نظم إتحاد مجالس رجال الأعمال اللبنانية الخليجية بالشراكة مع الهيئات الاقتصادية اللبنانية وبالتعاون مع شركة Boston Consulting Group (BCG)، اليوم في مقر غرفة بيروت وجبل لبنان، ملتقى إقتصادياً متخصصاً بالاستثمار في السعودية في ضوء رؤية المملكة 2030، بمشاركة سفير المملكة العربية السعودية في لبنان وليد بخاري، رئيس الهيئات الإقتصادية الوزير السابق محمد شقير، رئيس إتحاد مجالس رجال الأعمال اللبنانية الخليجية وسام العريس، مدير وشريك في شركة "BCG" رامي رفيع، وبحضور أعضاء الهيئات الإقتصادية ورؤساء النقابات والجمعيات الإقتصادية وحشد من رجال الأعمال وإعلاميين.
وخلال الملتقى قدم خبراء من "BCG"، وهي إحدى الشركات الإستشارية العالمية، عروضاً مختلفة عن مناخ الاستثمار في السعودية والفرص المتاحة وكيفية الاستثمار فيها، فضلاً عن الجدوى الاقتصادية والتحفيزات والتسهيلات التي يتم توفيرها.
وألقى شقير كلمة قال فيها صباح الخير، صباح السعودية مملكة الخير والعطاء والمحبة في غرفة بيروت وجبل لبنان "بيت الاقتصاد اللبناني". اضاف "أغتنم المناسبة لأوجه التحية للمملكة قيادةً وشعباً وولي العهد سمو الأمير محمد بن سلمان على رؤيته وطموحه وتصميمه في جعل السعودية في المقدمة في المنطقة وعلى مستوى العالم. واليوم هذا الطموح أصبح واقعاً ملموساً، حيث باتت المملكة مركزاً إقتصادياً عالمياً مرموقاً ولاعباً أساسياً في العلاقات الدولية، وقد تمكنت في وقت قياسي من تحقيق نقلة نوعية جَبّارة على المستويات الإقتصادية والإجتماعية والثقافية والترفيهية وفي مختلف نواحي الحياة".
وتابع شقير "نهنئ الأمير الشاب ونشد على يده، وسنكون كقطاع خاص دائماً الى جانبه في مشروعه وطموحه الذي يصل لجعل الشرق الأوسط أوروبا الجديدة"، معلناً جهوزية القطاع الخاص اللبناني للإنخراط بشكل أكبر في تحقيق رؤية المملكة 2030، وهذا شرفٌ كبيرٌ لنا، لطالما كان لنا تاريخ طويل من التعاون والشراكة والعمل في المملكة ومواكبة تطوير الاقتصاد السعودي والنهضة السعودية.
ورأى شقير أنه اليوم ومع المشاريع الكبرى المطروحة في السعودية نحن أمام فرصة كبيرة لترسيخ شراكة إقتصادية ليس بين لبنان والسعودية فحسب، إنما شراكة إقتصادية عربية بمعناها الواسع"، لافتاً الى أن هناك مشاريع تشاركية كثيرة بين لبنان والمملكة، وهناك أيضاً 22 إتفاقية بين البلدين جاهزة للتوقيع، وتتطلب وجود رئيس للجمهورية لتوقيعها، ومن شأنها الإنتقال بالعلاقات الثنائية الى مرحلة جديدة أكثر تقدماً وإشراقاً.
وقال شقير "من هذا الملتقى نسأل الله أن يلهم القوى السياسية اللبنانية لإنتخاب رئيسٍ للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة لإعادة الإعتبار للدولة بكل أبعادها ووظائفها، وبشكل أساسي إعادة العلاقات الى سياقها التاريخي والطبيعي بين لبنان والدول الخليجية الشقيقة وبشكل خاص مع المملكة". وأضاف "الأكيد أيضاً، أـننا اشتقنا كثيراً لرؤية الاشقاء الخليجيين والسعوديين في شوارع بيروت وفي المناطق اللبنانية الأَحَبّ على قلوبهم"، مؤكداً الإيمان بالشراكة الأخوية اللبنانية السعودية، والعمل بقوة "لنكون حاضرين وفاعلين في المشاريع المطروحة، خصوصاً أن السعودية كانت وستبقى قبلتنا والحاضن الأكبر للشعب اللبناني، ولا نرى أنفسنا إلا ضمن هذا النسيج القائم على تاريخ طويل من أفضل العلاقات الأخوية".
