"محور فيلادلفيا أهم من حياة المختطفين".. هل تصمد معادلة نتنياهو؟
"محور فيلادلفيا أهم من حياة المختطفين".. هل تصمد معادلة نتنياهو؟

دولية وإقليمية - Tuesday, September 3, 2024 5:36:00 PM

الحرّة

"لن نتخلى عن التواجد في محور فيلادلفيا".. تأكيد إسرائيلي جديد جاء على لسان رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو، ليشدد على تمسكه بالشريط الحدودي بين قطاع غزة ومصر، وذلك بعد مقتل 6 من المختطفين لدى حماس في غزة، مما يزيد مفاوضات الهدنة تعقيدا.

وجود الجيش الإسرائيلي في المحور المعروف أيضا بـ"صلاح الدين"، يمثل نقطة خلاف رئيسية في المفاوضات المتعثرة منذ أشهر، حيث ترفض مصر وكذلك حماس أي وجود لإسرائيل هناك، فيما يرى نتانياهو أن الجيش الإسرائيلي سيضمن بوجوده "عدم وصول الأسلحة إلى حماس مجددا"، معتبرا أن الشريط الحدودي "أنبوب الأكسجين" للحركة الفلسطينية.

ورأى محللون تواصل معهم موقع "الحرة"، أن معادلة نتانياهو أصبحت "واضحة تماما"، وفيها يؤمن بأن الحفاظ على وجود الجيش الإسرائيلي في محور فيلادلفيا "أمر في غاية الأهمية، حتى لو كان ذلك مقابل مقتل محتجزين لدى حماس".

وقال الجيش الإسرائيلي، الأحد، إن الجثث الست التي عُثر عليها في غزة، كانت لرهائن تم "قتلهم برصاص في مؤخرة الرأس"، وفق ما نقلت وكالة فرانس برس.

وفي مؤتمره الصحفي، الإثنين، وقف نتانياهو أمام خريطة تضم إسرائيل وقطاع غزة، دون أي وجود للضفة الغربية المحتلة عليها، وقال: "موقفنا ثابت بشأن محور فيلادلفيا ولن يتغير.. يطلبون منا الخروج من محور فيلادلفيا لمدة 42 يوما، وأنا أقول إذا فعلنا ذلك فلن نعود إليه ولو بعد 42 سنة".

وأضاف: "دخولنا إلى محور فيلادلفيا أجبر حماس على تغيير موقفها في المفاوضات.. شعرنا بتغيير لصالحنا في الوضع العسكري. محور فيلادلفيا هو أنبوب الأكسجين لها ويجب قطعه".

"فيلادلفيا أهم من حياة المختطفين"

ورأى محللان إسرائيليان يميني ويساري، أن سيطرة الجيش الإسرائيلي على محور فيلادلفيا "مسألة أكثر أهمية حتى وإن كان ذلك على حساب حياة عدد من المختطفين لدى حماس" في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر، لكن كل محلل رأى مبررا مختلفًا لموقف رئيس الوزراء الإسرائيلي.

وقال المحلل والباحث اليميني الإسرائيلي، مردخاي كيدار، إن السؤال المهم في هذه المرحلة هو: "هل ستنهي إسرائيل مهمتها الأهم، وهي التخلص من حماس، وذلك عبر خنقها بإغلاق محور فيلادلفيا أمامها، وهو الذي كانت تحصل من خلاله على الأسلحة والصواريخ؟".

وتابع في تصريحات لموقع "الحرة": "أم ترضخ وتنسحب من الشريط الحدودي للحفاظ على حياة المخطوفين؟ وبذلك يكون الأمر بمثابة إنقاذ لحماس، حيث ستواصل الحصول على الأسلحة والمسيّرات والذخيرة والصواريخ من إيران عبر مصر".

وأضاف: "في إسرائيل، هناك من يريد الرضوخ والاستسلام لرغبات حماس، وشاهدناهم في الشوارع، وهناك من يدرك خطورة الرضوخ وإبقاء حركة حماس على قيد الحياة، ويصر على إغلاق شريان الحياة للحركة، وهو محور فيلادلفيا".

وخرجت مظاهرات حاشدة في تل أبيب، الإثنين، مطالبة برحيل حكومة نتانياهو وبإبرام اتفاق يسمح بعودة المختطفين من غزة. كما نظمت أكبر نقابة عمالية في إسرائيل إضرابا للضغط على الحكومة من أجل إبرام اتفاق.

