وجّه عضو تكتل "الجمهورية القوية" النائب بيار بو عاصي عبر صحيفة "الشرق" القطرية الشكر والتقدير إلى دولة قطر "على جهودها لمساعدة لبنان للخروج من أزمته عبر الاستماع إلى آراء مختلف القوى والأحزاب ومدى تقبلهم لإيجاد منطلقات للتفاهم والتوافق تؤسس لبلورة مبادرة سياسية"، مضيفاً: "الدوحة عودتنا أن تكون حريصة على استقرار وسيادة لبنان من دون أن تتدخل في الشؤون السيادية ولكن تطرح نفسها كمساحة للقاء والحوار وهي رسالة رائدة وراقية ومميزة".
واكد بو عاصي أن "الدوحة محقة في قلقها على الوضع في لبنان وهو ناجم عن عدم قدرة الأطراف اللبنانيين على انتخاب رئيس الجمهورية"، مؤكدا أن "القوات اللبنانية تؤيد موقف قطر بأن الحل يبدأ بالسياسة أولا"، مضيفاً: "أزمة لبنان ليست ذات بعد واحد وحزب الله وحركة أمل مسؤولان عن كمّ مهمّ من المشاكل والمصائب في البلاد لكن ليس كل المشاكل للأمانة رغم عدائيتي تجاه ما قام به حزب الله وتسبب في ضرب الاستقرار في لبنان، عدم قبول قواعد اللعبة هو ما يسبب عدم الاستقرار".
واشار الى انه في لبنان هناك عقد اجتماعي تأسس على أسس الدستور وإرادة العيش المشترك بين المكونات السياسية والأفراد كما حصل في أوروبا"، وحذّر من أن "كل من يضرب العقد الاجتماعي بالاستقواء يضرب أسس لبنان وسينفجر الوضع بشكل خطير في أي وقت".
عن مدى إمكان أن يقود هذا الخوف إلى العودة للحرب، ذكّر بو عاصي أن "الحرب انتهت باتفاق الطائف وكانت القوات من أركانه الأساسية وكان هاجسها الخروج من الحرب وتأسيس مستقبل هادئ وقانوني ودستوري"، لكنه اشار الى ان "هناك واقعا ثابتا بأن وجود أي مجموعة سياسية أو أمنية تعمل على إلغاء وجود المجموعات الأخرى وتهميشها تكون النتيجة عاجلا أم آجلا أمرين: إما أن تضبط الدولة الإيقاع وتمنع هذه المجموعة من "التغوّل"، وإما ستكون هناك حرب أهلية".
تابع: "اليوم حزب الله ضاغط عسكريا وأمنيا على كافة الأطراف اللبنانية وترجم ذلك على المستوى المؤسساتي لذلك نحن اليوم نتكلم وفي 2008 قدمنا للدوحة لأن حزب الله احتل بيروت بكل وضوح. كل ما نريد تفاديه هو الوصول لما كنا عليه سنة 75، ولكن إذا لم يتم ضبط التوازن وإعادة المساواة بين المكونات اللبنانية، أخشى ما أخشاه أن نصل إلى توازن الرعب وتوازن القوى. لا أحد يعرف حينها من أي تبدأ وكيف ستنتهي مثل النار تبدأ وتأكل ذاتها وتغذي ذاتها. لكننا ضد القتل والاحتكام للغة السلاح ونحن اليوم بحاجة مُلحة إلى تحقيق التوزان وضبط الأوضاع بتدخل من الدولة وتحكيم القانون أو سيكون هناك ميل لتوازن الرعب والعنف".
رداً على سؤال، أجاب: "الفدرالية ليست أمرا خطيرا هي طريقة حكم معتمدة في عدة دول على غرار سويسرا وإسبانيا لكن هناك توجس كبير من فكرة الفدرالية في لبنان لكن إذ طرح الموضوع على الطاولة وتم الاتفاق عليه فسيكون الأمر ممكنا، كل الخيارات الأخرى كاللامركزية في لبنان لها أبعاد إنمائية كالكهرباء والخدمات ومستوى الإنماء يتأثر بالتوترات الداخلية والطائفية والتوازن الطائفي يتدخل في كل المواضيع (الكهرباء، النفايات، الماء) وبالتالي يمكن أن تكون الفدرالية أو اللامركزية الإنمائية أحد الحلول، لكن يجب الاتفاق عليها لكنها ليست حلا سحريا خاصة بالنسبة للمسيحيين الذين أصبحوا يطرحون علامات استفهام على الكيان اللبناني وليس الدولة اللبنانية، بوصفهم مؤسسين لدولة لبنان 1920".
