رجال الدفاع المدني في جبل لبنان الجنوبي يواجهون الموت يومياً بإمكانيات متواضعة وآليات معطلة
رجال الدفاع المدني في جبل لبنان الجنوبي يواجهون الموت يومياً بإمكانيات متواضعة وآليات معطلة

أخبار البلد - Friday, August 2, 2024 6:48:00 AM

احمد منصور-الانباء الكويتية

 

خط الدفاع الأول. يندفعون بعزم استجابة لنداء الإغاثة. إنهم الجنود المجهولون المعلومون، رجال الدفاع المدني على الأراضي اللبنانية كافة، من خلال مراكز إقليمية.

 

ومن هذه المراكز، المركز الإقليمي في جبل لبنان الجنوبي، حيث يعيش عناصره، أوضاعا مأساوية ومعاناة مزمنة، نتيجة تدهور الأوضاع الاقتصادية والمالية في لبنان منذ العام 2019. وانعكست تلك الأوضاع سلبا على كافة مرافق الحياة، فتراهم يصارعون ويواجهون الموت يوميا، خلال عمليات إخماد الحرائق التي تشهدها المنطقة بكثافة، لافتقارهم العتاد والألبسة الواقية من النيران.

 

ما يزيد من تلك المعاناة والصعوبات، أن معظم آليات الإطفاء متوقفة عن العمل، نتيجة الأعطال التي تطرأ عليها أثناء مهمات إخماد الحرائق. ويتعذر إصلاحها وصيانتها، بعد ان باتت الكلفة تفوق إمكانات المديرية العامة للدفاع المدني.

 

الوضع الصعب دفع بالقيمين على هذا الجهاز اللجوء إلى الخيرين في المنطقة، من رؤساء بلديات وجمعيات وأهالي طلبا للمساعدة في متابعة مسيرة الدفاع المدني، وحماية للبيئة والطبيعة التي يتميز بها لبنان.

 

وسجل تجاوب كبير في هذا المجال، إلا ان تفاقم الأزمة واستفحالها، شكلا حاجزا أمام وجود الدفاع المدني على الخارطة وصموده في مواجهة التحديات والملمات التي تضرب الوطن بمختلف قطاعاته، لاسيما وانه يعتبر خط الدفاع الأول في عمليات إخماد الحرائق والإنقاذ خلال الحوادث والظواهر البيئية وحتى الأحداث الأمنية.

 

يضم المركز الإقليمي في جبل لبنان الجنوبي، الموجود في بلدة شحيم، خمسة مراكز هي: شحيم الإقليمي والعضوي، برجا العضوي، المطلة العضوي والدبية العضوي، وتشمل مهمات هذه المراكز، القرى والبلدات من نهر الدامور غربا وصولا إلى بلدة بعقلين شرقا، وجنوبا حتى نهر الأولي. وتدخل في نطاق كل مركز مناطق حرجية كثيفة.

 

في كل مركز آلية إطفاء واحدة، علما ان هذه الآليات أصبحت قديمة العهد وبحاجة إلى إعادة تأهيل. لكن في ظل الوضع الاقتصادي المتردي الذي تمر به البلاد، هناك صعوبة في تأهيل الآليات بالشكل المطلوب وصيانتها، ويتم اللجوء إلى التجزئة في تنفيذ هذه الأعمال وعلى مراحل.

 

في مركز شحيم سيارتا إطفاء، واحدة كبيرة وأخرى صغيرة تستعمل لحوادث السير والإطفاء في المناطق الضيقة التي لا تصل اليها السيارة الكبيرة، بالإضافة إلى سيارة «بيك اب» ورافعة و«بوبكات» (جرافة صغيرة).

 

يحتاج المركز إلى سيارة إسعاف، علما انه لا توجد سيارات إسعاف في المراكز المتبقية باستثناء المطلة. ولابد من الإشارة إلى ان الوضع الأمني غير مستقر في البلاد، ما يحتم الحاجة إلى سيارات إسعاف.

 

في مركز المطلة تعمل سيارة إطفاء وسيارة جيب وسيارة إسعاف، وفيه موظفين ومتطوعين. اما مركز الدبية ففيه سيارة إطفاء واحدة معطلة منذ ثلاثة أشهر، علما ان نطاقه الجغرافي واسع وفيه مناطق حرجية كثيفة، ويبلغ عدد عناصره 18 مع رئيس المركز.

 

بالنسبة إلى مركز برجا العضوي، هناك رئيس مركز وإدارية و12موظفا، اي 16 عنصرا، ويوجد فيه سيارة إطفاء شغالة.

