رشا جدة - الشرق
مع تزايد القلق الديمقراطي من قدرة الرئيس الأميركي جو بايدن على التغلب على المرشح الجمهوري دونالد ترمب، تقترب حملة بايدن من نهايتها وسط توقعات بالانسحاب من السباق الرئاسي، بنهاية الأسبوع الجاري.
وبدأت الضغوط الديمقراطية تزداد على بايدن، منذ "المناظرة الكارثية" في 27 يونيو الماضي، حتى أن الرئيس السابق باراك أوباما أبلغ حلفاءه في الأيام الأخيرة بأن طريق بايدن إلى الفوز تقلص إلى حد كبير، معتقداً أنه يحتاج إلى التفكير بجدية في جدوى ترشيحه.
وحذرت رئيسة مجلس النواب السابقة نانسي بيلوسي، الرئيس بايدن، من أن يفقد الديمقراطيون القدرة على السيطرة على مجلس النواب، إذا لم يبتعد بايدن عن سباق 2024، خاصة أن استطلاعات الرأي تُظهر أنه لا يستطيع هزيمة ترمب في الانتخابات المقررة في 5 نوفمبر المقبل.
وتوقع العديد من كبار الديمقراطيين، في تصريحات لموقع "أكسيوس"، الخميس، أن تقنع الضغوط المتزايدة من زعماء الحزب في الكونجرس والأصدقاء المقربين، بايدن باتخاذ قرار الانسحاب، في أقرب وقت ممكن هذا الأسبوع.
وازدادت حدة الانقسامات الديمقراطية مؤخراً، بشأن استكمال بايدن السباق الرئاسي، بعد تحرك أعضاء اللجنة الديمقراطية للمضي قدماً في عقد اجتماع افتراضي والتصويت على ترشيح بايدن قبل أسابيع من مؤتمر الحزب.
ومن شأن هذه الخطوة أن تضفي الطابع الرسمي على ترشيح الرئيس الأميركي، إذ يتوقع أن تدعم أغلبية كبيرة من مندوبي الحزب، بنسبة 80% ترشيحه.
ومع زيادة أعداد الديمقراطيين في مجلس النواب الذين يطالبون بايدن بسحب ترشيحه، إضافة إلى ضغوط المانحين الديمقراطيين وقادة الأعمال بوقف تمويل الحملة، أدركت حملة بايدن أنه "لا يوجد مسار للفوز"، وبحسب شبكة NBC NEWS، تبدل موقف بايدن وراء الكواليس، بشأن انفتاحه على فكرة التنحي، على الرغم من إصراره العلني على أنه لن يذهب إلى أي مكان، وأنه سيواصل الترشح.
هاريس الخيار الأول لخلافة بايدن
ومع اقتراب انسحاب بايدن، احتلت نائبة الرئيس كامالا هاريس، الخيار الأول لتحل محله في الانتخابات.
وبينما يحتاج الديمقراطيون إلى اتخاذ قرار سريع والاتفاق على بديل لبايدن، حال انسحابه، قبل نحو 100 يوم فقط من الانتخابات، يحاول بعض المسؤولين والناشطين الديمقراطيين تجاوز هاريس كخليفة لبايدن، والدعوة إلى سباق مفتوح مصغر.
واعتبر السياسي الديمقراطي والمبعوث الخاص للرئيس السابق بيل كلينتون لمنطقة الشرق الأوسط ريشارد جودستين، أن هاريس هي المرشحة الوحيدة لخوض السباق الرئاسي في حال انسحاب بايدن.
وقال لـ"الشرق" إنه "لا يوجد أي ديمقراطي آخر ينافس هاريس، باعتبارها البديل الأوضح الذي خاض حملة رئاسية من قبل".
لكن الباحثة السياسية الديمقراطية، مادلين كونواي، قالت إنه في تلك المرحلة من الانتخابات "لن يكون هناك أي شيء مضمون، ولا الاتحاد الحزبي حول بديل لبايدن".
