رمال جوني - نداء الوطن
لم يتخيّل أبناء بلدة الجبّين الواقعة ضمن نطاق «قرى الشعب» أي: طيرحرفا، شيحين، الضهيرة، يارين، أن يتركوا بلدتهم للدمار والخراب الذي حلّ بها جرّاء الإعتداءات الإسرائيلية اليومية عليها.
شكّل موقعها الجغرافي قبالة موقعي الجراح وبركة ريشا نقطة استهداف مباشرة، أكثر من 22 منزلاً دُمّرت بالكامل في حين بلغت نسبة الأضرار الجزئية 40 منزلاً، وطال القصف 140 وحدة سكنية.
فرغت البلدة من أهلها، هجرها سكّانها نحو صور وبيروت، حيث يواجهون ظروفاً اقتصادية صعبة منذ ثمانية أشهر وحياتهم الزراعية والاقتصادية معطّلة، إذ كان معظم سكّان البلدة يعتمد على الزراعة وتربية الماشية وفق محسن عقيل الذي يُسيّر شؤون البلدية.
حالياً، الزراعة متوقفة، فلم يتمكّن الأهالي من زراعة موسم التبغ، ولا موسم القمح الذي تشتهر به، إضافة إلى موسم «الفريك».
يُقدّر إنتاجها سنويّاً حوالى 420 ألف دولار، غير أنّ الحرب قضت عليه وخسر المزارعون موسمهم الأول، كما موسم الحنطة أي «القمح والشعير والفريك والعدس». وفي هذا السياق، لفت عقيل إلى أنّ البلدة كانت تنتج سنويّاً ما يقارب 18 ألف كيلوغرام، واصفاً الخسائر «بالكارثة الاقتصادية التي حلّت على الأهالي».
يركّز العدوان الإسرائيلي استهدافاته للبلدة، مسجّلاً غارة كل يوم على منازلها وأحراجها، فيُعدّ الغطاء الأخضر هدفاً رئيسيّاً للاستهداف، فالأحراج تحيط بالبلدة من مختلف الجهات من طيرحرفا إلى شيحين والضهيرة ومروحين وهذا يزيد حجم الاستهداف للقضاء على الثروة الحرجية. ووفق عقيل «الإسرائيلي يضرب كل شيء، لا يرحم الأشجار ولا المنازل ولا البنى التحتية، تحوّلت الجبّين بلدة منكوبة».
كيفما تولِ وجهك في البلدة ترَ الدمار، محال تجارية، مؤسسات كلها سوّيت بالأرض، عند مثلث الجبّين طيرحرفا، تختصر حكاية الدمار في البلدة، أطلق الأهالي عليه «مثلّث برمودا»، فكل المحال المنتشرة عليه دمّرت واختفت.
قبل شهرين ترك عقيل البلدة بعدما دمّر الجيش الإسرائيلي منزله المؤلّف من ثلاث طبقات، إضافة إلى محاله التجارية، مؤكّداً أنّ «الواقع كارثيّ للغاية، إذ يواجه أبناء الجبّين صعوبات كبيرة في النزوح، صحيح أنّ هناك تقديمات ومساعدات يُقدّمها لهم إتحاد بلديات صور و»حزب الله» و»مجلس الجنوب»، غير أن ما يحتاج اليه الناس أكبر من ذلك، فهم تركوا منازلهم وخسروا كلّ شي، ولم يعد هناك فقير أو غنيّ، الكلّ بات تحت الصفر».
إنتظر أهالي الجبّين كما كلّ القرى الحدودية تقديمات وزارة الشؤون الاجتماعية، أقله عبر بطاقة أمان، غير أنّ المساعدات لم تُقدّم. يقول عقيل «يفترض بوزير الشؤون الاجتماعية أن ينظر إلى حال الناس المهجّرين، أن يلتفت إلى واقعهم ويعمل على دعمهم. هؤلاء الناس خسروا أرزاقهم ومنازلهم وزراعتهم، خسروا كلّ شيء وحتى الساعة لم تقدم لهم الدولة شيئاً».
ولفت عقيل إلى أنّ «بطاقة أمان لم يستفد منها سوى 4 عائلات فقط في الجبّين من أصل 4000 نسمة».
يوماً بعد آخر تتكشف معاناة النازحين الجنوبيين. ظروفهم المعيشية صعبة. معظمهم يعوّل على أن تضع الحرب أوزارها قريباً. مصالحهم تعطلت، وما زاد الطين بِلّة هو تأخر دعم الدولة لهم.