كمال ذبيان - الديار
استهلكت "اللجنة الخماسية" التي كانت ثلاثية وباتت تضم كلا من:اميركا وفرنسا والسعودية ومصر وقطر، عامين ولم تتوصل بعد الى حل لازمة رئاسة الجمهورية في لبنان التي تدخل بعد اكثر من شهر العام الثاني للشغور فيها، وكذلك لم يتمكن مجلس النواب من انتخاب رئيس للجمهورية في مثل هذا الشهر (ايلول) قبل عامين وعلى مدى 12 جلسة وقبل انتهاء ولاية رئيس الجمهورية العماد ميشال عون بشهرين وفق نص الدستور.
فالرئاسة الاولى معلقة على ما ستنتجه "اللجنة الخماسية" وعلى مبادرات داخلية لبنانية لم تتوصل بعد الى اتفاق حول آلية الخروج من الجمود الرئاسي التي يراها فريق لبنان بتطبيق الدستور، وهذا ما فعله رئيس مجلس النواب نبيه بري الذي رأى ان الحوار هو السبيل او الطريق لحل انتخاب رئيس للجمهورية لكن اقتراحه بعد التعثر الذي اصابه لم يلق موافقة مسيحية فجمد بري مبادرته ليعيد التذكير بها هذا العام في ذكرى تغييب الامام السيد موسى الصدر، لكن المواقف ما زالت على حالها، الا من بعض مرونة عند "التيار الوطني الحر".
"اللجنة الخماسية" تحرك نشاطها من وقت الى اخر، فتلتقي الافرقاء اللبنانيين، ويتباحث اعضاؤها فيما بينهم في الحل، لكنهم لم يتوصلوا الى اتفاق بعد، وكان اخر المحاولات التي جرت، كان لقاء بين الموفد الرئاسي الفرنسي جان ايف – لودريان والوزير المفوض في السعودية نزار العلولا الذي يمسك بالملف اللبناني منذ سنوات، وهو على معرفة دقيقة فيه، اذ للمملكة تاريخ في متابعة الوضع اللبناني منذ اندلاع الحرب الاهلية في 13 نيسان 1975، فكان لها موفد دائم الى لبنان، كما ان حضورها في المؤتمرات الاقليمية والدولية لم ينقطع للوصول الى حل للازمة اللبنانية التي ولدت حروبا متنقلة داخلية ادت الى دمار وقتل وتهجير، اضافة الى التدخل الخارجي فيها، الذي كان يغذي الاقتتال الاهلي بين اللبنانيين لمصالح تخص الدول.
اما ما حصل في مدينة العلا السعودية بين لودريان والعلولا، فلم يكن مختلفا عن لقاء سابق جمعهما في تموز الماضي، ولم يتوصل الرجلان الى اتفاق حول حل يُنقل الى باقي اعضاء اللجنة الخماسية، وفق ما كشفت معلومات تجمعت لمراجع ساسية وديبلوماسية لبنانية عن اللقاء الفرنسي – السعودي،، اذ استعرض الوزيران ما لدى كل منهما من معطيات، شارك فيها السفير السعودي في لبنان وليد البخاري الذي عرض امامهما ما تجمع لديه من تفاصيل سواء منها الشخصية او تلك التي جمعها خلال مشاركته السفراء اعضاء "اللجنة الخماسية" في لبنان، اذ ابلغ البخاري لودريان والعلولا بان الازمة الرئاسية ما زالت تراوح مكانها وان الاطراف اللبنانية لم تبذل جهدا للحل، فدعا بري الى حوار رفضه "الفريق المسيحي"، وهذا ما زاد الوضع الرئاسي تعقيدا، اضافة الى ان "الثنائي الشيعي" متمسك بترشيح رئيس "تيار المردة" سليمان فرنجية، في وقت اتفقت المعارضة مع "التيار الوطني الحر" على اسم الوزير السابق جهاد ازعور، ولم يؤمنوا له الفوز، وهو ما ينطبق على فرنجية.
ولم يخرج لقاء لودريان – العلولا بالدخان الابيض، اذ بقي نقاشهما يدور حول حث اللبنانيين على انتخاب رئيس للجمهورية وفك ارتباطه بأزمات اخرى، سواء الحرب الاسرائيلية التدميرية على غزة او المواجهات العسكرية في الجنوب التي يساند فيها "حزب الله" غزة، ولا يوقفها الا مع وقف الحرب على غزة، وسبق له واعلن فك الارتباط يبن انتخابات الرئاسة والحرب الدائرة، وهذه خطوة ايجابية يمكن البناء عليها.
فمن خلال النقاش، تبين للوزيرين الفرنسي والسعودي أنه من الضروري الضغط على الكتل النيابية لايجاد قواسم مشتركة، وهذا لن يحصل الا بالحوار الذي لم يمانع لودريان والعلولا حصوله، في تأييد لمبادرة بري، وفق ما كشفت المعلومات التي اشارت الى ان الرجلين نظرا الى ما تشهده المنطقة من تسارع للاحداث ما بعد عملية "طوفان الاقصى" التي نفذتها حركة "حماس"، فاشتعلت الحرب في غزة، وامتدت الى لبنان وساحات مساندة اخرى من اليمن الى العراق وسوريا وحتى ايران، اضافة الى نقل العدو الاسرائيلي الحرب الى الضفة الغربية، اذ ظهر لهما ان المشهد الاقليمي معقد، وايضا الدولي بدءا من الحرب الروسية – الاوكرانية والتي تنخرط فيها اوروبا الى جانب اوكرانيا، وهذا ما ينذر بحدوث حرب عالمية ثالثة.
من هنا فان لقاء العلا السعودي الفرنسي لم يقدم حلا لانتخاب رئيس للجمهورية، بل مراوحة فيه، وهو لم يتطرق الى اسماء مرشحين، وسعيا الى تقريب وجهات النظر بين الدول اعضاء "اللجنة الخماسية" التي لكل دولة رؤيتها للوضع في لبنان، وهم ليسوا على توافق الا على ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية الذي له مواصفاته عند هذه الدول وبعضها سرّب عن اسم المرشح الذي يرتاح له، وتم التداول في بعض الاسماء في الاعلام.
فالازمة الرئاسية لم تلق الحل لها بعد لا في لبنان، ولا بين الدول، وهي في حالة مراوحة، حتى تنجلي حرب غزة، وما يرسم من خرائط للمنطقة.