وتابع نتانياهو: "خروجنا من محور فيلادلفيا كان بمثابة فتح الطريق لدخول الأسلحة وغيرها لحماس.. عندما قرر (رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق، آرئيل) شارون مغادرة قطاع غزة، لم أوافق أبدا على إخلاء محور فيلادلفيا".

وكان الرئيس الأميركي، جو بايدن، قال قبل المؤتمر الصحفي لنتانياهو، الإثنين، إن الأخير "لا يبذل جهدا كافيا" للتوصل لاتفاق للإفراج عن المختطفين الذين تحتجزهم حماس (المصنفة إرهابية في الولايات المتحدة ودول أخرى)، مضيفا أن واشنطن "قريبة من عرض مقترح نهائي على المفاوضين".

وعندما سُئل عن تعليقات بايدن، قال نتانياهو إنه "يجب ممارسة الضغط على حماس، وليس إسرائيل، خاصة بعد مقتل المختطفين الستة".

وأضاف في مؤتمر صحفي في القدس: "الآن بعد هذا (مقتل الرهائن) يُطلب منا أن نبدي جدية؟ يطلب منا أن نقدم تنازلات؟ ما الرسالة التي تبعثها هذه (المطالب) إلى حماس؟ الرسالة هي: اقتلوا المزيد من الرهائن".

أما المحلل اليساري الإسرائيلي، يوآب شتيرن، فرأى أن نتانياهو "كان بإمكانه تحرير مختطفين ممن قتلوا، لكنه يرفض مقترح وقف إطلاق النار"، مضيفًا في تصريحات لموقع "الحرة" أن رئيس الحكومة "يفضل استمرار المفاوضات والحفاظ على الوجود الإسرائيلي في محور فيلادلفيا، على إنقاذ حياة المخطوفين".

وأوضح أن سبب ذلك باعتقاده، يعود إلى "اعتبارات سياسية، فنتانياهو يتحرك وفق مصالح حزبية وسياسية وشخصية ضيقة، وليس لمصلحة البلاد". 

وتابع: "لا أثق في حديثه بأن تحركاته تتعلق بمصالح أمنية مهمة أو لصالح البلاد، بل وفق أهدافه السياسية، والدليل على ذلك أن وزير الدفاع يوآف غالانت، وهو من حزب الليكود، يفكر بشكل مختلف تماما عنه".

محور "بن غفير - سموتريتش"

أدى موقف نتانياهو من المفاوضات إلى اتساع الخلاف بينه وبين غالانت، الذي دعا الحكومة في تصريحات، الأحد، إلى إلغاء قرار سابق يسمح بإبقاء القوات الإسرائيلية في محور فيلادلفيا، حيث يرى -عكس نتانياهو- أن ذلك سيقود إلى إعادة مزيد من المختطفين لدى حماس.

فيما وصف زعيم المعارضة الإسرائيلية، يائير لابيد، تصريحات نتانياهو في المؤتمر الصحفي بأنها "التفاف سياسي لا أساس له"، بهدف ضمان بقائه في منصبه من خلال استرضاء شريكيه في الائتلاف الحاكم، وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، اللذين يقودان حزبين متطرفين يرفضان تقديم أي تنازلات للتوصل إلى اتفاق.

وقال لابيد، وفق رويترز: "محور فيلادلفيا ليس هو ما يزعجه حقا، بل محور بن غفير-سموتريتش".

ورأى كيدار في حديثه للحرة، أن "معادلة نتانياهو تتمثل في أن الأمن القومي الإسرائيلي يلزمه الحفاظ على محور فيلادلفيا، وهو أمر أهم من الحفاظ على حياة بعض الرهائن".

المفاوضات إلى طريق مسدود؟

بعد الإعلان عن العثور على الجثث الست، بدأت أطراف مفاوضات وقف إطلاق النار في غزة، اتصالات من أجل دفع المفاوضات إلى الأمام، لكن نتانياهو أقدم على خطوة "نسفت" هذه الجهود، وفق تقرير لشبكة "سي إن إن" الأميركية.

وقال مصدر مطلع للشبكة إنه في أعقاب الإعلان عن مقتل الرهائن الـ6، "بدأت محادثات هاتفية لمناقشة سبل دفع جهود اتفاق وقف إطلاق النار إلى الأمام، لكن مؤتمر نتانياهو الذي عقده، الإثنين، وأعلن فيه أن القوات الإسرائيلية لن تغادر محور فيلادلفيا على الحدود بين قطاع غزة ومصر، نسف كل شيء".

