بلومبرغ
سيشهد الاقتصاد العالمي هذا الأسبوع تحولاً عندما تبدأ دورة تخفيف السياسة النقدية في الولايات المتحدة، في الوقت نفسه يقرر مسؤولو البنوك المركزية من أوروبا إلى آسيا سياساتهم النقدية وسط هشاشة في الأسواق.
رحلة قرارات السياسة النقدية حول العالم ستستمر 36 ساعة هذا الأسبوع. ستبدأ بقرار محتمل للاحتياطي الفيدرالي الأميركي بخفض سعر الفائدة يوم الأربعاء، وستنتهي بقرار بنك اليابان في أول اجتماع له منذ رفع تكاليف الاقتراض، في خطوة أدت إلى موجة بيع عالمية.
وفي هذه الرحلة، تستعد البنوك المركزية الأخرى في مجموعة العشرين وخارجها لتعديل أدوات السياسة النقدية الخاصة بها، بما في ذلك البرازيل، حيث يُتوقع أن يشدد المسؤولون فيها سياستهم النقدية لأول مرة منذ 3 سنوات ونصف. وفي المملكة المتحدة، يواجه بنك إنجلترا قراراً دقيقاً بشأن وتيرة تقليص الميزانية العمومية، وقد يشير أيضاً إلى مدى استعداده لمزيد من سياسة التيسير.
من المتوقع أيضاً أن يخفض صناع السياسات النقدية في جنوب أفريقيا تكاليف الاقتراض لأول مرة منذ عام 2020، في حين قد يبقي نظراؤهم في النرويج وتركيا على أسعار الفائدة دون تغيير.
يتصدر قرار بنك الاحتياطي الفيدرالي بؤرة الاهتمام، حيث يناقش المتداولون المترقبون قرار المسؤولين وما إذا كانوا سيرون أن خفض ربع نقطة مئوية علاج مناسب للاقتصاد الذي يُظهِر علامات فقدان الزخم، أم أنهم سيختارون خفض نصف نقطة بدلاً من ذلك. وستكون القرائن المرتبطة بمسار الاحتياطي الفيدرالي المستقبلي محورية أيضاً.
ولكن على الرغم من كل الإثارة التي تحيط بقرار الفيدرالي الأميركي، فمن المرجح أن يظل المستثمرون في حالة من التوتر والقلق، على الأقل حتى ينتهي بنك اليابان من اتخاذ قراره، وهو القرار الذي من المؤكد أنه سيخضع للتدقيق بحثاً عن أي أدلة تشير إلى اتجاهه بشأن رفع سعر الفائدة في الفترة المقبلة.
رأي "بلومبرغ إيكونوميكس"
"نعتقد أن رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول يدعم خفض أسعار الفائدة بمقدار 50 نقطة أساس. ومع ذلك، فإن عدم وجود إشارة واضحة من رئيس الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك جون ويليامز قبل فترة التعتيم التي تسبق الاجتماع، يجعلنا نعتقد أن باول لا يحظى بدعم اللجنة بالكامل"، وفق آنا وونغ، وستيوارت بول، وإليزا وينغر، وإستيل أو، وكريس جي كولينز، خبراء اقتصاديون.
أضاف: "ستظل ذكريات الاضطرابات التي شهدتها الأسواق قبل بضعة أسابيع، في ظل تراجع عمليات التداول المرتكزة على الين بعد زيادة أسعار الفائدة في يوليو، هي ما يجذب الاهتمام".
وقد تكون الصين في دائرة الضوء أيضاً، حيث من المتوقع أن يعلن المسؤولون هناك سياستهم النقدية في وقت ما، بعد أيام من إظهار البيانات أن ثاني أكبر اقتصاد في العالم يظهر علامات انكماش المتزايد.
الولايات المتحدة وكندا
عندما يلتقي صناع السياسات في الاحتياطي الفيدرالي يوم الثلاثاء لبدء اجتماعهم الذي يستمر يومين، ستكون لديهم أرقام جديدة عن حالة الطلب الاستهلاكي. وفي حين أن إجمالي مبيعات التجزئة في أغسطس على الأرجح سيتراجع بسبب تباطؤ نشاط تجار السيارات، فمن المحتمل أن تكون الإيرادات لدى التجار الآخرين قد سجلت تقدماً صحياً.
رغم علامات مرونة المستهلك، فمن المتوقع أن يظهر تقرير بنك الاحتياطي الفيدرالي المقرر صدوره في نفس اليوم استمرار الضيق في إنتاج المصانع. وتعمل الانتخابات الوشيكة في نوفمبر القادم وتكاليف الاقتراض المرتفعة على كبح الإنفاق الرأسمالي.
