جوزف فرح-الديار
في ظل الازمة المالية المستفحلة في لبنان تعلو صرخة المواطن الذي بات يتوجع من ألف سبب وسبب وفي مقدمة هذه الأسباب الغلاء وارتفاع الأسعار التي تزداد بشكل غير معقول مما يثير تساؤل الجميع من دون استثناء عما يحصل على أرض الواقع وهل هذا الارتفاع هو أمر طبيعي في ظل قدرة شرائية متدنية جدا للمواطن.
رئيس نقابة السوبرماركت نبيل فهد يجيب عن هذا التساؤل ويوضح الأسباب التي تقف خلف ذلك .
"انا ساتكلم بالعلم والمنطق وليس شعبويا او بسطحية وذلك لكي تفهم الناس واقع الأسعار حقيقة.يوجد اليوم تضخم داخلي بالأسعار ناتج عن عوامل عدة داخل لبنان بالاضافه إلى تضخم خارجي ناتج عن عوامل خارجية . صحيح أن سعر الدولار ثابت داخليا مما يجعلنا نقول انه من غير المفروض ان يؤثر هذا العامل على اسعار السلع الا اذا تغير خارجيا وهذا يعني أن العامل الأساسي في التضخم بالدولار هو خارجي أما العامل الداخلي في التضخم بالدولار فهو متأتي من زيادة الاكلاف الجارية للمؤسسات اي "operations and expenses " ومن الضرائب. لقد زاد الجمارك الضريبة من ١٥٠٠٠ إلى ٨٩،٥٠٠ وهو عامل داخلي يؤثر على زيادة الكلفة .أن الضرائب والرسوم قد زادت وكذلك كلفة الكهرباء وضرائب الأملاك المبنية والبلديات وهي كلها تزيد كلفة المعاملات وهي بالنتيجة زيادة في اكلاف المؤسسات والتي باتت تصريحات الضمان الاجتماعي الخاصة بها على سعر ٨٩،٥٠٠ إلى جانب زيادة الأجور ودولرتها وهذا كله يزيد الاعباء الداخلية .أما الذي يحد من زيادة الأسعار داخليا هو المنافسة وليس الرقابة التي تعتبر ضرورية لمراقبة الغش والاحتكار وعدم وجود منافسة بالإضافة إلى مراقبة نوعية وجودة السلع . أن ضبط الأسعار فعلا يكون من خلال المنافسة ومنع الاحتكار . أن اي سلعة معروضه على رف السوبرماركت يوجد منها العديد من الماركات والاصناف ومن مصادر مختلفة حول العالم مما يؤكد عدم الاحتكار ووجود منافسة واعلان الأسعار في قطاع السوبرماركت . أن الأصناف والأسعار في اي سوبرماركت مفتوحة للناس التي باستطاعتها القيام بمقاربة بين ٢٠ او ٣٠ نقطة بيع او سوبرماركت في لبنان لأن أسعارها معلنة ومعروفة وهنا تقع المنافسة التي تضبط الأسعار. أن الاحصائيات الخاصة بالمواد الغذائية والمشروبات التي تصدر دوريا تبرهن ما أقوله بالأرقام فالاحصاء المركزي يقول أن نسبة الغلاء بالمواد الغذائية والمشروبات بين شهر أيار وشهر نيسان قد تراجع بنسبة ١،٢٧% ، كما يوجد تراجع بنسبة ٠،٢٤% بين شهر حزيران وشهر أيار".
لكن ما قولكم بالزيادة التي تتعدى٤٨% منذ اول العام ؟
"هذه أرقام تلقى دون أي دراسة ويجب توضيح الأمور إذ عندما يوجد تضخم سلبي فهذا يعني أن الأسعار تتراجع لأنه يوجد منافسة وهي تخرق الأسعار السلبية. أيضا يوجد نقطة مهمة جدا وهي أن الاحصاء المركزي لا يأخذ بعين الاعتبار كل الأصناف الموضوعة ضمن العروضات التي تكون عادة مرحلية وهو يأخذ العروضات هذه بشكل جزئي ولا يستطيع اخذ كل العروضات كاملة في كل نقاط البيع او السوبرماركت. أن كل سوبرماركت لديها أسبوعيا مجموعة من العروضات وتخفيضات كبيرة على الكثير من السلع . أن نسبة التخفيض الذي يطال الأسعار كبيرة جدا. أيضا عندما ننظر إلى زيادة اسعار السلع علينا أن نراعي انها تشمل الانخفاض الذي حصل بقيمة الليرة .يوجد منذ شهر أغسطس ٢٠٢٣ استقرار بسعر الدولار لكننا اذا قمنا بمقارنة نجد ان سعر الصرف وصل في شهر حزيران ٢٠٢٣ إلى ١٤٠٠٠٠ليرة".