تابع: "الفدرالية هي حل ولكن ليس سحريا لوجود عوامل أخرى منها حزب الله وتأثيره على علاقات لبنان بكل دول العالم وتحديدا الدول العربية. الفساد ما هو حله؟ الانهيار الاقتصادي، تهريب المخدرات، أن يكون عندك جيش أولا؟ ليس هناك حل سحري للتخلص من كل المشاكل، الفيدرالية قد تكون أحد أنظمة الحكم الناجعة في لبنان، وقد لا تكون وبكل الأحوال 3/4 مشاكلنا مركزية وليست لا مركزية إلا الجانب الإنمائي. وبالتالي حل اللامركزية هو حل إنمائي وليس حلا سياسيا".
عن مدى الحاجة لإعادة تكوين العقد الاجتماعي، أجاب: "لا أعتقد اليوم الطبقة السياسية جاهزة لإنتاج صيغة جديدة وهناك فائض قوة. السؤال إذا وضعنا صيغة جديدة هل سيلتزم بها حزب الله؟ أنا لا أعتقد، لأن منظومته وارتباطاته الخارجية تحديدا بإيران وأيديولوجيته لا تسمح بالتزامه بنظام قديم ولا بنظام جديد، الظرف اليوم غير ملائم لإنتاج عقد اجتماعي جديد، لأن العقد الاجتماعي يتطلب توافق كافة الأطراف وتوفّر نية صلبة للوصول على إجماع عليه. الآن ليس هناك إجماع على أي شيء ولا على انتخاب الرئيس، فكيف سيكون هناك إجماع على عقد حكم جديد؟".
واكد بو عاصي، أن "حزب الله ليس حزبا لبنانيا ولا حزبا إلهيا، إنما هو حزب إيراني عناصره لبنانيون بالهوية وليس بالانتماء، لأنهم يتبعون حزبا دينيا أيديولوجيا مرتبطا بشكل عضوي مع إيران. وأهمية حزب الله أنه على تماس مع إسرائيل وهي الجبهة الوحيدة بين إيران وإسرائيل. ولذلك فإنني أجزم أن الدستور اللبناني ليس له قيمة عند حزب الله لأن ارتباطه خارج لبنان. وهو أيضا يقدم المصالح الإيرانية بأشواط على المصالح اللبنانية. ومشكلتنا مع حزب الله أن لديه قاعدة جماهيرية كبيرة وليس هناك إمكانية لانفضاض هذا الرابط بين حزب الله وإيران".
عن موقف "القوات"، في حال توافقت اللجنة الخماسية على ترشيح سليمان فرنجية، ذكّر بو عاصي أن "في انتخابات العام 2016 الفرنسيون والسعوديون رشحوا سليمان فرنجية وكان صدى الموقف السعودي أكثر تأثيرا وتبنى الموقف الرئيس سعد الحريري ووليد جنبلاط. ومع ذلك لم يتم انتخاب سليمان فرنجية، لا يستطيع أحد أن يفرض علينا مرشحا. لا يستطيع الخارج أن يفرض على الداخل ما يريد. هناك فريق من اللبنانيين قد يتقبل تعليمات الخارج ولكن هناك فريق آخر، ونحن منهم، نرفض السير بشيء لا نقتنع به. اليوم أستطيع القول إن الفرنسيين دعموا سليمان فرنجية لمدة سنة ونصف السنة على أساس معادلة رئيس الجمهورية نحن نختاره ورئيس الحكومة أنتم تختارونه. وهذه معادلة أثبتت فشلها. وإذا طلبت منا الخماسية انتخاب فرنجية سنرد عليهم أننا سنحافظ على أفضل علاقات معكم لكن لن ننتخب فرنجية".
في موضوع النازحين السوريين، ذكّر ان "لبنان استضاف النازحين السوريين طيلة 13 سنة. هذا ما يتناساه البعض ونتهم بأننا عنصريون لمطالبتنا بعودة السوريين. لا يوجد في العالم من دفع ثمن النزوح السوري مثلما دفعه لبنان حيث بلغ النازحون 50 % ولذلك لا يمكن لأحد أن يزايد علينا. السوريون جاءوا إلى لبنان لأسباب أمنية وبقوا لأسباب اقتصادية، مما يجعل الكيان اللبناني في خطر. ولذلك نطالب الدول المانحة بوقف التمويل. كما نطالب بتطبيق القانون تجاه السوريين بحيث لا يستطيع المقيم بصورة غير شرعية أن يشتري عقارات ويعمل بينما السوريون الشرعيون وهم زهاء 300 ألف فأهلا وسهلا بهم. وهذه مشكلة لم تحصل في التاريخ أن يصبح عدد النازحين في بلد نصف عدد السكان".