ولفتت كونواي في تصريحات لـ"الشرق"، إلى دعوات من بعض الديمقراطيين لإجراء انتخابات مصغرة للاختيار من بين أسماء متعددة تكون بديلاً لبايدن، حال الانسحاب من السباق، مشيرة إلى عدم وجود وقت كاف.
ورجح الديمقراطي ومدير مؤسسة RC Communications للاتصالات كالفين دارك، أن يكون ترشيح الحزب الديمقراطي لهاريس السيناريو الأكثر حدوثاً.
وأرجع في تصريحات لـ "الشرق"، هذا الأمر إلى 3 أسباب، الأول مالي، إذ أن هاريس يمكنها الوصول إلى الأموال التي تم جمعها من التبرعات لحملة بايدن بسهولة أكثر من غيرها، والثاني سياسي، حيث أن معظم الأميركيين الأفارقة والعديد من النساء في الحزب الديمقراطي لن يدعموا تجاوز أول نائبة رئيس أميركية من أصول إفريقية لصالح مرشح آخر، أما الثالث فهو سبب عملي، لأن الانتخابات تبقى عليها أكثر من 100 يوم، ويمكن لهاريس أن تبدأ حملتها على الفور دون الحاجة إلى تنظيم حملة أو تعريف نفسها للناخبين، كما أن جميع المندوبين الذين تعهدوا لبايدن ليسوا فقط مندوبيه، بل هم مندوبو هاريس أيضاً باعتبارها نائب الرئيس.
ووصف أستاذ السياسة العامة في مركز الدراسات العليا في جامعة نيويورك، براون هيث، ضمان التفاف الديمقراطيين حول هاريس، بأنه "منطقة مجهولة" لم تُستكشف من قبل، معتبراً أن الأفضل للحزب الديمقراطي، في ذلك الوقت تحديداً، أن يكون ديمقراطياً ومنفتحاً قدر الإمكان في المضي قدماً.
لكن المحامي الحقوقي والمرشح السابق في مجلس النواب عن الحزب الديمقراطي، روبرت باتيلو، أشار إلى أن الجهات المؤثرة في الحزب الديمقراطي تريد أيضاً، التخلص من هاريس.
وقال باتيلو لـ "الشرق"، إنهم "يتعاملون مع بايدن وهاريس كصفقة واحدة، إذا انسحب بايدن، فإن هاريس أيضاً سيجري إبعادها"، متوقعاً وقوع كارثة بالحزب إذا تم تخطي هاريس، عند انسحاب بايدن "لو حدث ذلك فإن الناخبين من أصل إفريقي سيثورون ويدمرون الحزب الديمقراطي لجيل كامل".
واعتبر الناشط الديمقراطي والمحامي الحقوقي ألين أور، أن القادة الديمقراطيين الذين يطالبون بايدن بالانسحاب يرتكبون ظلماً كبيراً بحق 4 ملايين ناخب دعموه في الانتخابات التمهيدية.
وقال أور لـ"الشرق": "تاريخياً، أي مرشح ينسحب في هذه المرحلة من السباق تؤدي إلى خسارة الحزب في الانتخابات العامة".
احتمالات هزيمة ترمب
وبعد محاولة اغتيال ترمب، في تجمع انتخابي في بنسلفانيا، السبت الماضي، ارتفعت أسهمه واكتسب زخماً بين الناخبين الجمهوريين والمترددين، لكن تفوقه على بايدن في استطلاعات الرأي، بعد المناظرة المتعثرة للأخير، كان هامشياً.
وأظهر استطلاع رأي أجرته NPR/PBS NewsHour/Marist الأسبوع الماضي، أن بايدن وترمب لا يزالا متعادلين إحصائياً نوعاً ما، بنسبة 50% إلى 48% حتى في أعقاب المناظرة التي تعرضت لانتقادات واسعة النطاق.
