سيارة "فانتاج" قد تخلص "أستون مارتن" من متاعبها
سيارة "فانتاج" قد تخلص "أستون مارتن" من متاعبها

اقتصاد - Wednesday, May 29, 2024 10:13:00 AM

Hannah Elliott - بلومبرغ 

وجدت نفسي أكاد أُغرم بسيارة "فانتاج" من "أستون مارتن" لعام 2025 من أول نظرة حين وقعت عليها عيني في إشبيلية في يوم ماطر من أبريل. اقتناء هذه السيارة ذات البابين والسقف المنخفض يقتضي دفع 191 ألف دولار، وتصميم هيكلها أدق تفصيلاً من طراز السنة السابقة. لها مصابيح أمامية "إل إي دي" (LED) مستوحاة من تصاميم السيارات الخارقة وعجلات نجمية بقياس 21 بوصة، إضافة إلى فتحات تهوئة على الجانبين وعلى غطاء محركها. بدنها أعرض ما يجعل شبكتها الأمامية بعرض ابتسامة أحد الأشرار الذين تصورهم أفلام غاي ريتشي.

الأروع أنني حين قدت السيارة لبضع جولات في مضمار سباق سيركويتو مونتيبلانكو ثمّ قدتها لنحو 160 كيلومتراً عبر الأندلس، اكتشفت أن "أستون مارتن" حدّثت أخيراً نظام المعلومات والترفيه السيئ، فجعلت له لوحة تحكم واحدة. على عكس الطرازات السابقة حين كنت مضطرة للضغط على أزرار مختلفة لتغيير ترس السرعة بدل أن تكون العملية بديهية وتلقائية، تأتي هذه السيارة بذراع تبديل واحدة، كما وجب أن تكون منذ البداية.

تحدّ صعب

لكن الأمر سيتطلب أكثر من مجرد مظهر أحسن جديد ومبدّل سرعات أحدث لتحسين الظروف التي تمرّ بها شركة "أستون مارتن لاغوندا غلوبال" القابضة، فهي تتأرجح بين تفاؤل حذر ويأس شديد منذ طرحها الأولي العام في 2018.

لم تبلغ "أستون مارتن" مستوى الربحية منذ ذلك الحين، فيما واجهت تغييرات متتالية في قيادتها التنفيذية. فقد أساءت الشركة تقدير حجم الإنتاج في ما يخص المنتجات غير التنافسية وأخفقت في التوسع، وعانت من مشاكل في سلاسل الإمداد ومن تزعزع استقرارها النقدي، بحسب ما أظهرته تحليلات بلومبرغ. بالتالي، ستحتاج الشركة لتقديم سيارات بمميزات تتفوق على السيارات الأخرى المهيمنة على هذه الفئة مثل سيارة "بورشه 911 توربو" بسعر 197200 دولار وسيارة "مرسيدس أي أم جي جي تي 63" بسعر 177050 دولاراً.

كنت أفكر بمدى صعوبة هذا التحدّي فيما اجتزت المنعطف الأول على مضمار السباق، وقد شعرت بعدم ثبات مؤخر السيارة فيما عملت العجلات للحفاظ على ثباتها على الإسفلت المبلل نتيجة الأمطار المفاجئة. ربما قد فات الأوان.

مع ذلك، لا بدّ أن أشير إلى أن الشركة مازالت تتمتع بكثير من المقوّمات، سواء بفضل رئيسها البليونير الكاريزماتي لورانس سترول أو فريق السباقات التابع لها في الفورمولا 1، والأهم تاريخها العريق الممتد منذ 113 سنة، والذي يشكّل أداة تسويقية بالغة القيمة ويسهم بمعرفة مؤسساتية لا تقدّر بثمن. تعهد صندوق الاستثمارات العامة السعودي الذي يملك 20.5% من الشركة بتقديم تمويل قدره 250.5 مليون دولار وبإبداء كثير من الصبر. فهذه السيارات الرياضية الأنيقة مرادفة لجيمس بوند نفسه.

سيارة جامحة

قد تفلح منتجاتها الجديدة مثل سيارة "فانتاج" من الجيل الثالث بدفع الشركة نحو العودة إلى الربحية. فيهدف تحسين أداء السيارة مقارنةً بنسخها السابقة وتسعيرها بثمن أعلى استراتيجياً، وهو أعلى بـ9%، إلى زيادة متوسط هامش المبيعات إلى 40%.

