ابراهيم عوض-الانتشار
صباح هادىء في الديمان (يوم امس الثلاثاء قبل الحدث المفجع مساء) حيث المقر الصيفي للبطريركية المارونية.هناك عند الساحة استقبلني وزوجتي رجل أمن بوجه بشوش ادخلنا صالة الانتظار المطلة على جانب من الوادي الذي يستعد لارتداء عباءة الخريف.
قبل دخولنا الى الشرفة، التي يستقبل فيها البطريرك مار بشارة بطرس الراعي ضيوفه، اطل علينا مبتسما مرحبا فبادرت الى تذكيره بحديث إذاعي شاركته فيه قبل سنوات ،العام (96)، وكان مطرانا لجبيل، في إذاعة صوت لبنان ،مع الزميلة وردة (روز الزامل ) وتناول اتفاق الطائف فأومأ برأسه وسألني عن وردة فأجبته بأنني اسمعها احيانا عبر أثير إذاعة الشرق.
ما ان جلسنا على الشرفة حتى بادرني بالسؤال عن الإعلام فأجبته بأنني آسف لما حل به ،وهو ليس بالإعلام الذي عرفته ،خصوصا في بداياتي. وانا الذي اطفأت شمعتى السابعة والخمسين في هذا المضمار .وربما قد يزعج كثيرين قولي اننا نعيش عصر الانحطاط الإعلامي.
وجدت البطريرك الراعي متفهما لما ذكرته. واشار في هذا الإطار الى ان الأعلام احيانا يروي ما دار في لقاء له مع شخصية سياسية تفاصيل ما قيل وقال قبل انفضاض الاجتماع.
قبل ان ابدأ حواري معه قدمت له كتابي الأول بعنوان ” مهمات سرية في حياتي الصحفية ” فأمسك به وقلب صفحاته ونظر الى الصور التي تجمعني مع رؤساء ووزراء عرب واجانب وعلق قائلاً : “مهمات سرية …شيء مهم سأقرأ الكتاب وأبلغك رأيي به”.
ومن الإعلام الى الرئاسة والشغور الحاصل في بعبدا يتحدث البطريرك الراعي بصوت، تلمس الغصة فيه، عن عدم حصول انتخاب لرئيس الجمهورية حتى الآن، وهو المركز الخاص بالموارنة.وهنا لفته الى دعوة الرئيس بري الى الحوار لبضعة أيام يصار بعدها الى انعقاد جلسات انتخاب متتالية وتوجههه الى المعارضين بالقول” تعالوا امتحنوني.. الا تريدون جلسات انتخاب ؟سيكون لكم ما تريدون فور الحوار”
بدا البطريرك غير رافض لهذه الدعوة .وحين استفسرت منه لماذا لا يقنع المعترضين على ذلك وحثهم على الذهاب الى الحوار و “امتحان ” الرئيس بري رد على الفور ان عليهم ان يفعلوا ذلك، وها نحن بلا رئيس منذ ما يقارب السنتين فماذا يضر الجلوس ستة أيام والخروج بعده برئيس ؟!. نحن الذين على عجلة لانتخاب رئيس للجمهورية وربما الرئيس بري ليس بمثل هذه العجلة.
وماذا عن الدكتور سمير جعجع؟. وهل سمع رأيه بهذا الخصوص؟. أوضح الراعي ان الاخير” معنّد” ويردد بأنه لا يريد انتهاك الدستور.
وفي سياق الحديث عن الرئاسة اسأل هل من اعتراض لديكم على المرشح سليمان فرنجية، وهو الذي سامح قاتل ابيه وأمه وشقيقته وفي بكركي على مرأى منكم؟ فيأتيني الجواب بالثناء على فرنجية الذي ” ما بيشكي من شي…وهو منفتح على الجميع”، لكن مع ملاحظة انه كان يؤثر ان يُقدم الأخير على الترشح بنفسه لا ان يرشحه الثنائي الشيعي وهنا مكمن الخطأ.
وفي موضوع ما يجري على الساحة الجنوبية وما إذا كان هناك من تواصل مع ” حزب الله” يفيد البطريرك الراعي ان التواصل لم ينقطع لكن السيد حسن نصرالله ربط الساحة مع غزة وهو ما فتىء يهدد بالحرب على اسرائيل، فيما الذي نشهده هو خراب الجنوب وهذا يحزننا الى ابعد حدود.. وتوقف هنا عند اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية في طهران وعدم رد الأخيرة حتى الساعة على ما ارتكب على ارضها وأضاف اليها سوريا التي لم تنخرط في الحرب ايضا خلافا لما هو حاصل عندنا.
وعن العلاقة مع الرئيس نجيب ميقاتي التي شابها بعض الاهتزاز نفى الراعي ذلك قائلا ان العلاقة جيدة وهناك ” مراسيل” بيننا وهذا ينسحب أيضا على الرئيس بري.
وأسف البطريرك الراعي لما حصل ويحصل في ” التيار الوطني الحر ” ،خصوصا لإبعاد “نجومه” الاربعة اخيرا وما شاهده على شاشة التلفزة لعدد الذين خرجوا من التيار المذكور، عازياً ذلك الى رغبة الرئيس ميشال عون بأن تكون الكلمة الفصل لصهره النائب جبران باسيل ” المتحرك ” والذي لا يدع منطقة في
لبنان إلا ويزورها.
وحول التساؤلات التي اثيرت عن ارساله موفدا من قبله لزيارة حاكم مصرف لبنان السابق رياض سلامة، الذي هو قيد التوقيف حاليا، اكد انه فعل ذلك لكي يتبين له حقيقة وضعه مشددا على ضرورة المحاكمة وسلامتها وعدالتها، رافضا في الوقت نفسه ما ذكرته القاضية غادة عون بأنها مسيحية ولم يسأل عنها حين تعرضت لكثير من التضييق والاستهداف. ويوضح في هذا الصدد الى انه لم يضع خطاً احمر على احد وكل ما طالب به ان تكون الملاحقات والتحقيقات عادلة ومحقة وبأن لا يقتصر كشف الحقيقة على شخص واحد.
وبما ان الشيء بالشيء يذكر نطرح على سيد بكركي والديمان موضوع الودائع، وقد تمنينا عليه ان يضمنها في عظاته، فيشرح ان على الحكومة ايفاء الدين الذي عليها،عن طريق الجباية الجيدة لوارداتها ومستحقاتها ومنها الأملاك البحرية على سبيل المثال، مفيدا اننا في هذا الموضوع في الهم سواء وكلنا ضاعت اموال لبنان في البنوك..