الانباء الكويتية
تتأرجح البلاد بين ضربات إسرائيلية باستخدام قنابل غير مسبوقة في حروب إسرائيل مع العرب، والسعي إلى تأمين وقف لإطلاق النار مصحوبا بانفراج الأزمة السياسية الداخلية، وفي طليعتها إتمام الاستحقاق الرئاسي المتعذر إنجازه منذ 31 أكتوبر 2022.
وأمام إصرار إسرائيل على القضاء على البنية العسكرية لـ ««حزب الله» بعد النيل من هرميته القيادية وجهازه الإداري، يواصل مقاتلو «الحزب» الثبات في الميدان، ويدكون إسرائيل بالصواريخ. وبات استهداف حيفا مماثلا لاستهداف المستوطنات الحدودية الشمالية لإسرائيل، مع معلومات موثوقة لـ «الأنباء» بأن «الحزب» سيذهب أبعد في ضرب العمق الإسرائيلي، انطلاقا من قناعة بأن المفاوضات الجدية لوقف إطلاق النار، «لا تحدث إلا بعد أن يشعر الإسرائيلي بالوجع»، بحسب قيادي سابق في «الحزب».
نائب الأمين العام لـ «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم، وفي الذكرى الأولى لعملية «طوفان الأقصى»، قال في كلمة متلفزة: «إن هذه العملية عمل مشروع وبداية تغيير وجه الشرق الأوسط». وتحدث عن «هدفين من دخول حزب الله في جبهة الإسناد، الأول المساعدة في التخفيف عن غزة والهدف الآخر المضمر هو الدفاع عن لبنان وشعبه».
وقال قاسم: «المعركة ليست معركة نفوذ إيران كما يدعي نتنياهو». وتوجه إلى المشككين بدعم إيران للمقاومة بالقول: «إيران هي من تقرر كيف تدعم ومتى تعطي.. أما انتم أيها المشككون، فهل قدمتم شيئا لفلسطين»؟. وأكد أن «إمكانات حزب الله بخير والمقاومة لن تستجدي حلا وهذه حرب من يصرخ أولا ونحن لن نصرخ أولا».
وما لم يقله قاسم في كلمته أمس، كشفه مسؤول كبير في «حزب الله» لـ «الأنباء» عن «تعهد إيران بإعادة إعمار الضاحية الجنوبية. وسنعلن عن هذا الأمر رسميا قريبا».
داخليا، وجه الزعيم الدرزي وليد جنبلاط رسائل واضحة، مفادها عدم التخلي عن المقاومة في هذه اللحظة التاريخية من عمر الوطن، من بوابة عدم الوقوف مع العدو الإسرائيلي والتمسك بعروبة لبنان. وكرر جنبلاط أمام خصوم الأمس من المسيحيين تحديدا، ضرورة أخذ العبر في عدم الرهان على انتصار إسرائيل، مستعيدا اجتياح 1982، وما تلاه من حرب الجبل وقرى شرق صيدا، وصولا إلى انتفاضة 6 فبراير 1984 التي قادها رئيس حركة «أمل» وقتذاك الرئيس نبيه بري. وقدر الأخير لجنبلاط وقفته مع المقاومة و«الثنائي»، مكررا القول أمام زواره «إن هذا ليس بجديد من وليد جنبلاط»، واصفا إياه بالصديق والحليف التاريخي.
وتوازياً، نصح جنبلاط المسيحيين بتلقف الفرصة وانتخاب رئيس للجمهورية. وهنا عادت الأمور إلى نزاع بين فريقين من المسيحيين، أولهما رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل الذي يضع «فيتو» على أحد مرشحين رئيسيين هو قائد الجيش العماد جوزف عون. وللغاية قبل باسيل بالمرشح «الأكثر جدية» بحسب وصف الرئيس بري المرشح المعني لـ «الأنباء»، في يوم الخميس الأخير الذي ألقى فيه السيد حسن نصرالله خطابه الأخير، قبل اغتياله بعد أسبوع ويوم واحد من قبل الجيش الإسرائيلي. والمرشح الجدي المعني شخصية معروفة بنظافة الكف، وصاحب سجل نقي وأكثر من مميز.