وألقى العريس كملة قال فيها "يرفد تنظيم هذا الملتقى الأهداف التي يسعى إلى تحقيقِها إتحاد مجالس رجال الأعمال اللبنانية الخليجية بتنمية العلاقات الإقتصادية اللبنانية الخليجيةِ وفق مرتَكزات وأسس واضحة المعالم، منها: زيادة التبادل التجاري، تسويق المنتجات في الأسواق، تفعيل التعاون الصناعيِ والسياحي، تبادل الخبرات والمعلومات، إقامة تحالفات بين الشركات، وتفعيل النشاط الإستثماري". أضاف "من هنا، كان قرار إتحاد المجالس بالشراكة معِ الهيئات الإقتصادية، بالعمل على تفعيل النشاط الإستثماري، ومواكبةِ إحدى ركائزِ رؤية 2030، المتمثلة بِخَلقِ مَشاريعَ إستثمارية ضخمة ومتعّدة، ما يمثل فرصا كيدة ومجدية لجميع المستثمرين، ونافذة لرجال الأعمال اللبنانيين ليلعبوا دورا ضمن هذه الفرصة التاريخية.
وقال عريس "أرست رؤية السعودية 2030 أسسا قوية لنجاح ثابت، فاعتبرت أن القطاع الخاص هو الشريك الإستراتيجي الدائم الأكثر أهمية، وبدأتْ بتنفيذ إصلاحات بنيوية جذرِية شملت جميع النواحي الاقتصادية والاجتماعية، إضافة إلى تنويع الاقتصاد، ودعم المحتوى المحلي، وخلق فرص نمو مبتكرة تعززها بيئة داعمة للاستثمارات المحلية والأجنبية، بالتزامن مع فتح صندوق الاستثمارات العامة لقطاعات جديدة، تسهم في النمو الاقتصادي للمملكة، كلّ ذلك بشراكات مع القطاع الخاص والقطاع غير الربحي. ويقود هذه الركائز طموح لا يحد: بأن تكون السعودية ضمن أكبر 15 اقتصاد عالميا، بأن تكون ضِمن لائحة الـ10 دول عالميا من ناحية التنافسية، بأن ترفع مساهمة القطاع الخاص بـ65 في المئة من الناتج الوطني الاجمالي، بزيادة مساهمة القطاعات غير النفطية بنسبة 50 في المئة، بزيادة عامل الاستثمار الأجنبي بنسبة 5.7 في المئة من الناتج المحلي الاجمالي.
ورأى العريس إن تحقيق هذه الأهداف يتطلب إستثمارات هائلة، وهي تطرح أمام الشركات العربية والعالمية فرصا أكيدة ومجدية ضمن إطار من التنافسية والشفافية وِفق أفضل المعايير العالمية، مشدداً على ضرورة أن تستعد الشركات اللبنانية جيدا لرفع كفاءاتها وتكون على قدر المنافسة مع الشركات الأجنبية.
ولفت العريس الى ان رجال الأعمالِ اللبنانيين اعتادوا لسنوات طويلة على بيئة العمل في السعودية ولديهم صداقات وعلاقات أخوية كثيرة ووطيدة مع الاشقاء السعوديين، سيكون بإمكانهم خلق تحالفات والإستثمار في المشاريع المطروحة. كما إن هذه الظروف المؤاتية ومع وجود إتحاد المجالس، سيشكل أرضية قوية لدخول مستثمرين لبنانيين جدد الى السوق السعودية.
