قبل الضربة "الإسرائيلية" لإيران، جاء الهجوم ليخفف منسوب التصعيد، ويؤكد أن الضوء الأخضر الممنوح لنتانياهو في حربه في المنطقة ليس ضوءاً أخضراً شاملاً، بل هو محكوم برغبة أميركية واضحة لدى إدارة الديموقراطيين لمنع نشوب حرب إقليمية تكون أميركا ملزمة طرفا فيها، وبالتالي بحسب مصادر سياسية لبنانية بارزة، فإن الضربة جاءت لتؤكد وجود حراك سياسي دولي يسعى لوقف الحرب.
تُشير المصادر إلى أن أميركا تعتبر اليوم أن "إسرائيل" حققت إنجازات نوعية بحربها ضد محور المقاومة، خصوصاً بعد اغتيال أمين عام حزب الله الشهيد السيد حسن نصر الله ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس يحيى السنوار، وبالتالي في ظل ما تتعرض له القوات "الإسرائيلية" الآن في الجنوب، وفي ظل احتمالات التصعيد بالمنطقة، يخشى الأميركيون أن تتم الإطاحة بكل ما تحقق، بحيث تدخل المنطقة في صراع طويل ومتعب للجميع، خصوصاً أن لدى طهران أوراق لم تلعبها بعد، تتعلق بقدرتها على شلّ المنطقة عسكرياً واقتصادياً، ما يجعل الأميركيين يرغبون بإنهاء الحرب على أبواب الانتخابات الأميركية، أو على الأقل تحقيق إنجازات تتمثل بـ:
- وقف المسار التصاعدي مع طهران، وهو ما يبدو أنه يتحقق بعد الضربة "الإسرائيلية" الرمزية.
- الوصول الى هدنة مؤقتة في غزة وتحرير رهائن أميركيين أو يهود أميركيين.
- تثبيت الحل في لبنان من خلال التطبيق للقرار 1701 والدفع باتجاه انفراجة سياسية فيه.
وترى المصادر أن جولات التفاوض التي تنطلق اليوم الأحد تصب في هذا الإتجاه، ولكن هذا لا يعني أن المسألة انتهت، فقد يكون لنتانياهو رأي آخر، مشيرة الى أن من الاحتمالات التي يجب أن يتم أخذها بعين الاعتبار، سعي نتانياهو لتقديم جو إيجابي فقط للديموقراطيين، دون أن يقدم لهم هدية وقف الحرب قبل الانتخابات، وهو المعروف بدعمه للمرشح الجمهوري دونالد ترامب، وبالتالي يكون نتانياهو يوحي فقط بقبوله لمنطق التفاوض الى حين الانتخابات، ويكون هذا أقصى ما يقدمه، ليستمر بعدها بالحرب بناء على نتائج الانتخابات.
ليست محسومة بعد نتائج التفاوض، فقد تكون شكلية وقد تكون جدية، إنما الأكيد هو أننا أمام أيام فاصلة، تسبق موعد الانتخابات، وهي فعلا الفرصة الأخيرة لإدارة بايدن لتقديم هدية الى المرشحة الديموقراطية هاريس، فهل يكون مخطط نتانياهو عائقاً أمام ذلك، ويستمر برغبته إيقاع الأميركيين بفخ الحرب مع إيران، وهو ما نجحت اميركا بتفاديه حتى اليوم؟ كل الاحتمالات تبقى واردة.