بيروت حمود-الأخبار
لا تزال الضربة التي تلقّاها حزب الله تتفاعل في أوساط المحلّلين العسكريين الإسرائيليين الذين حاولوا فهم الاتجاه الذي تريده حكومتهم من وراء عمليات التفجير المتزامن لعمليتي الثلاثاء والأربعاء. ونقل بعض هؤلاء عن مسؤولين إسرائيليين أن العمليتين «جزء من سلسلة عمليات، هدفها توجيه ضربة تلو أخرى إلى الحزب لإفقاده القدرة على التوازن، وخلق حالة من الهلع في صفوفه، وإفقاد كوادره العميقة الثقة التي كانت قائمة لعقود، خصوصاً على مستوى أمن الاتصالات». وبالتالي، فإن لبنان قد يكون أمام مزيد من «المفاجآت»، خصوصاً بعدما ألمح وزير الأمن يوآف غالانت ورئيس أركان جيشه، هرتسي هليفي عن مسؤولية إسرائيل عمّا حدث، مشيرين إلى أن إسرائيل لم تستخدم كل ما لديها بعد.ورأى المحلل العسكري لصحيفة «يديعوت أحرونوت»، يوسي يهوشواع أن «الموجة الثانية من العمليات المنسوبة إلى إسرائيل، هي جزء من سلسلة من المُرجّح بشدة أن تفضي إلى حرب واسعة، قد تنضم إليها إيران». ونُقل عن مسؤولين أن إسرائيل «مرّرت إلى حزب الله رسائل مفادها أنه بالإمكان وقف النار، إن قبل المقترح الذي يتضمّن إبعاد قوات الرضوان عن الحدود».
وبناءً على حجم الضربة، تقدّر إسرائيل، وفقاً ليهوشواع أن يرد الحزب «بطريقة مغايرة تماماً عما سبق»، مشيراً إلى أنه «من غير الواضح إن كان سيكتفي بردّه أم لا، غير أن كل انزلاق من جانبه من شأنه أن يقودنا إلى تبادل ضربات قد تفضي إلى حرب واسعة، أو بمعنى آخر حرب لبنان الثالثة، وهو ما تستعد له إسرائيل»، مع ذلك لفت إلى أن «المصلحة الإيرانية هي إنهاك إسرائيل في جميع الجبهات في حرب طويلة الأمد. أما المصلحة الإسرائيلية فهي تقصير الحرب. إذا لم نستغل الوضع مع مرور الوقت، فقد يكون ذلك إشارة إلى عدم وجود من يرغب في تقصير الحرب في إسرائيل».
وذكّر بتصريح غالانت في وقت سابق حول نقل مركز الثقل شمالاً، مشيراً إلى أن الفرقتين 98 و36 (التي تضم لواء غولاني) الموجودتين في المنطقة الشمالية هما جزء مركزي من خطط الجيش للمناورة البرية في جنوب لبنان، وأن هذه الأخيرة هي مرحلة حاسمة لجهة «تطهير البنى التحت أرضية التابعة لحزب الله والتي أقامها في الجانب اللبناني، فإن قامت قوات الرضوان بالعودة (إلى قرى الجنوب، في حال التوصل إلى اتفاق) بألبسة مدنية فإن التهديد الحقيقي لم يُزل».
من جهته، لفت المحلل العسكري في صحيفة «هآرتس»، عاموس هرئيل، إلى أنه من المحتمل أن تمر بضعة أيام قبل أن يتضح ما إذا كانت العمليات التفجيرية في لبنان تأتي ضمن خطوة إستراتيجية تُعدّها القيادة الإسرائيلية، متسائلاً «هل نقف على أعتاب حرب؟ أم أن إسرائيل تكتفي بحساب النقاط الإيجابية التي جمعتها، باعتبار أن عدداً كافياً منها سيضمن هزيمة حزب الله؟». ورأى أن ثمة تفسيرين للنوايا الإسرائيلية المحتملة، فرئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، الذي يقود صياغة السياسة المتعلقة في الشمال، إما «يأمل أن الضغط المتزايد والهلع المتصاعد خشية ضربات إضافية، سيؤديان في النهاية إلى نقطة انهيار لدى حزب الله، وعندها سيفهم (السيد) حسن نصرالله، أن الثمن الذي يدفعه لدعمه حماس أصبح باهظاً جداً، ويسعى للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في الشمال، يتضمن انسحاب قوات الرضوان إلى شمال نهر الليطاني، ما سيسمح بعودة بعض السكان إلى البلدات الحدودية». أما التفسير الآخر، فهو بحسب هرئيل، أن إسرائيل «ربما تحاول جرّ حزب الله للحرب، عندما يردّ الأخير، لتستغل عملياً الشرعية الدولية التي ستحصل عليها عقب استهداف مدنيّيها، لتكون لديها ذريعة لدخول حرب شاملة مع لبنان».