لكن هذا السعر كان ليومين او ثلاثة فقط والحقيقة أن سعر الدولار منذ أغسطس ٢٠٢٣ ثابت على ٨٩،٥٠٠ فما تفسيركم لذلك؟
"أجل أنه ثابت على هذا السعر وقد اثر على الاستقرار هذا عدة عوامل اولها القدرة الشرائية الضعيفة إذ أن الطلب بات محدودا والتضخم الداخلي أيضا محدودا وهو ناتج حصرا عن زيادة الاعباء. أن الزيادة بالنتيجة متأتية من عوامل زيادة الكلفة والضرائب المفروضة داخليا . في الماضي كانت تداعيات حرب اوكرانيا لها تأثيرها في زيادة الأسعار بالإضافة إلى زيادة اسعار البترول وزيادة اسعار المواد الأساسية في تصنيع المواد الغذائية مثل القمح والذرة وزيت الصويا وهي تشكل المواد الأولية لعدد هائل من مواد تصنيع المواد الغذائية. بعد ذلك جاءت حرب غزة في العام الماضي ولا زالت مستمرة بالإضافة إلى ضرب السفن في البحر الأحمر مما تسبب برفع كلفة النقل اضعافا مضاعفة مما اثر على سعر أصناف محددة مثل التونة ،الذرة وهي بمعدل٩٥%منها تستورد من الشرق الأقصى وكذلك الأرز والأسماك المجلدة . هذه الأصناف تغيرت أسعارها بفعل كلفة النقل والتأمين ومدة الشحن التي طالت اي بمعنى أدق لقد زادت الكلفة والمدة. لا يوجد نقص بالكميات في السوق إنما تأخر بوصول الماركات وهذا سبب أساسي بزيادة أسعارها كما أن سعر البترول لا يزال عاليا ويسهم بارتفاع السعر اكثر. لقد أجريت مقارنة بين اسعار بعض الأصناف المعروضة في لبنان وفي دول أخرى هي الأردن ودبي وبوسطن في اميركا والرياض في السعودية وقد وجدت أن السعر في لبنان هو الأرخص بينها . أن مستوى الأسعار في لبنان مقارنة مع الأسواق الأخرى هي أكثر انخفاضا. لا يوجد داخليا اية أسباب تسهم بارتفاع اسعار السلع الا ما ذكرته سابقا في زيادة الاكلاف دون أن ننسى أن الكهرباء سابقا شكلت نسبة ١ او ٢% من الاكلاف وقد وصلت فيما بعد إلى ١٢% في العامين الماضيين وهي حاليا تشكل نسبة ٥او ٦% لأنه تم تعديل إنتاج الكهرباء وتعديل إضافي بانتاج الطاقة الشمسية .هذه هي مقاربتي العلمية للعوامل التي تؤثر على الأسعار".
ما رأيكم بأن الإنتاج الوطني قد ارتفعت أسعاره أيضا ليصل إلى ما يعادل الإنتاج المستورد؟
"هذا اكيد لأن العوامل نفسها تؤثر على الإنتاج الوطني والمستورد فالمواد الأولية المستخدمة في الإنتاج الوطني كلها مستورده فمثلا لانتاج الطحينة نستورد السمسم بالكامل من الخارج وكذلك معلبات الفول المدمس والحمص المتبل نقوم باستيراد الحمص والفول من الخارج ثم نصنعه. أن اسعار المواد الأولية المستوردة زادت أسعارها خارجيا ولهذا ارتفعت اسعار الإنتاج الوطني".
برأيكم من يقرر ارتفاع الأسعار واين دور وزارة الإقتصاد؟
"أنه بناء على كلفة السلعة التي استوردها أضع السعر لها في السوق وانا اذا وضعت سعرا مرتفعا فلن أستطيع بيعها واذا عرضتها بسعر مرتفع فالمستهلك لن يشتريها لكن إذا عرضتها بسعر منافس فالكل سيشتريها . إذن تحديد السعر يتم بناء على اكلاف السلعة اي كلفتها الفعلية وكلفتها التشغيلية. ثم أن اي وزارة او مؤسسة رسمية لا تستطيع تحديد السعر بشكل مطلق ففي النهاية السوق مفتوح وحر وخاضع لقوى العرض والطلب ويتم تحديد السعر نسبة للاكلاف وليس نسبة لرأي اي شخص".
الا يلعب الاحتكار دوره في تحديد السعر؟
"لا يوجد احتكار في المواد الغذائية إنما يوجد منافسة بين عشرات الشركات المستوردة لعشرات الأصناف وبنفس الوقت يوجد ٢٢٠٠٠نقطة بيع تتنافس فيما بينها . إذن المنافسة موجودة ومفتوحة وهي الحل برأيي. أن السوق الذي يعتمد على المنافسة بإمكانه الوصول إلى افضل سعر لكن المهم ان تكون عوامل المنافسة موجودة وأولها اعلان الأسعار الذي يؤدي إلى قيام المنافسة وبالنتيجة يستطيع المستهلك المقارنه بين اسعار السوبرماركت ومحلات البيع واختيار السعر الأنسب له".
اعلان الأسعار في السوبرماركت اليوم كله بالدولار؟
"ان قرار وزارة الإقتصاد كان واضحا جدا بخصوص الأسعار التي تكون على السعر الذي يحدده المورد. حاليا اسعار الخضار والفواكه بالليرة وباقي الأصناف بالدولار " .