وصرح المصدر: "هذا الرجل نسف كل شيء في خطاب واحد".

وذكرت تقارير إسرائيلية، أن رئيس الموساد ديفيد برنيا، كان قد سافر إلى الدوحة والتقى رئيس الوزراء القطري محمد عبد الرحمن آل ثاني، الإثنين، لمناقشة التطورات.

وكان القيادي في حماس، خليل الحية، قد قال، الأحد، إنه لن يكون هناك أي اتفاق طالما لم تنسحب القوات الإسرائيلية من محور فيلادلفيا.

وأعلنت حماس، الإثنين، أن هناك "تعليمات جديدة" لحراس المختطفين لديها في غزة، بشأن التعامل معهم في حال اقتراب قوات إسرائيلية من مواقع الاحتجاز.

وأوضحت الحركة على لسان متحدث جناحها العسكري، أن التعليمات الجديدة التي لم يذكر تفاصيلها، أُعطيت لحراس الرهائن بعد عملية إنقاذ نفذتها إسرائيل في يونيو.

وحررت القوات الإسرائيلية في ذلك الوقت 4 رهائن في هجوم دام قُتل فيه عشرات الفلسطينيين، بينهم نساء وأطفال.

لكن رغم كل هذه التطورات والتعقيدات، رأى شتيرن أن "المفاوضات لم تصل إلى طريق مسدود، ولا مفر من استمرارها"، معتبرا أنه "لا بديل أمام إسرائيل أو حماس".

وتابع: "أعتقد أن المفاوضات يجب أن تستمر وبالفعل هناك حاليا استمرار للمفاوضات، ومحاولات أميركية مصرية قطرية لبلورة مقترح جديد، تضاف إلى المقترح القائم وتطرح على الجانبين".

الضفة تشتعل

يتفق في هذا الرأي المحلل الفلسطيني، أشرف العكة، الذي أكد في تصريحات لموقع "الحرة"، أن "الأمل لا يزال قائما، خصوصا في ظل وجود جدية أميركية وحراك دبلوماسي أميركي نشط".

وتابع: "هناك مجموعة من العوامل الضاغطة على نتانياهو، مثل موقف المؤسسة الأمنية والمظاهرات، وما يمكن القول إنه اتساع دائرة الصراع في الضفة الغربية"، محذرا من أن موقف رئيس الحكومة الإسرائيلية "الصدامي يمكن أن يجر المنطقة إلى نسف كل مسارات التسوية والسلام، بما فيها اتفاقية كامب ديفيد مع مصر، ووادي عربة مع الأردن، وأوسلو مع الفلسطينيين".

والأربعاء، بدأت إسرائيل عملية عسكرية في الضفة الغربية، هي واحدة من أكبر العمليات منذ أشهر، قائلة إن "الجماعات المسلحة المدعومة من إيران، تخطط لمهاجمة أهداف مدنية"، وفق رويترز.

وشارك مئات الجنود مدعومين بطائرات مسيرة وطائرات هليكوبتر في العملية، التي تسببت في أضرار جسيمة للمنازل والبنية التحتية في جنين، ومخيم اللاجئين المزدحم المجاور للمدينة.

وقُتل ما لا يقل عن 29 فلسطينيا، وأعلنت فصائل مسلحة، من بينها حماس والجهاد الإسلامي، أن معظمهم أعضاء بها. وأفادت السلطات الصحية الفلسطينية بأن 121 شخصا آخرين أصيبوا.

كما قتل 3 شرطيين إسرائيليين، الأحد، عندما تعرضت مركبة كانوا يستقلونها لإطلاق نار قرب مدينة الخليل، في الضفة الغربية المحتلة.

وقال الجيش إن قوات الأمن حاصرت منزلا في الخليل وقتلت فلسطينيا يُشتبه في تنفيذه الهجوم.

وواصل العكة حديثه بالقول: "نتانياهو لن يصمد طويلا أمام ضغوط المؤسسة العسكرية، ومع المنعطف الخطير في الضفة الغربية. إنه يحاول خلط أوراق المنطقة والأوراق السياسية بالعسكرية بالأمنية بالأيدلوجية من أجل إطالة أمد الحرب".

ومع ذلك، استطرد قائلا: "أعتقد أننا قاب قوسين أو أدنى من اتفاق".

| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) اضغط هنا

 

تسجل في النشرة اليومية عبر البريد الالكتروني