ويوم الأربعاء، يتوقع أن تظهر الأرقام الحكومية أن بناء المساكن قد تعزز الشهر الماضي بعد أن هبط في يوليو إلى أدنى مستوى له منذ مايو 2020. ومن المرجح أن تظهر بيانات الرابطة الوطنية للوسطاء العقاريين يوم الخميس أن إغلاق العقود على مبيعات المساكن المملوكة سابقاً ظل ضعيفاً.
وفي كندا، من المرجح أن تظهر بيانات التضخم لشهر أغسطس استمرار التباطؤ في كل من المؤشرات الرئيسية والأساسية. ومع ذلك، فالارتفاع الطفيف لن يثني بنك كندا عن مساره في تخفيف السياسة النقدية، في حين أن البيانات الهادئة بأكثر من المتوقع قد تعزز الدعوات إلى خفض أكبر لأسعار الفائدة.
آسيا
من المتوقع أن تتجه الأنظار نحو رئيس بنك اليابان كازو أويدا في أعقاب تحديد المجلس سياستة النقدية يوم الجمعة.
ففي حين يتفق خبراء الاقتصاد على أنه لن يحدث تغيير في تكاليف الاقتراض، فإن الطريقة التي يصف بها محافظ البنك مسار العملة اليابانية قد تهز الين، والتي أثارت بالفعل مخاوف المتداولين في سوق الين بعد تفوق العملة اليابانية على نظيراتها حتى الآن خلال هذا الشهر.
وفي أماكن أخرى، من المتوقع أن تظل أسعار الفائدة على الإقراض المتوسط لأجل عام واحد وأسعار الفائدة الأساسية في الصين دون تغيير، كما يُتوقع أن يبقي المركزي الإندونيسي على أسعار الفائدة دون تغيير للشهر الخامس على التوالي. فيما ستقرر السلطات في تايوان سعر الخصم يوم الخميس.
وعلى صعيد البيانات، من المتوقع أن يرتفع مؤشر التضخم الاستهلاكي الرئيسي في اليابان قليلاً في أغسطس، ما يدعم الحجة التي تدفع بنك اليابان إلى النظر في رفع أسعار الفائدة في الأشهر المقبلة.
وستصدر اليابان وسنغافورة وإندونيسيا وماليزيا أرقام النشاط التجاري، في حين من المقرر أن تعلن نيوزيلندا عن بيانات الربع الثاني التي قد تظهر انكماش الاقتصاد على نحو طفيف مقارنة بالربع السابق.
أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا
من المقرر أن تتخذ البنوك المركزية عدة قرارات في أعقاب الخفض المحتمل من قبل الاحتياطي الفيدرالي. ونظراً لاعتمادها على صادرات الطاقة المقومة بالدولار، فمن المحتمل أن تحذو دول الخليج حذو الولايات المتحدة تلقائياً بخفض أسعار الفائدة.
فيما يلي ملخص سريع للإعلانات الأخرى المقرر صدورها في أوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا، ومعظمها سيكون يوم الخميس:
- في حين لا يُتوقع أي تغيير في أسعار الفائدة من جانب بنك إنجلترا، ينتظر المستثمرون قراراً حاسماً بشأن ما إذا كان البنك سيسرع في تقليص محفظة سنداته للحفاظ على مبيعات السندات الحكومية ثابتة قبل عام من تاريخ استحقاق مبلغ ضخم من الديون. كما سينصب تركيز المستثمرين على أي إشارات بشأن وتيرة خفض أسعار الفائدة في المستقبل، وسط تكهنات بأن المسؤولين سيكثفون من خفض أسعار الفائدة في وقت قريب لمساعدة الاقتصاد.
- ومن المتوقع أن يبقي بنك النرويج على سعر الفائدة على الودائع عند 4.5%، فيما سيكون تركيز المحللين على أي تعديلات على توقعات تخفيف أسعار الفائدة أوائل العام المقبل. وفي حين يؤدي تباطؤ التضخم إلى زيادة الرهانات على أول خفض في ديسمبر، فقد يتمسك المسؤولون النرويجيون بموقفهم المتشدد وسط قوة سوق العمل واقتراب الكرونة من أدنى مستوياتها في عدة سنوات.
- من المقرر أيضاً أن تتخذ البنوك المركزية في أوكرانيا ومولدوفا قراراتها بشأن الفائدة.
- وبالاتجاه جنوباً، من المقرر أن يبقي البنك المركزي التركي على سعر الفائدة الرئيسي عند 50% بسادس اجتماع له على التوالي في انتظار تباطؤ التضخم بشكل أكبر. تراجعت وتيرة نمو الأسعار السنوية من 75% في مايو، لكنها لا تزال مرتفعة عند 52%، ويأمل المسؤولون في الوصول بها قرب 40% بحلول نهاية العام.
