أعلنت مجموعة "لينوفو"، ومقرها في بكين، عن صفقة يوم الأربعاء لبيع سندات قابلة للتحويل بقيمة ملياري دولار لصندوق الاستثمارات العامة السعودي، وبناء مرافق بحث وإنتاج في المملكة.
كما تجري شركة النفط السعودية الحكومية "أرامكو" محادثات لشراء حصة بقيمة 1.5 مليار دولار في شركة بتروكيماويات صينية، في حين تشارك مجموعة "فاو" (FAW) الصينية لصناعة السيارات في مسعى لتصنيع سيارات كهربائية في مصر.
يقدر محللو بنك "يو بي إس" أن العلاقات الصينية المتنامية مع الشرق الأوسط يمكن أن تضيف أكثر من 400 مليار دولار إلى التجارة العالمية المرتبطة بالطاقة بحلول عام 2030.
قالت شيرلي يو، مديرة المبادرة الصينية الأفريقية في كلية لندن للاقتصاد: "إن الصين تعمل على تطوير القوة الناعمة في المنطقة". وأضافت أنه علاوة على العلاقات التجارية التي تناسب احتياجات الجانبين، فإن "العلاقة تمتد إلى الدعم السياسي المتبادل في المؤسسات العالمية الحالية التي تقودها الولايات المتحدة"- بالإضافة إلى المؤسسات الجديدة مثل مجموعة "بريكس"، التي شاركت الصين في تأسيسها. وانضمت مصر والإمارات العربية المتحدة إلى"بريكس" هذا العام، وتدرس السعودية اتخاذ خطوة مماثلة.
أشار نائب وزير الخارجية الصيني دنغ لي، في معرض توضيحه لجدول أعمال الاجتماع في مؤتمر صحفي يوم الاثنين، إلى زيادة التجارة مع الشرق الأوسط بمقدار عشرة أضعاف على مدى العقدين الماضيين. وتعتبر الصين أن النفط أهم وارداتها، وتحصل على أكثر من ثلث احتياجاتها من الخام من الدول الأعضاء بمجلس التعاون الخليجي الست، وتأتي حصة الأسد من المملكة العربية السعودية.
الشراكة بين الدول الخليجية والصين
من حيث إجمالي التجارة، أصبحت الإمارات، حتى وإن كان اقتصادها لا يزيد عن نصف حجم الاقتصاد السعودي، شريكاً تجارياً أكبر للصين. كتبت "بلومبرغ إنتليجنس" الأسبوع الماضي أن الإمارات العربية المتحدة تلعب "دوراً رئيسياً في مبادرة الحزام والطريق" –مشروع بكين العالمي للبنية التحتية– ولديها أكثر من 6600 علامة تجارية صينية مسجلة في البلاد. كما حصلت الإمارات على حوالي 12 مليار دولار من الاستثمارات الصينية المباشرة، أي أربعة أضعاف ما حصلت عليه السعودية، وفق البيانات الرسمية الصينية المتاحة حتى نهاية عام 2022.
ربما تغيرت الصورة في العام الماضي. اجتذبت المملكة العربية السعودية 16.8 مليار دولار من الاستثمارات الجديدة الصينية في عام 2023، بما في ذلك، قطاعا السيارات وأشباه الموصلات، حسبما أفادت صحيفة "عرب نيوز" في أبريل نقلاً عن دراسة أجراها بنك "الإمارات دبي الوطني"، ومقره في دبي.
وبينما يتزايد وزن الصين الاقتصادي والدبلوماسي في المنطقة، تظل الولايات المتحدة الشريك الأمني الرئيسي لدول الخليج العربية، إذ تمتلك قواعد عسكرية كبرى في دول مثل البحرين وقطر، وتمدها بالتكنولوجيا الدفاعية.
وتسعى واشنطن أيضاً إلى إبرام اتفاق دفاعي جديد مع السعودية من المفترض أن يكون جزءاً من إعادة تنظيم إقليمي أوسع نطاقاً يقدم فيه السعوديون اعترافاً دبلوماسياً بإسرائيل. وقد يؤدي ذلك المشروع إلى إبطاء التقدم التجاري للصين في الشرق الأوسط من خلال زيادة العقبات في قطاعات التكنولوجيا الفائقة التي يوجد بها عنصر أمني. وهناك دلائل على أن الولايات المتحدة تضغط على الشركات الخليجية لقطع العلاقات مع بكين في هذه المجالات.
مواءمة العلاقات التجارية الخليجية
وافقت مؤخراً شركة "G42"، أكبر شركة ذكاء اصطناعي في الإمارات، على سحب استثماراتها من الصين والتحول إلى التكنولوجيا الأميركية، حيث وقعت اتفاقاً بقيمة 1.5 مليار دولار مع شركة "مايكروسوفت". وأبدى الصندوق السعودي للذكاء الاصطناعي الذي تبلغ قيمته 100 مليار دولار استعداده لفعل الشيء نفسه.
وقال أحمد أبودوح، الزميل المشارك في مركز "تشاتام هاوس" للأبحاث في المملكة المتحدة، والذي يرأس أيضاً أبحاث الصين في "مركز الإمارات للسياسات" في الإمارات العربية المتحدة: "ينتقل الخليج من التحوط الاستراتيجي في مجال التكنولوجيا إلى التوافق الاستراتيجي مع الولايات المتحدة".
ومع ذلك، هناك الكثير من الصناعات الأخرى التي سترحب فيها دول الخليج بشراكة أوسع مع بكين، كما قال أبودوح، بما في ذلك الطاقة المتجددة والمركبات الكهربائية والاستثمارات في البنية التحتية.
يتناسب ذلك مع استمرار العلاقات العالمية الجيدة على نطاق واسع، حيث تحجم الاقتصادات الخليجية الكبرى -على غرار الكثير من الدول الناشئة التي تنتشر من شرق آسيا إلى أميركا اللاتينية– عن التورط في حرب باردة بين الولايات المتحدة والصين. وتفضل أن تظل العلاقات طيبة ويستمر تدفق الأموال مع كلا الدولتين.
من جانبه، قال هونغدا فان، أستاذ دراسات الشرق الأوسط في جامعة شنغهاي للدراسات الدولية، إن السعودية "لن تضع كل البيض في سلة واحدة. ولن يأتي تعاون السعودية الدفاعي مع الولايات المتحدة على حساب علاقتها مع الصين".