حرب الضفّة تتجدّد: طولكرم هدفاً لعدوان غير مسبوق
حرب الضفّة تتجدّد: طولكرم هدفاً لعدوان غير مسبوق

دولية وإقليمية - Saturday, October 5, 2024 8:06:00 AM

أحمد العبد - الاخبار 

تزامناً مع فرض الطائرات الحربية الإسرائيلية لأحزمة نار على ضاحية بيروت الجنوبية، وإسقاطها أكثر من 73 طناً من القنابل فوقها، شنّت قوات الاحتلال، مستخدمةً الطائرات نفسها، غارات على مناطق متفرقة في قطاع غزة، بما في ذلك مخيم طولكرم، في حادثة هي الأولى من نوعها فيه منذ 22 عاماً. وإذ يدلّ ذلك على شيء، فإنما يدلّ على أنّ إسرائيل مصمّمة، أكثر من أي وقت مضى، على المضيّ قدماً في «ارتكاب المجازر والإبادات الجماعية»، وهو الأساس الذي قامت عليه قبل 76 عاماً على أنقاض الشعب الفلسطيني، وتحاول اليوم تكراره في جنوب لبنان وضاحية بيروت.ولأول مرة منذ عشرات السنين، أدى استهداف مقاتلة حربية لمخيم طولكرم المزدحم بالمنازل واللاجئين، إلى استشهاد 18 فلسطينياً وإصابة آخرين، وإلحاق دمار غير مسبوق بالمخيم. وعلى جري العادة، زعم جيش الاحتلال أن الغارة كانت تستهدف مقاومين في طولكرم، علماً أن الصواريخ انهالت على حارة الحمام، وهي منطقة سكنية مكتظة بالمنازل، وأصابت مقهى شعبياً في المخيم، يقع أسفل بناية سُوّيت بالأرض.
وفي خضم ذلك، واجهت الطواقم الطبية صعوبة في نقل الإصابات والشهداء، الذين تحوّل البعض منهم الى أشلاء متناثرة، وفق ما أظهرته صور تداولها روّاد التواصل الاجتماعي. أمّا حجم الدمار والخسائر البشرية، والتي شملت استشهاد عائلة بأكملها، مكونة من أب وأم وثلاثة أطفال، جنباً إلى جنب العديد من الجرحى والشهداء، فيعود على الأرجح إلى استخدام جيش الاحتلال صاروخاً ثقيلاً في القصف، بزعم أنّه كان يستهدف مسؤول العمليات في «حماس» في مدينة طولكرم، زاهي عوفي، الذي كان من بين الشهداء. وطبقاً لرواية العدو، فإنّ عوفي كان يخطط لـ«تنفيذ عملية» تستهدف قوات الاحتلال قريباً. والعوفي، الملقب بـ«الطوفان»، هو من أبرز قادة المقاومة في طولكرم، ونادراً ما كان يظهر في العلن، فيما يزعم جيش الاحتلال أنه قائد «كتائب القسام» في المدينة، ومسؤول عن عدة عمليات ضد الاحتلال. وفي أعقاب استشهاده، نعاه الفلسطينيون على وسائل التواصل الاجتماعي، مستذكرين مسيرته النضالية.
وعلى ضوء استمرار العدوان الإسرائيلي، رأى الفلسطينيون في مجزرة طولكرم، استكمالاً للمجزرة التي ارتكبت في جنوب لبنان، وقبلها في قطاع غزة، و«فاتحةً» لـ«حرب إبادة» جديدة محتملة، في مدن وبلدات الضفة الغربية، متخوفين من أنّ نموذج غزة، ومن ثم الضاحية، سيكون حاضراً في الضفة، في ظل «نشوة الجنون والدم» التي تعيشها إسرائيل، وإعلانها نيتها القضاء على كل مقاوم فلسطيني أو عربي أينما كان. ويعدّ استخدام العدوّ لطائرات «أف - 16»، مؤشراً إلى ما يتم التخطيط له في الفترة المقبلة في الضفة، التي تعدّ على رأس «بنك أهداف» إسرائيل اليوم. وعلى الأرجح، يحاول العدو أيضاً التأثير على المواطنين في المخيمات، التي كانت دوماً بمثابة «حاضنة» وحصن للمقاومين، ودفعهم إلى التخلي عنهم.

وفي مواجهة مخططات الاحتلال، خرج آلاف المواطنين في محافظة طولكرم لتشييع جثامين الشهداء الـ 17، بعد الصلاة عليهم، ثمّ توجهوا إلى منازل ذوي الشهداء في المخيم، قبل دفنهم في «مقبرة الشهداء»، في ضاحية ذنابة شرق مدينة طولكرم، بينما تمّ تشييع جثمان الشهيد محسن غازي دبايا، في مسقط رأسه في بلدة عتيل شماليّ طولكرم. وكان المشيعون يهتفون بشعارات منددة بالاحتلال، مجددين ولاءهم للمقاومة، ومطالبتهم لها بالرد على جرائم الاحتلال، ومواصلة الكفاح. كما شهدت الضفة، الجمعة، إضراباً شاملاً، في مختلف محافظاتها، حداداً على أرواح ضحايا المجزرة، بدعوة من القوى الوطنية والإسلامية. وقد دعت الأخيرة إلى «الخروج بفعاليات في كل مناطق التماس والحواجز العسكرية، والتمسك بالوحدة والنضال لإنهاء الاحتلال والاستعمار، وإقامة دولتنا الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس». على أن الكثير من الفلسطينيين ينتقدون دعوات الإضراب الصادرة عن الجهات المشار إليها بعد كل مجزرة، ويرون أنّها أصبحت بمثابة آلية «لتنفيس غضب الشارع»، وأشبه بدعوة إلى التزام المواطنين منازلهم، بدلاً من إعلان الغضب والمواجهة وتنظيم المسيرات في كل المناطق والميادين.
على الضفة الأخرى، دعت «حماس» ومختلف فصائل المقاومة، إلى ضرورة الحشد والمشاركة الجماهيرية الواسعة، في «جمعة رفع العدوان على غزة ولبنان»، وإعلان حالة النفير العام انتصاراً ووفاءً لدماء الشهداء، وتأكيداً على خيار الصمود والمقاومة، وحثّت أبناء الضفة الغربية على الخروج في مسيرات غضب جماهيرية في كل المحافظات، «والعمل على تصعيد المواجهة والاشتباك مع الاحتلال وقطعان مستوطنيه في كل المناطق، دفاعاً عن أرضنا ومقدساتنا وقضيتنا الوطنية».
كما وصفت «حماس» «قصف الاحتلال الوحشي بالطائرات لأحد المقاهي في مخيّم طولكرم، والذي أوقع عشرات الشهداء والمصابين من النساء والأطفال»، بـ«التصعيد الخطير في عدوانه المتواصل على الضفة الغربية، والدليل على وحشيته وإفلاسه، في ظل فشله الميداني في النيل من عزيمة الشعب الفلسطيني ومقاومته المتصاعدة».
وتنديداً بمجازر الاحتلال في طولكرم ولبنان وغزة، خرجت، كذلك، مسيرات في العديد من المناطق، شارك فيها عشرات المواطنين، رافعين الأعلام الفلسطينية واللبنانية، ومجددين موقفهم الداعم للمقاومة في مواجهة الاحتلال.

| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) اضغط هنا

 

تسجل في النشرة اليومية عبر البريد الالكتروني