ثم تحدث رفيع عن فرص الاستثمار في المملكة، وقال "تمتلك السعودية طموحات كبيرة تتعلق بالاستثمار باعتباره من الركائز الثلاث الأساسية لرؤية 2030"، مشيراً الى أنه تم إطلاق الاستراتيجية الوطنية للاستثمار قبل سنتين وتهدف لتفعيل وتحريك الاستثمارات، وتستهدف الوصول إلى 2 تريليون ريال في الاستثمارات الأجنبية بحلول عام 2023 أي 5،7 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي". واضاف "من أجل تحقيق ذلك انشأت المملكة عدد من الصناديق والشراكات والبرامج التي من شأنها تشجيع وتحفيز الاستثمارات الوطنية والأجنبية، هذا بالإضافة إلى إنشاء المناطق الاقتصادية الخاصة وكل ذلك تحت إشراف الهيئة الوطنية العليا للاستثمارات، والتي تقدم تسهيلات وحوافز تنافس باقي المناطق الاقتصادية الخاصة الأخرى، منها: ضريبة أرباح الشركات التي لا تتجاوز 5% على مدى 20 سنة، وهو ما شجع انتقال مكاتب الإقليمية لنحو 480 شركة إلى المملكة التي تم منحها الكثير من التسهيلات والاعفاءات لتسهيل أعمالها. هذا بالإضافة إلى التسهيلات والاعفاءات أيضاً على الإقامة والتأشيرة وتسهيل شراء العقارات بالإضافة إلى التسهيلات المالية.
كما عرض رفيع للاستثمار في قطاع التعليم باعتباره من أهم الوجهات التعليمية في منطقة الشرق الأوسط مع وجود نحو 8،3 ملايين طالب على مختلف المستويات التعليمية، حيث نشهد الكثير من الاستثمارات في هذا القطاع لتطوير القطاع وتحديثه حيث التركيز اليوم يصب في تحسين مستوى التعليم وإدخال التعليم الرقمي وذلك من خلال تحديث الأنظمة التعليمية وإزالة المعوقات لإفساح المجال أمام الاستثمارات الخاصة.
كما تحدث رفيع عن قطاع الطاقة المتطور في المملكة، لافتاً إلى أنه ليس فقط نفط وغاز بل هو يتوزع على قطاعات مختلفة منها قطاع البتروكيميات والطاقة النظيفة والنقل والتوزيع وإعادة التدوير، وكلها مرتبطة بعضها ببعض لتوفير طاقة نظيفة وذات جودة عالية. وتسعى المملكة من الحد من الاعتماد على الطاقة وتشهد في هذا الإطار استثمارات في الطاقة المتجددة والعمل على المحافظة على البيئة وتحقيق الاستدامة.
وقدم الإستشاريين في شركة BCG وسام سمعان عرضين منفصلين عن أهمية قطاع الهندسة والمقاولات لا سيما في قطاع الترفيه الذي بلغت استثماراته 12 مليار دولار مع استهداف المملكة 100 مليون سائح بحلول عام 2030. كما تم عرض عدد من المشاريع الضخمة التي تشهدها المملكة ومنها نيوم وبوابة الدرعية والقدية كلها مشاريع ضخمة وأصبحت في مراحل تطوير متقدمة، هذا بالإضافة إلى مشاريع لا تزال قيد الدرس والتطوير ولم يتم بعد الإعلان عنها تصل قيمتها إلى تريليون دولار على مدى 15 عاماً المقبلة، ومنها إكسبو، والألعاب الشتوية وكأس العالم كلها مشاريع تدل على الطلب المتزايد والالتزام بإنجازها في الوقت المحدد. هذه المشاريع كلها تدل على أهمية قطاعي المقاولات والبناء والذي يأتي في المرتبة السابعة كمساهم في الناتج المحلي الإجمالي والذي خلق نحو 2،1 مليون فرصة عمل، مشيراً إلى أن الشركاء جميعاً يعملون على تطوير القطاع وتذليل العقبات التي تواجهه.
وتم التطرق الى التطور الحاصل في قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات الذي شهد تحولاً نوعياً منذ العام 2016، خاصةً ان المملكة تعمل لتكون مركزاً رقمياً أساسياً في المنطقة، وهي بذلك تستهدف الشركات الكبرى في هذا المجال، كما المهارات والتنافسية، لتجعل من المملكة شريكاً أساسياً في التحول والاقتصاد الرقمي، وعلى هذا الأساس تعتبر مركزاً مهماً جداً للاستثمار في هذا القطاع،
وتسعى المملكة لخلق شراكات مع القطاع الخاص وهي تؤمن التسهيلات والتحفيزات المطلوبة من أجل مواكبة النمو في القطاع.