كشف رئيس المركز الدولي للدراسات الجيوسياسية والاقتصادية، المفكّر السياسي الدكتور محمد وليد يوسف، أنّ إيران ستخوض "واقعة استراتيجية كبيرة في الشرق الأوسط" وذلك بعد انتخاب رئيس جديد لها ليخلف الرئيس الراحل إبراهيم الرئيسي الذي قضى بتحطّم مروحيّته في ولاية أذربيجان الشرقية في 19 أيار الجاري.
وفي دراسة نشرها المركز يوم 27 أيار 2024 تحت عنوان: "سلسلة عودة الأسدَيْن.. حكم الميزان بين تركيا وإيران"، تناول الدكتور يوسف واقع الصناعة العسكرية لكلّ من تركيا وإيران بعد حادثة تحطّم طائرة الرئيس الإيراني ومشاركة تركيا بعمليات البحث عن موقع سقوطها، مع قياس شدّة القوّة الجيوسياسية لكلّ من إيران وتركيا.
وأشار إلى تركيا أصابت فرصة من استعانة إيران بها لتتمكّن من تحديد موقع حطام الطائرة حيث أرسلت أنقرة مسيّرة "أكينجي" لتساهم في عمليات البحث وتحديد الموقع، على الرغم من أنّ بيان هيئة الأركان الإيرانية زعم أنّ المسيّرات الإيرانية هي التي حدّدت موقع المروحية المحطّمة.
وقال الدكتور يوسف إنّ "تركيا زعمت أنّ طائرتها "أكينجي" قد بلغت مكان سقوط طائرة الرئیس الإيراني وكشفت عن موقعها، وحددت إحداثياته وأرسلتها أنقرة إلى طهران، وذلك لبيان وإظهار عجز إیران والغمز من قناة قدراتها العسكرية والتعريض بأصولها ومواردها الحربية وسوء خصائصها التشغيلية وخاصة طائراتها المسيّرة".
وأضاف: "لما فاءت إيران إلى نفسها بعد الذهول من مصرع رئيسها بغتة أرادت استدراك ما فاتها من مصالح استراتيجية، وما نزل بهيبة مؤسساتها المدنية والعسكرية وما وقع فيها من فتوق يعسر رتقها وصدوع تحتاج إلى بذل أموال وصنع وقائع جديدة لسدّها وترميمها. فأصدرت هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية بياناً أولياً عن الحادثة وذكرت أنّه في صباح يوم الإثنين بمساعدة طائرات بدون طيار إيرانية تمّ تحديد الموقع الدقيق والعثور على موقع الحادث، وأنكرت ما ذهبت تركيا إليه وما نسبته إلى طائرتها "أكينجي"، وأبت هيئة الأركان الإيرانية زعمها، ونسبت اكتشاف موقع حطام طائرة الرئيس الإيراني إلى مسيّرة إيرانية استدعتها من "مهمة کبری" کانت تقوم بها في شمال المحيط الهندي".
واعتبر الدكتور يوسف أنّ "طهران وقعت في أسوأ ممّا فرّت منه، وأوحت أنّها لا تملك سوى هذه الطائرة التي كانت تحلق فوق شمالي المحيط الهندي، فلمّا أرادت أن تدحض زعم تركيا وتطعن في القدرات التكنولوجية لطائرة أكينجي فإنّها وقعت في فخّ امتلاك إیران طائرة وحيدة استدعتها من تلك "المهمة الكبرى" هناك، وأنّ إيران تفتقر إلى طائرة مسيّرة سواها، ممّا ينبّه خصوم طهران وأعداءها مثل إسرائيل وغيرها إلى ضعف القدرات العسكرية الإيرانية في مجال الطائرات المسيّرة".
وذكر أنّ "إيران منحت تركيا فرصة كبرى حين استصرختها لمساعدتها في البحث عن طائرة الرئيس الإيراني رئيسي عند سقوطها، فأصابت تركيا منها غرّة وغفلة وطارت بذكر مناقب طائراتها المسيّرة وفضلها وتفوّقها على طائرات إيران المسيّرة. فما كان أغنى إيران عن ذلك! وقد استقرّ عند الناس تخلّف الطائرات الإيرانية رغم كثرة أنواعها وتعدّد مهامها القتالية والاستطلاعية والكاميكازية والرصد والمراقبة وغير ذلك".
وختم بالقول: "لعلّ إيران ستستدرك ما فاتها من مصالح كبيرة، وترتق فتوقاً واسعة أصابت هيبتها ومنزلتها في الشرق الأوسط لظهورها بمظهر العاجز عن معرفة طائرة رئيسها المنكوب بَلْهَ إنقاذه، وقد يحملها ذلك بعد انتخاب رئيس جديد على خوض واقعة استراتيجية كبيرة في الشرق الأوسط تسدّ بها صدع هيبتها، فما كان أغنى إيران عن الاستغاثة بتركيا".