القوات اللبنانية وحزب ألله, المعادلة المستحيلة.. "بس اوف شو بتشبهوا بعض"
القوات اللبنانية وحزب ألله, المعادلة المستحيلة.. "بس اوف شو بتشبهوا بعض"

أخبار البلد - Wednesday, October 16, 2024 10:23:00 AM

ربيع صفير

ما سأتقدّم به لن يُعجب الكثيرين، أو بالأحرى لن يُعجب أحدًا، لكنه تفكيرُ مواطنٍ لبنانيّ لا يُفكّر إلّا بمصلحة لبنانَه ويعشق هذا الوطن الاستثنائي في العالم. أرضٌ استقبلتنا وحمتنا من اللذين هربنا منهم. هذا الوطن الذي تعزّب وعانى كثيرًا من حروبٍ ونكساتٍ سياسية واقتصادية لا تُعدّ ولا تُحصى، لم يَسلم منها أحد.

 

إلى أحبّائي في القوات اللبنانية وحزب الله، لقد حاولنا، فيما سُمِّيَ ثورة، التخلّص منكم جميعًا على أمل ظهور أحزابٍ جديدة شاملة لكل الطوائف ولم نُفلح. ولكن إذا نظرنا بتجرّد إلى ممارساتكما انتما الاثنين، نرى أوجهَ تقارب، بغضّ النظر عن الكثير من سياساتكما وخلافاتكما العقائديتين غير المشروعة، واضطراركما لغضّ النظر عن الفساد المستشري في هذا البلد. انتما الاثنين أخطأتما بقراراتٍ عسكرية وسياسية، وكثر منكم استغلّ قوّته العسكرية وفائضها للتسلط على الآخرين، مما جعل كثيرين ينفرون من وجودكم.

 

يا قوات ويا حزب، ليست بيئتيكما وحدها مَن يجب أن ترضى عنكما؛ النجاح الحزبي في لبنان يتحقّق عندما تحبّكم الناس من خارج هذه البيئة أيضًا. أنتما حزبان تأسّسا لمقاومة محتلٍّ لهذه الأرض. قدّمتما شهداء، وحتى من قادتكما والمؤسّسين، وفضّلتما الموت على أن تقبلا بوجودٍ مسلّح غير لبنانيّ على هذه الأرض. نعم يا حزب الله، الوجود العسكري الفلسطيني كان احتلالًا، وكذلك الدخول العسكري السوري. وافهموا أيضًا أن شراء السلاح من الإسرائيلي كان ضرورة وجودية؛ فالمسيحيون كانوا أول مَن حذّر من الخطر الصهيوني، ولولا الضرورة لما لجأوا إليه. المفكرون اللبنانيون في أوروبا حذّروا من هذا الخطر حتى قبل قيامه، إذ كتبوا عنه في ثلاثينيات القرن الماضي عندما بدأت الحركة الصهيونية بالتبلور سياسيًّا. وأستطيع ان أجزم انه لولا نشأت المقاومة المسيحية للأهداف التي نشأت عليها، لكانت مقاومتكم اعتمدت هذا النهج والأهداف.

 

ويا أيها القواتيون، إيران ليست شرًّا مطلقًا؛ فهي دولة قوية متطوّرة وذات تاريخٍ عريق لا يحتاج إلى تذكير. ونعم، كما اضطررتم إلى بناء علاقة عسكرية مع إسرائيل، فإن ابن الجنوب لم يجد مَن يسانده غير إيران، وقدّمت له ما لزم للدفاع عن أرضنا وكرامتنا. أليس هذا ما فعلتموه أنتم لكن بأسماء مختلفة؟

 

من هذه القراءة البسيطة أقول لكما: اصحوا! أنتما الأقرب إلى بعضكما بعضًا، إذ دافعتما بالدم مع الجيش عن هذه الأرض. مَن قدّم الدم لا يبخل بشيء آخر، فكيف إذا كان هذا الشيء يقرب اللبنانيين إلى بعضهم. انظر يا حزب الله كيف استقبلت مناطق القوات أهلَكم. واذكر يا ابن القوات كيف استقبل ابن الجنوب نازحيكم بعد التهجير من شرق صيدا. ناسكم تحبّ بعضها رغم بعض الأصوات النشاز من الطرفين، وأرضيّتكم جاهزة. أيضا وايضا القوات لم تخسر، لكنها أُنهكت من الحروب. ألا يذكّركم هذا بشيء يا حزب الله؟

 

تحالفكما يقوّي البلد. بالتعاون مع الجيش يمكنكما وضع استراتيجية تحمينا من أيّ طامع بأرض لبنان. ما زال خبراؤكما العسكريون موجودين؛ أفيدا هذا البلد والجيش من هذه الخبرات العسكرية الغير تقليدية، فلديكما الكفاءة، وتتخذون قراراتكما الدفاعية بحنكة سياسية. تحالفا لمحاربة هذا الفساد الذي أنهك البلد، بغضّ النظر عن مصدره. وكلٌّ منكما يبدأ ببيته، إذا صحّ التعبير.

 

علاقتكم بالغرب وعلاقتهم بالشرق يمكن أن تُفيد البلد عند تحقيق مصلحته العليا، واختلفا مع أي دولة مهما علا شأنها إن كانت تشكّل خطرًا على لبنان. لا حاجة لتغيير النظام؛ فهو أفضل نظام تمثيلي في العالم إذا طُبّق جيدًا، إذ يضمن حتى حقوق الأقليات. لكن المطلوب هو تغيير عقليتكما تجاه بعضكما بعضًا يا أيها الحزبان.

 

انتما الحزبان الوحيدان الكبيران اللذان لم ينغمسا في الفساد، وقدّمتما الدماء لطرد كل عسكري أجنبي من لبنان. وانتما لديكما الخبرة والنجاح ببناء وإدارة المؤسسات التي استفاد منها شعبكم وغير شعبكم. لذلك وفي رأيي، إذا لم تتفقوا، فأنتما تكذبان في دفاعكما عن لبنان، ولديكما أهداف أخرى غير وطنية من حروبكما. أنتما أمل لبنان الوحيد. القوات لا تستضعف أحدًا انطلاقًا من إيمانها الديني ومن كونها قد استُضعفت سابقًا، ولا حزب الله يستضعف أحدًا انطلاقًا من استضعافه تاريخيًّا، والأهمّ إيمانه الديني.

تفاصيل الاتفاق بينكما سهلة. فأنجزوه كي نعيش بضع سنين مثل العالم والناس، ليس فقط كي نعمل لنوفر مستقبلًا لأولادنا. أنتما الأمل والرهان لإنتصار الـ١٠٤٥٢.

 

| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) اضغط هنا

 

تسجل في النشرة اليومية عبر البريد الالكتروني