في حين يحظى قائد الجيش بتأييد المعارضة المسيحية كاملة، وعدم اعتراض من الفريق الآخر، إلا أن العماد عون يتعرض لحملة شرسة وصولا إلى اتهامه بكونه مرشح الأميركيين، انطلاقا من علاقة غالبية قادة الجيش، عدا الرئيس العماد إميل لحود، بالأميركيين. في حين ينشغل القائد بأمور عسكرية صرف، ليس أقلها تأمين النازحين من أهالي العسكريين البالغ عددهم حتى كتابة هذه السطور 43 ألف شخص من زهاء 14200 عائلة، إلى «الهم الأساسي» في حفظ الأمن والتزام لبنان بتعهداته الدولية، وآخرها تأمين مطار بيروت الدولي، وصولا إلى الانتشار على الحدود وتطبيق القرار 1701.
وينفي مقربون من «القائد» وجود فريق يعمل في السياسة لديه، وخصوصا في هذه الظروف، «حيث الأولوية لحفظ الأمن ومنع حصول انقسامات داخلية غير محمودة العواقب وتسعى إليها إسرائيل بقوة».
وتبقى حظوظ العماد جوزف عون الرئاسية قائمة، انطلاقا من مسيرة لطالما وضعت القائد على حافة الخطر الشديد.
وفي سياق متصل، أصدرت قيادة الجيش أمس بيانا جاء فيه: «في ظل الاعتداءات الهمجية والمتزايدة من جانب العدو الإسرائيلي على مختلف المناطق اللبنانية، وما ينتج عنها من سقوط شهداء وجرحى ودمار كبير، يهم قيادة الجيش أن توضح أن الجيش اللبناني، إذ ينتشر على كامل مساحة الوطن بما فيها الحدود الجنوبية، يتولى مسؤولياته الوطنية ويقدم الشهداء والجرحى ويحافظ على جاهزيته للدفاع عن الأرض ضمن الإمكانات المتاحة، وذلك استنادا إلى قرارات السلطة السياسية وتوجيهاتها للقيام بما يراه مناسبا من أجل حماية لبنان والمؤسسة العسكرية، والالتزام بالقرار 1701 ومندرجاته بالتنسيق الوثيق مع قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان - اليونيفيل».
وكان مرجع رسمي لبناني كبير، أبلغ «الأنباء» أن البلاد تحتاج إلى شخصية أمنية للإمساك بها في اليوم التالي لوقف الحرب العسكرية، من أجل ضمان عدم حصول مشكلات داخلية.
في اليوميات الميدانية، قال الجيش الإسرائيلي أمس إنه شن غارات استهدفت حزب الله في القطاع الغربي من جنوب لبنان مع إعلان توسيع عملياته البرية بعد نشر قوات إضافية، وأضاف في بيان «بدأت الفرقة 146 عمليات محدودة ومركزة ضد أهداف وبنى تحتية تابعة لحزب الله في جنوب غرب لبنان».
وفيما اعلنت هيئة البث الإسرائيلية رفع علم إسرائيل في مرتفعات «مارون الراس» مقابل مستوطنة شتولا، قال حزب الله في بيان إن مقاتليه رصدوا «قوة للعدو الإسرائيلي تسللت من خلف موقع القوات الدولية اليونيفيل» وتعاملوا معها «بالأسلحة المناسبة»، ما أرغمها على «الانسحاب خلف الشريط الحدودي».
ونقل حزب الله عن «ضابط ميداني» في صفوفه قوله إن مقاتليه رصدوا «تحركا غير اعتيادي لقوات العدو الإسرائيلي خلف موقع عسكري لقوات اليونيفيل» في محيط بلدة مارون الراس الحدودية.
وأضاف ان «غرفة عمليات» الحزب طلبت من المقاتلين «التريث وعدم التعامل مع التحرك حفاظا على حياة جنود القوات الدولية»