الشرق
أمرت محكمة العدل الدولية، الجمعة، إسرائيل بوقف الهجوم العسكري على مدينة رفح جنوبي قطاع غزة "فوراً"، واصفة الوضع في المدينة بأنه "مصنف حالياً على أنه كارثي".
وقالت المحكمة، إنه يتعين على إسرائيل "أن توقف فوراً هجومها العسكري وأي أعمال أخرى في محافظة رفح قد تفرض على السكان الفلسطينيين في غزة ظروفاً معيشية يمكن أن تؤدي إلى تدميرهم جسدياً كمجموعة، أو على نحو جزئي"، مشيرةً إلى أنها ترى "أنه من المثير للقلق العميق أن العديد من الرهائن (الإسرائيليين) ما زالوا محتجزين، وتكرر دعوتها إلى إطلاق سراحهم الفوري وغير المشروط".
وأشار رئيس محكمة العدل الدولية نواف سلام، في جلسة للنظر في طلب جنوب إفريقيا توجيه أمر لإسرائيل بوقف الهجوم العسكري في غزة، إلى تأكيد الأمين العام للأمم المتحدة، بأن التطورات في قطاع غزة ورفح "ستزداد بشكل متفاقم، وتزيد من حجم المعاناة الإنسانية".
ودعا سلام، إسرائيل إلى "ضمان وصول بعثة تقصي الحقائق من أجل التحقيق بمزاعم الإبادة الجماعية وأي بعثة أممية أخرى إلى قطاع غزة من دون عراقيل".
وأوضح أن "المحكمة لاحظت أن الظروف المأساوية للفلسطينيين في قطاع غزة تدهورت منذ يناير الماضي، لا سيما مع الاستمرار والانتشار المعارك والحرمان من الغذاء"، واصفة بيئة القطاع بـ"الكارثية".
وأضاف أن "إسرائيل بدأت في 7 من مايو الجاري، عملية عسكرية في رفح بعد أسابيع من القصف المتزايد، ونتيجة لذلك ما يقارب 800 ألف فلسطيني تم تهجيرهم من رفح، ومسؤوليين الأمم المتحدة شددواً على أن المخاطر المرتبطة بهذه العملية العسكرية في هذه المدينة".
ولفت إلى أن وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) قالت خلال الشهر الجاري، إن "المناطق التي يهرب إليها الفلسطينيين الآن ليس مجهزة بالخدمات الصحية، ولا يوجد بها مياه عذبة".
واعتبر أن "القطاع معرض لخطر تدهور إضافي للظروف المعيشية"، موضحاً أن "التدابير المؤقتة المتخذة لا تعالج بشكل كامل تبعات الوضع المتغير".
وأعرب سلام عن "عدم قناعة المحكمة بأن عمليات الإجلاء والإجراءات الإسرائيلية الأخرى، كافية لتخفيف معاناة الفلسطينيين"، معتبراً أن الهجوم الإسرائيلي على رفع "وخيم بشكل استثنائي".
وأضاف، أن "المحكمة خلصت إلى أن إسرائيل لم تعالج بشكل كافي المخاوف التي تأتي بالتوازي مع العملية العسكرية في رفح"، موضحاً أن المحكمة استنتجت أن العملية العسكرية في رفح ستسبب "مخاطر لا يمكن السكوت عنها".
غضب إسرائيلي وترحيب فلسطيني
وفي أول رد فعل إسرائيلي على القرار، قال وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، إن "من يطالبون إسرائيل بوقف الحرب، يطلبون أن تقرر أن تختفي من الوجود وإسرائيل لن توافق على هذا".
وأضاف وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن جفير: "الرد على المحكمة المعادية للسامية في لاهاي، يجب أن يكون له إجابة واحدة فقط: احتلال رفح وزيادة الضغط العسكري وسحق حماس بالكامل، حتى يتم تحقيق النصر الكامل في الحرب".
في المقابل، نقلت وكالة "رويترز" عن المتحدث باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة، قوله، إن "الرئاسة ترحب بقرار محكمة العدل الدولية الذي يمثل إجماعاً دولياً على مطلب وقف الحرب الشاملة على غزة".
كما رحبت حركة "حماس" بالقرار، لكنها اعتبرته "غير كاف"، مشددةً على ضرورة أن توقف المحكمة "الهجوم الإسرائيلي على قطاع غزة بأكمله"، بحسب ما نقلته وكالة "رويترز" عن مسؤول لم تسمه.
وطالبت "حماس" مجلس الأمن الدولي، بتنفيذ قرار محكمة العدل الدولية، مرحبةً كذلك بـ"اعتزام المحكمة إرسال لجنة تحقيق إلى غزة"، وتعهدت بـ"التعاون".
وسبق أن طالبت جنوب إفريقيا التي رحبت بالقرار، المحكمة، بأن تأمر إسرائيل بـ"الوقف الفوري" لجميع العمليات العسكرية في غزة، بما يشمل مدينة رفح جنوب القطاع، وتسهيل وصول المساعدات الإنسانية.
لكن إسرائيل كانت تنتظر من المحكمة أن ترفض الطلب باعتبار أن وقف إطلاق النار سيسمح لمقاتلي "حماس" بإعادة تنظيم صفوفهم، ويجعل من المستحيل استعادة المحتجزين الذين تم احتجازهم خلال الهجوم الذي نفذته "حماس" في 7 أكتوبر.
كانت المحكمة التي تلقت طلب جنوب إفريقيا في نهاية ديسمبر الماضي، أمرت إسرائيل في يناير ببذل كل ما في وسعها لمنع أي عمل من أعمال الإبادة الجماعية والسماح بدخول المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة.
لكنها لم تذهب إلى حد إصدار أمر بوقف إطلاق النار. وترى بريتوريا أن تطور الوضع على الأرض، وخصوصاً العمليات في رفح، يتطلب أمراً جديداً من محكمة العدل الدولية.
وتبت محكمة العدل الدولية في النزاعات بين الدول، وأحكامها ملزمة قانوناً، لكن ليست لديها آليات لتنفيذها، في حين يمكن أن يقبل القضاة طلب جنوب إفريقيا أو يرفضوه أو أن يصدروا سلسلة قرارات مختلفة تماماً.
يأتي قرار المحكمة بعد يومين على طلب تاريخي من المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية كريم خان، إصدار مذكرات توقيف في حق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو ووزير دفاعه يوآف جالانت، و3 من قادة "حماس" هم إسماعيل هنية ويحيى السنوار ومحمد الضيف، بتهمة ارتكاب جرائم في قطاع غزة وإسرائيل.