ابتسام شديد-الديار
لم يعد الفتور في العلاقة بين التيار الوطني الحر وحزب الله اخفاؤه ممكنا، فالعلاقة تتراجع بشكل من الصعب تجاهلها وعدم التوقف عند أسبابها وخلفياتها، وهي نتيجة تراكمات لم يتم معالجتها في حينه، حيث يأخذ التيار على الحليف السابق عدم الأخذ بمشورته الرئاسية ، والوقوف الى جانبه في ملفات ومسائل معينة، فيما يرى الحزب ان باسيل تموضع الى جانب المعارضة، وذهب بعيدا جدا عن خط ٨ آذار لا سيما في المسائل الاستراتيجية.
وقد أتى التصعيد في عشاء هيئة الكورة في موضوع حرب غزة، ليكشف المستور ويظهر التباين العميق بين الحليفين، اذ يرفض التيار حرب الإسناد التي خاضها الحزب وفتح الجبهة اللبنانية.
من هنا، تؤكد مصادر سياسية مطلعة ان العلاقة بين الطرفين تضررت بشكل مباشر، ويلاحظ ان التواصل بين الفريقين يقتصر على قنوات تواصل معينة، ومن خلال البيانات والمواقف في الإعلام. وقد كان مفاجئا الثناء الذي أبداه التيار على خطاب رئيس "القوات" سمير جعجع في ما خص موضوع الحرب، واعتبار طريق الرئاسة لا تمر بحارة حريك وعين التينة.
ومع ان الحزب لا يبدي انفعالات أو تعليق مباشر على التيار، كما يحصل عادة بالمواجهة مع الأفرقاء الآخرين ومن ينتقد الحزب ،وحيث ان العلاقة مضبوطة ومستقرة بين مناصري التيار والثنائي الشيعي ، بخلاف ما هي مع المكونات المسيحية الاخرى، الا ان المؤكد كما تقول المصادر، ان حزب الله ليس مرتاحا لمواقف ميرنا الشالوحي. فرئيس التيار يكثر في اطلالاته من انتقاد تورط لبنان بالحرب، وتعداد الانعاكسات السلبية لحرب غزة على الواقع اللبناني كما حدث في خطابه الأخير، الذي سأل فيه عن الجدوى من الحرب ونتيجتها وربط مصير لبنان بمصير دول أخرى. فالتصعيد الأخير بعد حصول رد حزب الله على اغتيال القيادي فؤاد شكر لم يكن كما تقول المصادر ، موفقا وفي مكانه وتوقيته الصحيح.
التوتر الأخير وفق المصادر له حسابات سياسية، فأغلب الإعتقاد ان باسيل المنشغل بترتيبات معينة داخل التيار وحول عدد من الملفات السياسية، أراد توجيه رسائل معينة الى حارة حريك، لاستباق اي قرار يتعلق بالانتخابات الرئاسية مع جلاء الصورة في غزة، بإعلان استمراره رفض وصول المرشح الرئاسي الذي يختاره الثنائي.
وتقول المصادر ان ما يتخوف منه باسيل بعد الحرب ان حزب الله الذي خاض مواجهة مكلفة مع "اسرائيل" على مدى ١١ شهرا، لا يمكنه القبول بتنازلات في الداخل، وان لا يكون له الكلمة الفصل في صياغة الأحداث في المرحلة المقبلة وفي مقدمها الاستحقاق الرئاسي، ولا يمكنه تقديم تراجعات رئاسية.
مع ذلك، ثمة مَن يقول ان رفع سقف المواقف وانتقاد الحرب، لا يعني بالضرورة تدهور العلاقة بالمطلق مع الحليف في الضاحية الجنوبية في المستقبل، فقيادة التيار على يقين ان الخلاف مع حزب الله سيترك انعكاسات سلبية في الاستحقاقات والتحالفات الانتخابية المقبلة، لان الابتعاد عن حزب الله يخسّر التيار، يعني تراجع ادائه في الانتخابات وهو بحاجة لتعويض الضمور الذي أصاب تكتله النيابي نتيجة الاستقالات من التيار، وخروج نواب لهم حيثية واوزان، فيما هو يحتاج الى حواصل انتخابية في جبيل وبعبدا والبقاع وبعلبك الهرمل وزحلة.
على ان المواقف الأخيرة تصب في مكان واحد وهو تحسين الوضعية السياسية، فليس من مصلحة التيار التموضع خارج التحالف مع حزب الله، تقول المصادر، لكن باسيل يحاول ان يساير الجو المسيحي المعارض لفكرة الحرب ، وتقصد في ذلك توجيه رسالة الى حزب الله لعدم الذهاب في الخيارات الرئاسية بعيدا، وإعادة عقارب الساعة الرئاسية الى ما كانت قبل ٧ اوكتوبر والاستمرار بترشيح سليمان فرنجية، حتى لا يكون ملزما بخيارات لا يريدها اصلا.