ومع تزايد الدعوات التي تطالب بايدن بالانسحاب، وجد الاستطلاع أن أياً من الديمقراطيين الذين طرحت أسماؤهم كبدائل محتملة، بما في ذلك هاريس، وحاكم ولاية كاليفورنيا جافين نيوسوم، وحاكمة ولاية ميشيجان جريتشن ويتمر، لم يكن أداؤهم أفضل من بايدن عند مقارنته بترمب.
ومع ذلك، اعتبر جودستين، الذي عمل مستشاراً ومتحدثاً باسم المرشحين الرئاسيين الديمقراطيين في الإعلام الأميركي منذ عام 1996، أن هاريس قادرة على هزيمة ترمب، على الرغم من الزخم الذي اكتسبه بعد حادث إطلاق النار.
وقال جودستين إن "الانتخابات في نوفمبر، ما يعني أنه مازال أمامها وقت لينفض ذلك الزخم. الشعب الأميركي يكره ترمب بشدة".
وذهب دارك إلى أبعد من ذلك، قائلاً إن "أي شخص يختاره الحزب الديمقراطي كمرشح جديد، إذا انسحب بايدن من السباق، يمكنه هزيمة ترمب، إذا أدار حملة نشطة من الآن وحتى نوفمبر".
واعتبر دارك أنه على الرغم من الدعم الحماسي الذي يحظى به ترمب من قاعدته الجمهورية، إلا أنه "مرشح ضعيف للغاية"، مبرراً ذلك بأنه "مجرم مدان وغير محبوب من مجموعات كبيرة من الناخبين، خاصة النساء والأقليات".
وأضاف: "إذا تمكن مرشح ديمقراطي جديد من تذكير الأميركيين بشكل فعال بماضي ترمب والسياسات التي يريد تنفيذها مستقبلاً، يمكن للديمقراطيين الفوز في الانتخابات".
غير أن باتيلو توقع أن تكون فرص ترمب أفضل، إذا انسحب بايدن، ولن يستطع أي مرشح ديمقراطي آخر هزيمته.
وقال في هذا الصدد: "إذا انسحب بايدن فإن هذا يعني استسلام الديمقراطيين، وسيضمن ذلك إعادة انتخاب ترمب وكذلك الأغلبية في مجلسي الشيوخ والنواب في الكونجرس والمحكمة العليا ستكون جمهورية".
واستبعد براون هيث، أن يغير حادث إطلاق النار "الشنيع" على ترمب، من مسار السباق أو حظوظه في الانتخابات، قائلاً: "السباق طوال الوقت كان متقارباً بين ترمب وبايدن. لن يغير الحادث من ذلك، لأن الانتخابات بعد 4 أشهر من الحادث. في الوقت نفسه، أي بديل لبايدن لن تتراجع حظوظه بسبب حادت ترمب".
5 بدائل لبايدن
وتعد هاريس، وهي مدعية عامة سابقة وعضو في مجلس الشيوخ من كاليفورنيا، الخيار الأول والأقوى بين الديمقراطيين لتكون بديلاً لبايدن.
وفي حين تقاسمت هاريس، منذ توليها المنصب، تصنيفات ضعيفة مع بايدن، فإنها تألقت في الدفاع عن الحقوق الإنجابية، ووُصِفت بأنها أقوى صوت في فريق بايدن بشأن الإجهاض، منذ قرار المحكمة العليا في قضية "دوبس" الصادر في يونيو 2022، إذ حشدت عدداً أكبر من الناخبين، بما في ذلك النساء في الولايات التي يقودها الجمهوريون.
وباعتبارها أول امرأة من أصول إفريقية، تشغل منصب نائب الرئيس، فقد جذبت شريحة واسعة من الناخبين ذوي الأصول الإفريقية والشباب.
