كلير شكر
لا يتردد أحد السياسيين المتابعين بالقول صراحة تعليقاً على التطورات الحكومية وسيناريوات ما بعد استقالة حكومة حسان دياب: "علينا انتظار كيف سيتصرف الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون! فهو الناظر الدولي بالملف اللبناني بتكليف واضح من الولايات المتحدة الأميركية. أما الآلية فلا يزال يلفها الغموض والضبابية". لم يتوقع رئيس الحكومة المستقيلة، أن تأتيه الضربة من بيت أبيه. حين خرج إلى الناس يخبرهم أنّه قرر المضي بأمتاره الأخيرة، والتي حددها بمهلة شهرين من الزمن وبأنّ حكومته ستحضّر اقتراحاً لتقصير ولاية مجلس النواب تمهيداً لاجراء انتخابات نيابية مبكرة، انسجاماً مع رغبة الشارع، لم يخطر بباله أنّ طرحاً من هذا النوع، قد يستفزّ رئيس مجلس النواب نبيه بري لدرجة وضع الحكومة على رأس قائمة المتهمين بالتقصير في انفجار الرابع من آب، واستدعائها للمساءلة أمام مجلس النواب. كان الاستدعاء بمثابة رصاصة الرحمة التي أطلقت في جسد حكومة تواجه حصار ذوي القربى قبل خصومها، تعاني من تردد يشوب سلوكها، من كثرة الكلام وقلّة الأفعال. وها هي تنتقل إلى مربع تصريف أعمال، يعرف الجميع متى يبدأ ولكن يجهلون متى ينتهي. احتمالات أن يطول عهد تصريف الأعمال، يوازي في ثقله احتمالات تسارع الخطوات الانقاذية، لا سيما وأنّ تجربة السنوات الأخيرة تثبت أنّ المجتمع الدولي يواجه طبقة سياسية مستعدة لحرق البلد برمته قبل أن ترفع راية الاستسلام.
حالياً، يسود الترقب والانتظار لا سيما على ضفّة ما كان يسمى قوى الرابع عشر من آذار. تتكثف الاتصالات بين بيت الوسط وكليمنصو ومعراب بانتظار ما ستحمله الساعات المقبلة من مواقف وأحداث. أما بالنسبة للثنائي الشيعي، فموقفه معروف: حكومة الوحدة الوطنية يرأسها سعد الحريري أو من يسميه. سبق له أن خاض جولات من محاولات الاقناع ولم يفلح في ثني الحريري عن قراره بالنأي بنفسه. أما بالنسبة لرئاسة الجمهورية ورئيس "التيار الوطني الحر" جبران باسيل، فلا تزال العقدة في خشبة العلاقة مع الحريري.
ماذا عن موقف الحريري من طرح عودته إلى السراي الحكومي؟
يقول أحد المواكبين لحركة رئيس "تيار المستقبل" إنّ الترقب هو سيد الموقف في الوقت الراهن، مشيراً إلى أنّه لا تجوز مقارنة المرحلة الراهنة بتلك التي كانت قائمة عشية تسمية حسان دياب رئيساً للحكومة. يقول: من الطبيعي أن يكون للحريري شروطه للعودة إلى رئاسة الحكومة (لعل أبرزها عدم مجالسة جبران باسيل إلى الطاولة الحكومية)، ولكنها تأخذ في الاعتبار كل التطورات المأسوية الحاصلة. ولهذا يؤكد أنّ رئيس "تيار المستقبل" لا يمانع بالمطلق العودة إلى سدّة المسؤولية، ولكن من الطبيعي أن يتريث بانتظار ما ستحمله الأيام المقبلة. بدوره، يؤكد أحد نواب "المستقبل" أنه من المبكر الحكم على تطورات ما بعد الاستقالة، خصوصاً وأنّ طبيعة الحكومة التالية لم تتضح بعد، كما أنّ اهتمام الرئيس الحريري في الوقت الحالي ينصب على اجراء الانتخابات النيابية المبكرة، ولو أنّ النائب ذاته يؤكد أنّ "تيار المستقبل" يرفض خوض الانتخابات على أساس القانون الحالي، وهو بالتالي يسعى إلى تعديل القانون قبل خوض الاستحقاق، ولذا يفضّل "تيار المستقبل" عدم تعطيل مجلس النواب بشكل قد يشلّ حركته قبل تعديل قانون الانتخابات. فضلاً عن أنّ تعطيل المجلس يعني اطلاق حكم الإعدام على كل الاستحقاقات المقبلة، الرئاسي والحكومي والنيابي.
يشير إلى أنّ التنسيق جار مع الحلفاء والأصدقاء لتقدير المرحلة المقبلة وكيفية التصرف، مؤكداً أنّ العوامل المؤثرة في هذه المرحلة والتي ستؤثر على قرار الحريري ازاء قبوله أو رفضه العودة الى السراي، تختلف عما كانت عليه بعد استقالته بعد انتفاضة 17 تشرين الأول. ولهذا يفترض أن يأخذ رئيس الحكومة السابق في الاعتبار كل التطورات الحاصلة، من النكبة الانسانية الى التدهور المالي والأزمة الاجتماعية، وكيفية مواجهة المرحلة. ما يعني بالنتيجة أنّ الأبواب باتت مشرعة على كل الاحتمالات بانتظار ما ستحمله الاتصالات العابرة للحدود بعدما تمّ تدويل الأزمة اللبنانية ولو على نحو موضعي.