العربية
تتعاطى الإدارة الأميركية بـ"هدوء" غير معتاد مع احتمالات التصعيد في منطقة الشرق الأوسط، فبعد اغتيال فؤاد شكر، الرجل الثاني في حزب الله، ثم اغتيال إسماعيل هنية، زعيم حركة حماس في العاصمة الإيرانية، تتحدّث أغلب التوقعات بما فيها الإسرائيلية عن سيناريوهات كثيرة للتصعيد، وعن ضربات تستهدف الأراضي وبعض المدن الإسرائيلية.
لا تحركات إيرانية
تحدّثت العربية والحدث إلى أكثر من مسؤول ومصدر في الإدارة الأميركية خلال اليومين الماضيين، وقد أكدوا أن الولايات المتحدة لم ترصد حتى الآن أي تحركات ميدانية ملموسة في إيران، أو أي مكان آخر بما يشير إلى أن إيران، أو الميليشيات التابعة لها، تحرّك قوات أو عتاداً استعداداً لضربة عسكرية.
تتابع الولايات المتحدة عن كثب ما يحاول الإيرانيون وحزب الله القيام به، ويقول مسؤول أميركي تحدّث إلى العربية والحدث "إن كل شيء يمكن أن يحدث في الشرق الأوسط"، في إشارة إلى أن المنطقة مليئة دائمة بالمفاجآت، لكنه أكد أن "الحكومة الأميركية وأجهزتها لديها رؤية واضحة لمسار القرار في إيران وتعرف كيف يطوّر الإيرانيون خياراتهم".
"رؤية واضحة"
تعطي هذه "الرؤية الواضحة" للأميركيين والإسرائيليين الكثير من الثقة، وهم يعتبرون أنهم يسبقون الإيرانيين، أقلّه خطوة، وهم قادرون على استباق مخططات الإيرانيين وقراراتهم بتنفيذ هجوم.
ويبدو أن هذه الرؤية ناتجة عن خرق استخباراتي واسع للمنظومة الإيرانية، من دون أن نعرف إن كان هذا الخرق "إنسانيا" أو خرق منظومات تكنولوجية تعطي الأميركيين معلومات عن حركة الإيرانيين ومسار قراراتهم لدى وقوع أزمة، أو عندما يريد الإيرانيون اتخاذ خطوة عسكرية.
استباق دبلوماسي
ليس هناك شك أيضاً أن الأميركيين يملكون وسائل رصد كثيفة في السماء الإيرانية، وهم قادرون من خلالها على معرفة حركة القوات والأسلحة بما فيها الصواريخ الباليستية والصواريخ العابرة. وعند مشاهدة أي تحرّك، يقوم الأميركيون بالاستعداد لهجوم إيران، كما أنهم يعملون بسرعة على إيصال رسائل مباشرة وغير مباشرة للإيرانيين بأن الخطوة التي هم مقبلون عليها مكشوفة، وعلى إيران التخلّي عنها لأن الأميركيين قادرون على إحباطها.
كما ليس هناك تأكيد الآن في واشنطن للقنوات التي استعملها الأميركيون للاتصال بطهران، أو من هم الأشخاص الذين قاموا بمهمة الاتصال بالإيرانيين مباشرة أو بطريقة غير مباشرة. لكن من المعروف أن الأميركيين يعتمدون جداً على قناة الاتصال الدبلوماسية، وهي السفارة السويسرية في طهران، وتقوم برعاية المصالح الأميركية في إيران منذ أوائل الثمانينيات، كما أن الأميركيين يلجأون إلى قنوات صديقة لهم مثل مسقط والدوحة، ويقوم العمانيون والقطريون بدورهم بإيصال الرسائل والتحذيرات الأميركية إلى طهران.
هجوم أبريل الفاشل
تقييم الأميركيين الآن بحسب مسؤول أميركي تحدّث إلى العربية والحدث "أن طهران ستأخذ وقتاً لتقرّر نوعية الرد، كما أنها ستأخذ وقتاً لإعداد هذا الردّ". وأشار خلال حديثه مع العربية والحدث إلى "أن الإيرانيين فهموا من تجربة القصف على إسرائيل في شهر ابريل الماضي أن الولايات المتحدة من جهة وإسرائيل من جهة أخرى كانتا قادرتين على إحباط الهجوم".
ومن المعروف أن هجوم 13 ابريل الماضي فشل إلى حدّ كبير، لأن إيران تحدّثت عنه كثيراً قبل إطلاقه، وكان ظاهراً للاستطلاعات الجوية والاستخباراتية، كما أن أطرافا دوليين يتمتعون بقدرات عالية مثل الفرنسيين والبريطانيين ساعدوا على إحباط الهجوم.
ضربات استباقية
هذه المرّة سيعمد الإسرائيليون إلى شنّ ضربات استباقية، بحسب تقدير الأميركيين الذين تحدّثت إليهم العربية والحدث، ولن ينتظروا شن الهجمات على أراضيهم، كما أن الأميركيين سيتخذون الخطوات الضرورية لمساعدة إسرائيل على إحباط أي هجوم على إسرائيل.
فيما لم يؤكد مسؤول أميركي تحدّث إلى العربية والحدث إن كانت الولايات المتحدة مستعدّة لشن هجمات استباقية على غرار ما تفعله في اليمن، لكنه أشار إلى أن القيادة المركزية المسؤولة عن المنطقة ستأخذ الإجراءات المناسبة بحسب ما يمليه الوضع.
التزامات بايدن
ربما يكون أهم ما قيل حول هذه القضية ما أشار إليه البيت الأبيض يوم الخميس مساء بعد مكالمة الرئيس الأميركي جو بايدن مع رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، حيث أشار البيان الرسمي إلى أن بايدن ناقش "الجهود المبذولة لدعم دفاع إسرائيل ضد التهديدات، بما في ذلك ضد الصواريخ الباليستية والطائرات بدون طيار، ونشر منظومات عسكرية دفاعية أميريكية جديدة"
لا هجوم واسعاً
آخر التقديرات الأميركية، بحسب مصادر العربية والحدث، تشير إلى أن الإيرانيين مثل الإسرائيليين لا يريدون القيام بهجوم واسع، أو خوض معركة واسعة، أو الدخول في تصعيد مفتوح، وربما يختار الأطراف اللجوء إلى الهدوء، وهذا ما يريدونه ويريده الأميركيون، ولكن "أنت تتعاطى مع الشرق الأوسط، وكل شيء ممكن أن يحدث".