بولا مراد - الديار
بحذر تخطو حكومة العدو الإسرائيلي باتجاه عملية مدروسة جدا في رفح. فالمفاجآت غير السارة التي صعقتها في جباليا، كانت كفيلة باجبارها على اعادة النظر بخططها المتسرعة لاجتياح بري واسع للمدينة، التي تقول انها آخر معاقل حماس في غزة. زيارة مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان لـ "إسرائيل" قد تكون الاخيرة لمسؤول اميركي قبل العملية، الا اذا قرر وزير الخارجية الاميركية انطوني بلينكن ان يجرب حظه مرة اخيرة.
لكن وبحسب المعلومات، يبدو اصلا ان "تل ابيب" اخذت بقسم كبير من الملاحظات والشروط الاميركية لدعم الخيار العسكري في رفح، وان الحكومة "الإسرائيلية" ستلجأ بشكل اساسي الى عمليات قضم تشبه ما قامت به حين سيطرت على معبر رفح. ويبدو ان الوجهة الجديدة ستكون كامل حدود قطاع غزة مع مصر، اذ انه ووفق معطيات أميركية تعتزم "اسرائيل" السيطرة على حدود قطاع غزة مع مصر في نهاية هذا الشهر.
وتقدم الخيار العسكري يعني تلقائيا تراجع الخيار الديبلوماسي، وبالتحديد احتمالات التوصل الى هدنة بين حماس و "إسرائيل". وقد بدا ذلك جليا مع اعلان المتحدث باسم وزارة الخارجية القطرية ماجد الأنصاري مؤخرا ، ان المحادثات بين "إسرائيل" وحماس حول وقف إطلاق النار في غزة وإطلاق سراح الرهائن "على وشك الوصول إلى طريق مسدود". ويأتي خروج وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" للكشف ان أكثر من 810 آلاف فلسطيني نزحوا من رفح في جنوب قطاع غزة خلال الأسبوعين الماضيين، بعد إصدار الجيش "الإسرائيلي" أوامر إخلاء، ليؤكد ان مشهد المعركة اكتمل وينتظر صفارة الانطلاق.
وليس السجال "الاسرائيلي" المستجد الحاصل حول ما اشيع عن تعديل مصر شروط اقتراح وقف إطلاق النار في غزة الذي وقعت عليه "إسرائيل"، مما أدى في النهاية إلى إحباط الصفقة، الا تأكيدا على قرار "اسرائيلي" حاسم برفض مسار المفاوضات والتمسك بالخيار العسكري.
وقد ذكرت مصادر لشبكة "سي إن إن" الإخبارية الأميركية، أن "التغييرات التي أجرتها مصر، التي لم يتم الكشف عن تفاصيلها من قبل، أدت إلى موجة من الغضب والاتهامات المتبادلة بين المسؤولين الأميركيين والقطريين و "الإسرائيليين"، وأوصلت محادثات وقف إطلاق النار إلى طريق مسدود".
ولا شك ان ما طرحه سوليفان من صفقة على رئيس الوزراء "الاسرائيلي" لحظت، وفق اذاعة الجيش "الاسرائيلي"، التطبيع مع السعودية، وغطاء أمنيا أميركيا، ودعما لتحالف يضم دول المنطقة بمواجهة إيران، واستثمار مليارات الدولارات في قطاع غزة، وبتأثير "إسرائيلي"، ودفعا الى اتفاق ديبلوماسي مع حزب الله على الحدود الشمالية، بمقابل توافق على إنهاء الحرب ضمن صفقة التبادل، وإعلان من الحكومة "الإسرائيلية " أنها تعمل لخلق أفق سياسي لحل الدولتين، والموافقة على منظومة لإدارة غزة بإدارة مدنية فلسطينية بالتعاون مع دول المنطقة، غير محدودة الصلاحية او مرتبطة حصرا برفح، انما هي كتمهيد للصفقة الكبرى المرتقبة للمنطقة، وان لم تكن لاعطاء اجوبة حاسمة عليها اليوم ، فلا شك ان ذلك سيُطلب غدا ، خاصة ان المعلومات افادت ان نتنياهو لم يرفض الاقتراح لكنه أيضا لم يبد قبوله به. في هذا الوقت، وردا على ما تم تداوله، نقلت "القناة 12 "الإسرائيلية"عن مصدر سعودي أنه "لن يكون هناك سلام مع السعودية بدون الاعتراف بالدولة الفلسطينية، لذلك لا يوجد تطبيع مع الحكومة "الإسرائيلية" الحالية".
هذا وتتواصل الضغوط غير المسبوقة على نتنياهو، فبعد صفعة إعلان المحكمة الجنائية الدولية عن سعيها لإصدار مذكرات توقيف ضد مسؤولين من "إسرائيل" وحماس، اتى خروج رئيسي وزراء إسبانيا وأيرلندا لاعلان اعترافهما بدولة فلسطين، مع ترجيح ان يحذو عدد من الدول حذوهما، ليضيّق الخناق على الحكومة "الإسرائيلية"، وبخاصة ان الخناق الداخلي بات اشد من اي وقت مضى.