بلومبرغ
كشف النصف الأول من العام الجاري عن ظواهر مناخية متطرفة تشير إلى أن التغير السريع للمناخ أصبح ظاهرة في جميع قارات العالم. فمن كندا التي شهدت حرائق غابات استمرت لأكثر من عام، إلى دبي التي ضربتها فيضانات أدت إلى توقف الحركة بالمدينة، وصولاً إلى درجات الحرارة القاتلة التي اجتاحت شوارع نيودلهي.
خلال هذا الأسبوع، سيكون الملايين على طول الساحل الشرقي للولايات المتحدة، المنطقة الأكثر اكتظاظاً بالسكان في البلاد، تحت موجة حرارة شديدة. فمن المقرر أن تصل درجات الحرارة في سنترال بارك بحي مانهاتن إلى 95 درجة فهرنهايت (35 درجة مئوية) بحلول يوم الجمعة. أما في الجزء الجنوبي من الساحل، فتواجه فلوريدا للأسبوع الثاني أمطاراً غزيرة بالقرب من ساراسوتا، في ظروف مناخية لا تتعدى احتمالية حدوثها مرة كل 500 إلى 1000 عام، فيما قد تتجاوز قيمة أضرارها مليار دولار.
دفع عهد جديد من الأمطار الغزيرة الأكاديمية الوطنية للعلوم في الولايات المتحدة يوم الثلاثاء إلى التوصية بإعادة تشغيل تقديرات "الحد الأقصى المحتمل لهطول الأمطار" في البلاد، كما وجّهت بتطوير البنية التحتية. لم يتم تحديث البنية التحتية منذ عام 1999 على مستوى البلاد، وفي بعض المناطق لأكثر من 60 عاماً. ويواجه أكثر من 16 ألف سد في وضع خطير و50 محطة طاقة نووية، جميعها متقادمة، ظروفاً مناخية متطرفة جديدة.
يوضح التقرير طرق استخدام نماذج المناخ الحديثة لتحديث التحليل المتعلق بالاحتباس الحراري العالمي. وقد اعترف التقرير بأن "الطقس الجامح" يدخل مرحلة جديدة ما "يتوجب على الولايات المتحدة أن تكون مستعدة"، بحسب جون نيلسن جامون، أستاذ في جامعة "تكساس إيه آند إم" وعالم المناخ في الولاية، والذي شارك في كتابة الدراسة.
لم يعد الطقس مجرد رمية نرد متوازنة. بل أصبح أشبه برمي نرد يشمل أرقاماً سداسية على ثلاثة جوانب، أو حتى سبعات وثمانٍ، كما وصفته كاثرين هايهو، الأستاذة المتميزة في جامعة تكساس للتكنولوجيا والتي درست تأثير المناخ. فمصطلح "الاحتباس الحراري العالمي" في حد ذاته والذي يشير إلى نوع من القدرة على التنبؤ، ربما لم يعد يناسب هذا العصر. تقول هايهو: "في هذه الأيام أعتقد أنه من المناسب بشكل أكبر أن نطلق عليه "الغرابة العالمية"، مضيفة: "حيثما نعيش، أصبح طقسنا أكثر غرابة".
درجات حرارة غير مسبوقة
أدت الغازات الدفيئة المسببة للاحتباس الحراري العالمي في العام الماضي إلى ارتفاع درجة الحرارة بمقدار 1.3 درجة مئوية مقارنة بما كانت عليه قبل الثورة الصناعية. وقد سجل شهر مايو الماضي متوسط درجات حرارة قياسية للشهر الثاني عشر على التوالي على مستوى كوكب الأرض، فيما سجلت المحيطات مستويات جديدة من الحرارة على أساس يومي لأكثر من عام، وقد تسببت هذه الظروف المناخية في هطول أمطار غزيرة وحدوث فيضانات وعواصف مدمرة. بل حتى موجات برد غير متوقعة. فقد شهدت لندن وباريس وبرلين وأجزاء أخرى من أوروبا انخفاضاً في درجات الحرارة في وقت سابق من شهر يونيو الجاري إلى ما دون مستويات ليلة عيد الميلاد الماضي.
لكن، تظل الحرارة وما يصاحبها من جفاف وفيضانات وحرائق غابات، الظاهرة الأكثر انتشاراً للطقس الغريب والوحشي هذه الأيام. فقد وصل خطر الحرائق إلى مستويات خطيرة في اليونان وإسبانيا، لتمتد إلى الريفييرا الفرنسية. وفي مصر، اقتربت درجات الحرارة من 51 درجة مئوية (124 درجة فهرنهايت) في وقت سابق من هذا الشهر، كما ألحقت الفيضانات أضراراً بالبنية الأساسية وهددت المحاصيل في الصين. وقد واجهت أجزاء كبيرة من جنوب آسيا درجات حرارة اختبرت مستوى تحمّل جسم الإنسان، في حين زادت الحرارة الشديدة في غزة من تفاقم الأزمة الإنسانية. وفي شرق أفريقيا أودت أمطار غزيرة بحياة المئات كما جرفت الماشية.
ظواهر مناخية متطرفة