 

رئيس المركز الإقليمي للدفاع المدني في جبل لبنان الجنوبي حسام دحروج، قال لـ«الأنباء»: «لا توجد حدود جغرافية لعمل الدفاع المدني. وتطال عملياتنا كل المناطق، إذ ساهمنا أخيرا في إخماد حرائق في الجنوب، ومنها في بلدة علما الشعب أثناء القصف الإسرائيلي بالقنابل الفوسفورية». وشدد على «ان الدفاع المدني جسم واحد، وكل عملياتنا متداخلة مع بعضها البعض، وان المركز الضعيف بالآليات يتلقى الدعم من المراكز الأخرى.»

 

وتحدث دحروج عن أبرز المعوقات، مؤكدا ان معظم الآليات معطلة، وباتت قديمة العهد، وأحدثها عمره 24 سنة، وان كل مهمة تنفذ ينقص من عمرها 3 سنوات، «ناهيك عن خطورة الطرقات الوعرة والترابية التي هي نطاق عملنا، وتتسبب باستهلاك الدواليب والأعطال».

 

وتابع: «نعيش في دوامة، اذ ان السيارة التي تتعطل تستغرق وقتا طويلا لإعادة اصلاحها، وقد تطرأ عليها أعطال أخرى».

 

وأكد «ان المعوقات الأساسية هي افتقارنا إلى لتجهيزات والألبسة الخاصة بعمليات الإطفاء، فعناصرنا ليست محمية. نصارع النار بألبسة بالية.. لذا نحن معرضون للموت بفعل ذلك بين لحظة وأخرى. كما أننا معرضون لحالات الاختناق من قوارير الهواء التي بات عمرها اكثر من 30 سنة، بسبب ترسبات مادة الفيبر، وهذا ما يدفعنا إلى استخدام الوسائل البدائية في اطفاء الأماكن المغلقة، اذ نقوم بربط ألبسة قطنية على وجهنا بعد وضع المياه عليها، لمنع تنشق الدخان خلال اطفاء الحريق».

 

وأضاف: «نعمل في منطقة جبلية وحرجية، ولا تتوفر فيها الطرقات، والعائق الأكبر في هذه المناطق وجود ألغام وقذائف من مخلفات الحرب الأهلية التي شهدتها المنطقة. تواصلنا مع وزير البيئة الدكتور ناصر ياسين، وأبلغنا انه سيتم تأمين سيارات رباعية الدفع مجهزة بخزانات مياه صغيرة، لاستخدامها في مثل هذه المناطق للحد من انتشار الحرائق، مشددا على أهمية وضرورة تأمين مصادر المياه لسيارات الاطفاء».

 

وأشار إلى «انه في هذا المجال تقدمنا بعدة اقتراحات، أهمها ضرورة وضع خزانات معلقة داخل المناطق الحرجية، واستحداث مسارب من شبكات المياه القريبة من المناطق الحرجية، وتكون متناسقة مع الخراطيم المعتمدة في آلياتنا، لنستغل الوقت ونعمل على الحد من الأضرار».

 

ولفت إلى «وجود مسرب واحد للدفاع المدني في بلدة مزبود. والموضوع يرهقنا، اذ ان الوصول إلى المسرب يتطلب وقتا طويلا، وقد تكون عندها رقعة الحريق توسعت، لذا نناشد مؤسسة مياه بيروت وجبل لبنان وبلديات المنطقة، استحداث مسارب مياه لسيارات إطفاء الدفاع المدني عند مواقع الآبار الارتوازية التي تغذي بلدات المنطقة بالمياه».

 

وأضاف: «نستعين في المناطق الحرجية البعيدة والمواقع الخطرة، والتي لا تصل اليها سيارات الإطفاء بطوافات الجيش اللبناني».

 

من جهته، قال وزير البيئة د. ناصر ياسين في تصريح لـ «الأنباء»: «نعمل منذ ثلاثة مواسم على تخفيض حرائق الغابات. ونقوم بحملات توعية مع مجموعات الرصد التي تعمل مع الدفاع المدني والبلديات والمتطوعين. واستطعنا خلال عامين خفض المساحات المحروقة في كل لبنان، من خلال طريقة العمل التي اتبعناها».

 

وأثنى «على التضحيات التي يقدمها رجال الدفاع المدني»، مشددا على ضرورة أن نقف إلى جانبهم، لأنهم يحاربون «باللحم الحي»، ومؤكدا «على أهمية وجود هذه المؤسسة في البلاد، والتي تسهم في الحفاظ على طبيعة لبنان الخضراء وبيئته الجميلة»

 

| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) اضغط هنا

 

تسجل في النشرة اليومية عبر البريد الالكتروني