ظروف قاسية يواجهها النازحون على كورنيش الرملة البيضاء كفيل سردها بتحطيم القلوب واستنهاض الإنسانية
ظروف قاسية يواجهها النازحون على كورنيش الرملة البيضاء كفيل سردها بتحطيم القلوب واستنهاض الإنسانية

أخبار البلد - Tuesday, October 22, 2024 6:21:00 AM

الانباء الكويتية

 

 

مشاهد إنسانية موجعة تدمي القلوب لكل من يقصد كورنيش الرملة البيضاء، الشاطئ العام الواقع على ساحل مدينة بيروت لجهة الطرف الجنوبي منها، والذي تحول إلى ملاذ آمن لعشرات العائلات الهاربة من جحيم القصف الإسرائيلي، وهي تمضي يومها وسط ظروف قاسية تضاعف من معاناتها، حيث لا ماء ولا كهرباء ولا فراش او أغطية تقيهم البرد الذي بدأ يزحف ليلا.

 

بعد أكثر من ثلاثة أسابيع على توسع العدوان الإسرائيلي على لبنان اعتبارا من 23 سبتمبر الماضي، والذي حول قرى وبلدات عدة في الجنوب والبقاع وضاحية بيروت إلى مناطق منكوبة هجرها سكانها بفعل الغارات المدمرة، فمنهم من قصد المدارس ومراكز إيواء أخرى أو الأقارب، إلا أن بعض العائلات عمدت إلى نصب خيم على طول كورنيش الرملة البيضاء، بعد أن تعذر إيجاد مكان لها في مراكز الإيواء التي غصت بالنازحين بحسب ما قال البعض.

 

خيم تمتد على طول الكورنيش وتفتقد أدنى مقومات الحياة، وعليه لا يخفي عدد من العائلات التذمر من الجهات الرسمية والجمعيات التي تزورهم في شكل يومي وتسجل اسماءهم، ولا تعود في اليوم التالي لتقف على احتياجاتهم.

 

إحدى السيدات قالت لـ«الأنباء»: «نحن متروكون لقدرنا. يمر الوقت ثقيلا علينا. فما ذنب أطفالنا للعيش في هذه الظروف، إنه أمر مؤسف أن تكون أوضاعنا بهذه المرارة».

 

أبو سامي (60 سنة) نزح من قريته الحدودية، وقال: «مع بداية المعارك بين حزب الله وإسرائيل، توجهت مع عائلتي إلى قرية بعيدة عن خط النار، ومن ثم إلى صيدا وبعدها إلى بيروت. وها أنا هنا مع عدد من أبناء قريتي بعدما تركنا أولادنا والنساء عند أقارب لنا. النساء لا يستطعن تحمل هذا الوضع. أما نحن الرجال فقدرتنا على التحمل أكبر، ولا نود إضافة أعباء على أقاربنا في هذه الظروف المعيشية الصعبة، وها نحن ننتظر قدرنا. ربما نموت هنا لأنه يستحيل علينا العودة إلى قريتنا التي فجرت إسرائيل معظم أحيائها وسوتها أرضا. وقد شاهدنا ذلك من خلال مواقع التواصل التي نشرت فيديوهات توثق ما جرى».

 

أما قريبه الشاب الثلاثيني الذي يشاركه الخيمة فقال: «الحمد لله أنني أعزب حتى لا يهان أولادي. قد تركت منزل العائلة وكل فرد منا في منطقة. قسم في الشمال أو في الجبل. لم نلتفت عند مغادرتنا قريتنا الحدودية التي نالت نصيبها الكبير من الغارات الإسرائيلية وحولت بيوتها إلى ركام إلى ما سوف نحمله. كل ما فعلناه أنا وأخوتي عندما استهدف منزل جيراننا وتحطم زجاج بيتنا، المغادرة على عجل بعد أن أصابنا الخوف الشديد».

 

كورنيش الرملة البيضاء الذي يعتبر مقصدا لمتعذري الحال، تحول اليوم مساحة للخيم الممتدة على طوله. وتشكو الأسر هنا التي تعد بالعشرات من عدم وجود حمامات.

 

وقالت إحدى النازحات من منطقة الغبيري في الضاحية الجنوبية وهي متقدمة في العمر: «أصيب بيتي بشكل كبير. لدي ابنة واحدة تعيش خارج لبنان. حضر ممثلون عن بلدية بيروت قبل أيام وأقاموا لنا 6 حمامات ولم يكملوا عملهم. وبالتالي لا يمكن استخدام هذه الحمامات لعدم وجود مياه. ناهيك عن الطعام الذي لا طعم له ونرميه على الفور ونعد الطعام بأنفسنا وبما تيسر».

 

ونطرح السؤال: كيف تتدبرون أمور المياه وتعملون على تحضير الطعام وغسل الأطباق؟ ويأتي الجواب: «نتوجه إلى الأبنية المجاورة ونملأ الغالونات البلاستيك بالمياه ونتساعد مع بعضنا البعض. وللأسف كما ترين نحن عملنا على تأمين الفراش والبطانيات وغير ذلك (...) ولم يأت أحد الينا لا هيئة إدارة الكوارث ولا غيرها. كل همهم الظهور على الشاشات». واضافت: «أين الجمعيات التي تقول إنها تقدم المساعدات؟ صحيح أن بعض أفرادها يزوروننا، ولكن عملهم يقتصر على تسجيل الأسماء».

 

كثير ممن التقيناهم رفضوا الكلام، ومن تحدث الينا فقد طلب نقل معاناته لا أكثر. والى حين انتهاء حالة النزوح التي هجرت اللبنانيين من قراهم ومناطقهم وأحيائهم، وفاق عددهم المليون و300 ألف، وهي تعتبر أخطر أزمة يواجهها لبنان على الإطلاق في بلد يعاني أزمة مالية واقتصادية منذ 2019.. يبقى الأمل ببلسمة جراح الناس في الشوارع، ولو بالقليل، لجهة تأمين ملاذ، ومياه للغسيل والاستحمام ومراحيض.. أهل الشارع لا يطلبون أكثر، ويتركون الكلام عن تداعيات النزوح على المستوى الاقتصادي والاجتماعي إلى غيرهم. يريدون فقط تمرير المرحلة و«كل يوم بيومو».

| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) اضغط هنا

 

تسجل في النشرة اليومية عبر البريد الالكتروني