ميسم رزق
إعادة تشغيل المرفأ بدأت، وهي مُمكنة «بأكثر من ثلثي طاقته»، بإجماع الجهات الوصية عليه أو المُطلعة على سير الأمور فيه. السبب يعود إلى عدم تضرّر محطة الحاويات التي يشمل عملها نحو ٧٥ في المئة من حركة المرفأ
الضرر الذي ألحقه انفجار العنبر ١٢ بمرفأ بيروت كبير جداً. النظر إلى مُخلّفاته من الزاوية الواسعة، يُظهر كأن إعادة تشغيله تحتاح إلى سنوات. لكن لحسن الحظ، فإن عملية التشغيل بدأت وهي منذ اليوم قابلة لأن تتم بأكثر من الثلثين، وذلِك نظراً إلى عدم تضرّر محطة الحاويات، إذ يرتبِط الدور الأهم المُنوط بالمرفأ بهذه المحطة التي تُشغّل ٧٥ في المئة من حركة المرفأ، سواء في ما يتعلق بنقل البضائع أم حجم الإيرادات. وهي تعتبر، كما في كل المرافئ الكبيرة، أساس العمل، لأن من خلالها تتمّ عملية تفريغ الحاويات من السفينة إلى المحطة بغرض إدخالها إلى البلاد أو إعادة الشحن إلى مرفأ آخر. وبحسب مصادر عاملة في المرفأ، «لا أضرار في المحطة، ولا سيما الرافعات التي يتمّ استخدامها وعددها 13 رافعة». هذا الأمر أكده رئيس لجنة الطاقة والأشغال النيابية نزيه نجم في اتصال مع «الأخبار»، معتبراً أن من «حسن حظ لبنان أن التدمير الذي لحق بعنابر التخزين لم ينسحِب على المحطة، وبالتالي إعادة التشغيل ممكنة وهي قد بدأت بالفعل».
العمل على إعادة التشغيل بدأ إدارياً منذ أيام، بعدَما جرى استئجار مبنى لإدارة الجمارك والأمن العام، قرب «البوابة الرقم 14» في المرفأ (جهة «فوروم دو بيروت»). وهذه البوابة غير متضررة من الانفجار. وعلمت «الأخبار» أن هناك نقاشاً لإصدار بيانات خضراء تسهّل دخول «الكونتينرات» من دون الكشف عليها، إلا في حال الضرورة، على أن يتمّ وضع حاويات صغيرة إلى جانب البوابة 14 لنقل البضائع إليها.
مصادر في المرفأ أكدت أن الرافعات التي تشغلّها شركة bctc (المشغّلة للمحطة) والتي وقّعت الدولة اللبنانية عقداً معها منذ عام ٢٠٠٤، هي في حال جيدة، والباحة الخاصة بالمحطة لم يلحق بها أي تدمير، وهذا ما يتيح استكمال عمل الشركة، التي زارَ مسؤولون منها المرفأ أمس للكشف عن الأضرار وتحديد كيفية إعادة التشغيل.
وفي إطار الدعم، ونظراً إلى حالة الطوارئ، تساعد وزارة الدفاع إدارة المرفأ لاستئناف عمله، إذ أشارت مصادرها إلى اجتماع عقد أمس مع المسؤولين في إدارة المرفأ، وجرى اختبار أوّلي لكيفية التشغيل وكل ما يتعلق بالمعاملات الورقية. وأشارت المصادر إلى أن البحث تناول آلية التشغيل بسبب تضرر أجهزة برنامج «نجم» الذي كانَ يُستخدم لإنجاز المعاملات وإدخال الداتا، لافتة إلى أن التوجه هو «لتشغيل هذا البرنامج عبر أجهزة المطار، حيث تنتقل العمليات الإدارية إليه، من تسجيل طلبات الاستيراد ودفع الفواتير، ومن ثم يتم تسلّم البضائع عن المرفأ».
عملية التشغيل كانت بحاجة إلى قرار من وزير الأشغال ميشال نجار، لكنه استمهل اتخاذ القرار في حكومة الرئيس حسان دياب التي استقالت أمس، وتعيين البديل من رئيس اللجنة المؤقتة لإدارة واستثمار المرفأ، حسن قريطم (جرى تكليف عضو اللجنة، باسم القيسي، بالقيام بمهام قريطم). بدوره، يؤكد نجار أن «محطة الحاويات هي دينامو المرفأ، وأن عدم تضرر الرافعات يعني أن عملية التشغيل مستمرة، لكننا فضّلنا بداية تعيين مسؤول عن إدارة المرفأ بالوكالة لمدة ستة أشهر، وهذا ما حصل، لكي يُدير مكان قريطم ويجري عملية هيكلة، وخاصة أننا فقدنا موظفين، وهناك آخرون موقوفون».
المعاملات الإدارية للمرفأ يمكن أن تُجرى من المطار
وعلى إثر هذا التعيين، دخلت سفينة إلى محطة الحاويات في المرفأ بعد الانفجار، وهي vessel electra، ومحمّلة بـ ٤٠٠ حاوية، وهي تابعة لشركة «الجزائري- أركاس»، بعدَ أن انتظرت في البحر أول من أمس للحصول على إذن الدخول. لكن مصادِر في المرفأ أكدت أن هذه السفينة ليست الأولى التي دخلت، فبعد يومين من التفجير جرى تفريغ حوالى ٢٠ «كونتينر» لصالح شركة «cma cgm» (رئيسها التنفيذي رودولف سعادة ومقرها الرئيسي في مدينة «مارسيليا» في فرنسا). الأخيرة سبقَ أن تقدّمت الى مناقصة التشغيل منذ خمسة عشر عاماً ولم تفُز بها، لكنها بحسب عاملين في المرفأ تملك نحو 30 في المئة من الشركة المشغلة لمحطة حاويات مرفأ طرابلس، بالتعاون مع شركة «Gulftainer». وكانت الشركة تنوي الدخول إلى مناقصة مرفأ بيروت لتسلم مهام التشغيل، لكن المناقصة جرى تأجيلها لأسباب «مجهولة».