بعد قضاء يوم في قيادة السيارة على مضمار السباق وخارجه، لم يبق لدي أدنى شك أنها تتفوق على سابقتها لناحية العزم والتفاعل، فهي تأتي بمحرك V-8 بسعة 4.0 ليتر بتوربينين وقوة 656 حصاناً، أي بزيادة 30% عن الطراز السابق، وبعزم دوران 800 نيوتن/متر، فالسيارة أكثر صلابة وأقل عرضة لنقص التوجيه، وذلك بفضل نظام التعليق الجديد الذي يبقي على رشاقتها النسبية.

تبلغ سرعتها القصوى 325 كيلومتراً في الساعة وتسارعها من الثبات إلى 100 كيلومتر في الساعة يتطلب 3.5 ثانية. وصلت سرعتي خلال قيادة السيارة إلى 230 كيلومتراً في الساعة على أطول جزء مستقيم من مضمار مونتيبلانكو، ما أقنعني أنها قادرة على إثبات نفسها في السباقات، لكنها مع ذلك لا تضاهي سرعة سيارة "911 توربو" التي تتسارع من الثبات إلى 100 كيلومتر في الساعة خلال 2.17 ثانية أو سيارة "أي أم جي جي تي 63" التي تستغرق 3.2 ثانية لتبلغ تلك السرعة.

على مضمار السباق، شعرت وكأن سيارة "فانتاج" تقودني أكثر مما كنت أنا أقودها، وبحلول جولتي الثالثة أدركت أن السبب هو أنني بتّ معتادة كثيراً على السيارات التي لها نظام توجيه يشمل العجلات الخلفية، فذلك النوع من السيارات يشعرني بأنني سائقة أفضل بما أنه يسهم في الحفاظ على توازن السيارة. إلا أن "فانتاج" التي يقع محركها الهادر في وسطها تفتقر لهذا النظام، بالتالي فهي تمنح السائق تجربة قيادة تقليدية أكثر، ويصح القول إنها أكثر جموحاً، فتزمجر وتجتاز المنعطفات بحدّة وتخترق الزوايا مثل ثور تفوق قوته قدرته على التحكم بها. صحيح أنها تجربة ممتعة، لكنها تصبح مرهقة.

مستقبل مشرق

خرجت إلى الطريق السريع بعد ثلاث ساعات، وكنت سعيدة بذلك.

في سيارة "فانتاج"، يحيط الزجاج الأمامي عمودان غليظان يحدّان من الرؤية لدرجة أن المنعطفات الشهيرة في مونتبلاكو جعلتني أعاني من كثرة تمديد عنقي إلى الأمام. كشفت تلك المنعطفات أيضاً عن وزن السيارة البالغ 1605 كيلوغرامات، فشعرت وكأنني أحاول التزلج رقصاً على الجليد فيما أحمل حقيبة ظهر.

أصبحت "فانتاج" أكثر استرخاءً فيما أخذت أتجول عبر التلال الإيبيرية بتربتها الحمراء. لقد ساعد توزيع الوزن بنسبة 50 إلى 50 ومعدل التروس المنخفض لناقل الحركة ذي الثماني سرعات على إبقائي متيقظةً حتى حين بدأ فارق التوقيت يؤثّر عليّ.

هناك على الطرقات الريفية الهادئة، أبدعت السيارة ذات المقصورة الواسعة المريحة، فتوقفت لألتقط صوراً لانحناءاتها الأنيقة مقابل السماء الملبدة بالغيوم. سيتعين على "فانتاج" أن تتفوق على منافساتها الألمانية من حيث متعة القيادة وحماسة السائق، لكن ذلك لم يتحقق بعد. مع ذلك، تعد هذه التحسينات الواضحة بمستقبل أكثر إشراقاً لـ"أستون مارتن"، وقد بدا هذا جلياً حتى في ذاك اليوم الإسباني الماطر.

| لمتابعة أهم وأحدث الأخبار انضموا إلينا عبر قناتنا على واتساب (channel whatsapp) اضغط هنا

 

تسجل في النشرة اليومية عبر البريد الالكتروني