وبجانب هاريس هناك بعض الأسماء الأخرى، لكن دارك يتوقع أن يرشح الحزب الديمقراطي هاريس، قائلاً إنه "رغم وجود العديد من الديمقراطيين المؤهلين، الشباب، المتنوعين والشعبيين الذين سيكونون بدائل ممتازة لبايدن، أعتقد أن الحزب سيتحد خلف هاريس لأنها الخيار الأقل تعقيداً".
جريتشن ويتمر
تأتي حاكمة ولاية ميشيجان، جريتشن ويتمر، كأحد الخيارات المطروحة، وتمثل ويتمر الجناح المعتدل في الحزب الديمقراطي، وهي مدافعة كبيرة عن الحقوق الإنجابية.
وتولت ويتمر منصب حاكمة الولاية لفترتين، وهي نائبة رئيس اللجنة الوطنية الديمقراطية. وفي حملة عام 2022، كانت ويتمر واحدة من 3 أذرع أعطت الديمقراطيين في الولاية المتأرجحة سيطرة كاملة، من خلال الفوز بمقعد الحاكم ومجلسي النواب والشيوخ، لأول مرة منذ 40 عاماً.
وفي عام 2020، أحبط مكتب التحقيقات الفيدرالي FBI، محاولة اختطاف ويتمر، على يد مجموعة تنتمي لميليشيا ميشيجان، المشككين في وجود فيروس كورونا والرافضين لقرارها بفرض إجراءات احترازية.
جافين نيوسوم
ويعد حاكم ولاية كاليفورنيا، جافين نيوسوم، وهو عمدة سان فرانسيسكو السابق الذي خدم لفترتين كنائب حاكم. ويعتبر نيوسوم جامع تبرعات كبير للحزب الديمقراطي، إذ أعلن نيته خوض الانتخابات الرئاسية عام 2028.
جي بي بريتزكر
تردد اسم حاكم ولاية إلينوي، جي بي بريتزكر، كبديل محتمل لبايدن، إذ دخل بريتزكر الحياة السياسية مبكراً، وتولى منصب الحاكم مرتين منذ عام 2019، وأعيد انتخابه مرة أخرى عام 2022.
واشتهر بريتزكر، الذي ورث ثروة هائلة تقدر بنحو 3.5 مليار دولار منها سلسلة فنادق حياة، بانتقاداته اللاذعة لترمب.
وظل بريتزكر، وهو جامع تبرعات ديمقراطي بارز، مدافعاً عن استمرار بايدن في السباق، على الرغم من الانقسامات المتزايدة، كما لديه سجل تقدمي حافل في ما يتعلق بحقوق الإجهاض والسيطرة على الأسلحة.
وشغلت شقيقته بيني بريتزكر، منصب وزيرة التجارة في عهد باراك أوباما من عام 2013 إلى أوائل عام 2017.
جوش شابيرو
يعتبر حاكم ولاية بنسلفانيا والمدعي السابق للولاية جوش شابيرو، أحد المرشحين بقوة لخلافة بايدن.
وحصل شابيرو على إشادات واسعة من الديمقراطين والجمهورين على طريقة تعامله مع حادثة إطلاق النار على الرئيس السابق في تجمع انتخابي في بنسلفانيا.
وانتخب شابيرو لعضوية مجلس النواب عن ولاية بنسلفانيا عام 2005، وفي عام 2017، أصبح المدعي العام للولاية، وتكمن أهمية شابيرو، في قدرته على الحصول على موافقة نسبة كبيرة من الجمهوريين على عمله، في الولاية المتأرجحة، والتي فاز فيها بمنصب الحاكم على خصمه الجمهوري دوج ماستريانو في 2022.
ودافع شابيرو عن بايدن بعد المناظرة، وقال في تصريحات على شبكة CNN: "هذه النتيجة النهائية. لقد خاض بايدن ليلة مناظرة سيئة، لكن ترمب كان رئيساً سيئاً".