- وسط توقعات بأن تظهر البيانات المقرر صدورها يوم الأربعاء تباطؤ التضخم في جنوب أفريقيا إلى 4.5% في أغسطس، فمن المحتمل أن يقوم البنك المركزي بعد يوم واحد بخفض تكاليف الاقتراض لأول مرة منذ عام 2020. قال المحافظ ليسيتجا كغانياغو إن البنك سيعدل أسعار الفائدة بمجرد أن يصل نمو الأسعار متوسط معدله المستهدف عند 4.5%. تسعر اتفاقيات أسعار الفائدة الآجلة، المستخدمة للمضاربة على تكاليف الاقتراض، بشكل كامل خفضاً لسعر الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس.
- قد يكون قرار أنغولا إما بالزيادة أو الإبقاء على سعر الفائدة. وفي حين يتراجع التضخم، ضعفت العملة بنحو 7% منذ أغسطس مقابل الدولار.
- وفي يوم الجمعة، من المتوقع أن تحذو إيسواتيني، التي ترتبط عملتها بالراند الجنوب أفريقي، حذو جارتها وتخفض أسعار الفائدة.
وفي أماكن أخرى، قد تخضع تعليقات مسؤولي البنك المركزي الأوروبي للتدقيق بحثاً عن أي تلميحات بشأن مسار التيسير النقدي المستقبلي بعد خفض ثان لتكاليف الاقتراض. ومن المقرر أن يحضر العديد من محافظي البنوك المركزية، فيما ستلقي رئيسة المركزي الأوروبي كريستين لاغارد خطاباً في واشنطن يوم الجمعة.
ومن بين الأمور الأخرى التي ينبغي مراقبتها، ثقة المستهلك في منطقة اليورو المقرر صدورها يوم الجمعة. ومن خارج منطقة العملة الموحدة، توقعات الحكومة السويسرية يوم الخميس.
وبالتحول جنوباً، من المتوقع أن تظهر بيانات يوم الأحد ثبات التضخم في إسرائيل عند 3.2% في أغسطس، وهو لا يزال أعلى من مستهدف الحكومة بين 1% إلى 3%. يشهد الاقتصاد مزيداً من الضعف، لكن الحرب في غزة تسبب قيوداً على جانب العرض فيما يرتفع الإنفاق الحكومي، ما يبقي الضغوط التضخمية مرتفعة.
وفي نيجيريا، يُرجح أن تظهر البيانات المقرر صدورها يوم الإثنين تباطؤ التضخم للشهر الثاني على التوالي في أغسطس، إلى 32.3%. وذلك مع استمرار تراجع تأثير خفض قيمة العملة والإلغاء المؤقت لدعم الوقود خلال العام الماضي على الأسعار. كانت هذه الإجراءات جزءاً من الإصلاحات التي أعلن عنها الرئيس بولا تينوبو بعد توليه منصبه في مايو 2023.
أمريكا اللاتينية
يجتمع البنك المركزي البرازيلي وسط اقتصاد متسارع، وتضخم أعلى من المستهدف، وتوقعات غير ثابتة لمؤشر أسعار المستهلك، وإنفاق حكومي سخي.
وبالجمع بين كل هذه العوامل، يتوقع المستثمرون والمحللون أن يشهدوا سياسة نقدية أكثر صرامة لأول مرة منذ 3 سنوات ونصف يوم الأربعاء. فيما الإجماع على زيادة بمقدار 25 نقطة أساس إلى 10.75%، مع رفع آخر بمقدار 75 نقطة أساس بحلول نهاية العام، ليصل سعر الفائدة الرئيسي إلى 11.5%.
يتوقع أن تؤكد التقارير الاقتصادية الستة لشهر يوليو الصادرة من كولومبيا على مرونة الطلب المحلي، وهو ما دفع المحللين إلى رفع توقعاتهم للنمو في الربعين الثالث والرابع.
من المحتمل أن تتزايد وتيرة مبيعات التجزئة على أساس النتائج الإيجابية المسجلة في يونيو، والتي أنهت تراجعاً استمر 16 شهراً، في حين تشير التوقعات المبكرة إلى أن بيانات الناتج المحلي الإجمالي تظهر انتعاشاً في النشاط بعد الركود المعتدل في يونيو الماضي.
وفي باراجواي، يجتمع واضعو السياسات النقدية وسط ارتفاع التضخم قليلاً فوق المعدل المستهدف عند 4%. ويتوقع المحللون الذين استطلع البنك المركزي آراءهم خفضاً بمقدار 25 نقطة أساس بحلول نهاية العام.
وبالانتقال إلى الأرجنتين، فبعد نحو عشرة أشهر مما أطلق عليه الرئيس خافيير ميلي "العلاج بالصدمة"، من المقرر أن يقدم هذا الأسبوع بعض البيانات الدالة على حالة الاقتصاد الأرجنتيني.
قد تظهر بيانات الميزانية تسجيل الحكومة فائضاً في الميزانية في أغسطس للشهر الثامن على التوالي، في حين ساهمت نفس سياسة التقشف في انكماش الناتج المحلي الإجمالي للربع الثالث على التوالي.