الانباء الكويتية
لن تؤثر فترة انتظار الرد الإسرائيلي على الأجوبة الرسمية اللبنانية على طروحات المبعوث الأميركي آموس هوكشتاين على المشهد الميداني في جنوب لبنان وبقية المناطق، لجهة الحرب المستعرة والموسعة التي تشنها إسرائيل على ««حزب الله»، وتاليا لبنان مند 23 سبتمبر الماضي.
لكن اللافت تحريك المفاوضات في شأن التوصل إلى اتفاق وقف لإطلاق النار، يسعى إليه لبنان، ويرفض في الوقت عينه الإذعان لشروط إسرائيلية تستهدف النيل من سيادته وسلامة أراضيه، والموافقة على استمرار الخروقات الإسرائيلية برا وبحرا وجوا.
ويتولى رئيس مجلس النواب نبيه بري كما في حرب يوليو 2006، التفاوض مع الجانب الأميركي الذي يلعب دور الوسيط المباشر بين لبنان وإسرائيل. ويحظى بري بتأييد كامل لما يقوم به من رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، ومن «حزب الله» الذي يعول على رئيس المجلس لتجنيبه دفع أثمان إضافية كبرى.
في حين طرح تساؤل عن حركة الموفد الأميركي وما إذا كانت الغاية إنتاج اتفاق يحمل اسمه. ومن الواضح ان هوكشتاين أبدى مرونة لافتة كمحاور بارع بدد الأجواء السلبية التي كان أشاعها قبل وصوله إلى بيروت حول الشروط الإسرائيلية.
في المقابل فإن الجانب اللبناني أبدى ارتياحا لأن قطار المفاوضات تحرك على سكة الحل، وانه وان طالت المفاوضات، فهي ستصل إلى نتيجة، غير انه كلما كان التوصل إلى اتفاق قريب تراجع حجم الدمار المرعب الذي تزرعه آلة التدمير الإسرائيلية في مختلف المناطق وصولا إلى بيروت.
وقال مصدر متابع لمسار المحادثات لـ «الأنباء»: «تجنب هوكشتاين عرض الشروط الإسرائيلية الاستفزازية، وركز على القرار 1701. وبحنكته الديبلوماسية تخلى عن المطالبة بتعديل الاتفاق أو (1701) وصولا إلى البحث في كيفية تطبيقه، بما يوحي بأن القرار بوضعه الحالي غير قابل للحياة. والدخول في تفاصيل الاتفاق وآليات تنفيذه، يعني الوصول بشكل غير مباشر إلى القرار 1559، واتفاق الطائف بما ينصان على حصرية السلاح بيد الجيش اللبناني».
وتابع المصدر: «في المقابل لم يخف الجانب اللبناني ارتياحه لانطلاق المحادثات، وهو يدرك ان عامل الوقت ليس في صالح لبنان، سواء لجهة حجم التدمير أو عبء النزوح الذي يتضخم من يوم إلى آخر وينذر بتقلب أمني - اجتماعي قد تعجز الدولة عن السيطرة عليه. وسارع الجانب اللبناني في تقديم الاقتراحات، ومنها العودة إلى هدنة الأسابيع الثلاثة، ويتم خلالها انتخاب رئيس للجمهورية يشرف على تنفيذ القرار 1701».
ومن الواضح ان الموفد الأميركي حاول معرفة السقف الأعلى والأدنى للشروط التي يمكن للبنان القبول بها والسير بالاتفاق. وكان التأكيد على ان لبنان لن يقبل باتفاق «أمر واقع» تحت أي ضغط أو ظروف ميدانية، وانه اذا كان عامل الوقت ليس في صالح لبنان فإنه لن يكون في صالح إسرائيل أيضا.
من جهته، جدد مسؤول العلاقات الإعلامية في «حزب الله» محمد عفيف خلال مؤتمر صحافي عقده بالضاحية الجنوبية التي تعرضت لقصف اسرائيلي تزامنا مع المؤتمر الثقة بموقف رئيس المجلس النيابي نبيه بري. وأقر عفيف بوجود أسرى من مقاتلي الحزب لدى اسرائيل وحملها مسؤولية الحفاظ على حياتهم.
وشدد على تفاوض غير مباشر لاستعادة الأسرى بعد وقف النار. وأعلن عفيف «تبني حزب الله عملية استهداف منزل رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو في قيساريا».
في الشق الداخلي، تستمر التحضيرات لتعيين قادة أمنيين جدد، بعنوان رئيسي: إبعاد قائد الجيش العماد جوزف عون عن المشهدين الرئاسي والأمني المتعلق بالإشراف على تطبيق اتفاق وقف النار فور التوصل اليه، وتأمين انتشار الجيش في الجنوب، ومنع الظهور المسلح بأي من أشكاله التي كانت معتمدة بين أغسطس 2006 وأكتوبر 2023.
وتحدث مرجع رسمي كبير لعب دورا في جميع العهود الرئاسية منذ 1982 لـ«الأنباء» عن «اتفاق شامل بين أفرقاء عدة، تضمن تعيين مدير عام جديد للأمن العام من الطائفة الشيعية. وجرى البحث بين ثلاثة أسماء لضباط، أحدهم يشغل مركزا حساسا في مديرية أمنية أخرى. وكذلك تم التأكيد على تعيين قائد جديد للجيش مع ملء الشغور في المجلس العسكري وتثبيت رئيس الأركان في موقعه».
وتابع المرجع: «هناك شغل جدي كبير خلف الكواليس، وقد أبلغ رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل الرئيس نبيه بري بموافقته، في حين تحدث رئيس المجلس صراحة عن صعوبات قانونية دستورية تتعلق بتمديد خدمة قائد الجيش سنة ثانية إضافية بعد نهاية مفاعيل التمديد الأول في 10 يناير 2025. والصعوبة الأبرز في تأمين النصاب القانوني لجلسة التمديد في المجلس النيابي».
الا ان المرجع استدرك بالقول: «لا بد من انتظار مواقف الدول الكبرى التي تهتم ببقاء العماد جوزف عون على رأس المؤسسة العسكرية، علما ان الأميركيين تحديدا يدركون ان موضوع رئاسة الجمهورية أصعب لجهة تعزيز ترشيح عون، من دون ان يخفوا دعمهم له، وهذا ما يزيد من تصلب الفريق الآخر تجاه الموقف الأميركي».
كما تناول المرجع ما اعتبره «فتورا في العلاقة بين الرئيس بري ورئيس تيار المردة سليمان فرنجية، على خلفية كلام الأخير من منبر عين التينة، اذ كان الرئيس بري يفضل النأي بمقره الرئاسي عن كلام فرنجية في الملف الرئاسي، او على الأقل عدم إخراج الكلام في الصالونات الخاصة إلى العلن».
ميدانيا، نظمت إدارة مستشفى الساحل أمس جولة تفقدية لوسائل اعلام محلية وعربية ودولية في أرجائها، بهدف «دحض مزاعم وادعاءات جيش العدو الإسرائيلي عن وجود أنفاق ومخابئ تحت مبناها الكائن على طريق المطار، تحتوي على ملايين الدولارات من العملات الورقية ومن الذهب».
وجال مدير المستشفى مازن علامة برفقة الإعلاميين في الأقسام للتأكد من خلوها من أي مظهر عسكري. وأبدى علامة قلقه من «إمكان حدوث كارثة إنسانية في حال تم اغلاق المستشفى بسبب التهديدات الإسرائيلية، الأمر الذي سيتسبب في وفاة الكثير من المرضى، لأن كل المستشفيات في لبنان ممتلئة».
وأعلن الصليب الأحمر اللبناني أمس إصابة ثلاثة من مسعفيه بجروح في قصف خلال مهمة إنقاذ منسقة مع قوات الأمم المتحدة (يونيفيل) في النبطية في جنوب لبنان، بعيد غارات إسرائيلية على المنطقة.
ونقلت الوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام عن بيان للصليب الأحمر أن «ثلاثة مسعفين من الصليب الأحمر اللبناني جرحوا خلال عملية إنقاذ في النبطية على أثر الغارة» على المنطقة.
وأفادت الوكالة في وقت سابق بـ«عدوان جوي» اسرائيلي على حي كسار الزعتر في مدينة النبطية.
وقالت الوكالة إن الطيران الحربي الإسرائيلي استهدف «عددا من المجمعات السكنية والتجارية ودمرها بالكامل، وتحولت المنطقة بفعل الغارات إلى كتلة من الركام، ينبعث منها دخان الحرائق».
إلى ذلك، قتل 1552 شخصا على الأقل في الغارات الإسرائيلية على لبنان منذ أن كثفت اسرائيل حملتها الجوية في البلاد، لاسيما على جنوبه وشرقه والضاحية الجنوبية لبيروت، وفق حصيلة أعدتها «فرانس برس» استنادا إلى أرقام وزارة الصحة.
وأحصت وزارة الصحة اللبنانية 63 قتيلا في «غارات العدو الإسرائيلي على لبنان ليوم أمس الأول»، بينهم 18 شخصا قتلوا في الغارة الإسرائيلية على محيط مستشفى الحريري «من بينهم أربعة أطفال».
كما شن الجيش الإسرائيلي 17 غارة على بلدة الحوش في قضاء صور وأحدثت دمارا هائلا جراء قصف مماثل طال النبطية.
وأسفرت الغارات الإسرائيلية عن مقتل 5 على الأقل في الهرمل.