ميشال نصر - الديار
تزداد القناعة يوما بعد يوم،بان ترحيل الملفات اللبنانية، من الشغور في الموقع المسيحي الاول، وكل ما يستولد منه من ازمات داخلية، بات اكثر ارتباطا بما يدور في المنطقة من تحديات، ورسم لقواعد لعب جديدة تحدد الادوار والاحجام، من بوابة وقف «الانقلاب» في غزة، مرورا بتحجيم طهران وحلفائها، وصولا الى التصدعات العربية التي افرزت دخولا لقوى جديدة على ساحة المنطقة، لعبت لصالح قوى اقليمية ودولية، ما سبب تصدعات دفع ثمنها «الصغار في لعبة الكبار».
واذا كان غبار مشهد العمليات العسكرية على الجبهة الجنوبية، المشتعلة منذ ما يقارب الـ 200 يوم، فان انقشاع المشهد الداخلي، لا يبدو اكثر وضوحا، رغم زهرية المشهد التي تحاول بعض القوى تظهيرها، من خلال حراك الخماسية الديبلوماسية، التي ما عاد يجمع بين اطرافها الا خيط رفيع، فحواه حفظ ماء وجه قرار انشائها، بعدما بات كل من عواصمها يغرد على ليلاه، على وقع التسديدات التي يوجهها دولها لبعضها البعض.
وفي هذا الاطار تكشف المعلومات ان الحراك الذي سيبقى شكليا، للمجموعة، لن يقدم ولن يؤخر، مع تحوله الى لزوم ما لا يلزم، وسط سقوط كل المشاريع السابقة والمبادرات التي حملتها، «بالجملة والمفرق»، رغم ان ثمة من يسوق ان لجنة منها في طور التحضير لخارطة طريق مكتوبة، مستوحاة من النقاط المشتركة، التي سجلتها محاضر الاجتماعات الثنائية بالقوى السياسية المختلفة.
تحت هذا العنوان، عادت الدوحة لتطل براسها، في لعبة «سولو» يلعبها فريقها الامني – السياسي، الذي انشأ له محطة في وسط المدينة، يدير من خلالها «غرفة عمليات سياسية، امنية، واعلامية، جاهزة «للانقضاض» في لحظات محددة، من خارج سياق الاحداث، التي تؤشر في الشكل الى خروج قطر من الواجهة.
وفي سياق متصل، كشفت مصادر دبلوماسية ومحلية مواكبة للحراك الدولي الرئاسي، ان الدوحة ابقت محركاتها «عم تشتغل» طوال الفترة الماضية، محافظة على الحد الادنى من علاقاتها مع «حلفائها» من اللبنانيين، ناسجة خطوط تواصل مع بعض «خصوم» خطها، ما سمح لها بان تطل على المشهد من جديد اليوم «بقبة باط اميركية، لا بدعم او تاييد من واشنطن»، وهو ما سيترجم خلال الايام المقبلة بعودة لموفدها الى بيروت.
وفي معرض شرحها لما يجري، تشير المصادر الى ان قطر التي خرجت مهزومة، بعدما اطاحت القاهرة بكل مساعيها الدبلوماسية لحل الازمة التي خلفتها عملية «طوفان الاقصى»، مع استدارة انقرة نحو مصر، وفي ظل صدامها المباشر مع باريس، تحديدا في الملف اللبناني، قررت الهجوم لبنانيا، واعادة تفعيل مبادرتها السابقة، بعد خلق بيئة حاضنة جديدة لها، تتمثل بثنائية ميرنا الشالوحي-عين التينة، التي تقدمت المفاوضات على خطها بشكل كبير، رغم محاولة الطرفين التخفيف مما تحقق حتى الساعة، سواء في نقابة المهندسين، ام في مظلة الحماية التي امنت بقاء لمدير عام امن الدولة اللواء طوني صليبا على راس مديريته العامة، رغم رغبة رئيس الحكومة الدفينة «بقبعه» من موقعه، بقرار قضائي.
هذا الثنائي الجديد، يبدو انه بث الروح في المرشح الوسطي الأقوى حتى الساعة، مدير عام الامن العام اللواء الياس البيسري، الذي بات من زوار الرابية الدائمين، حيث يحظى باعجاب وتاييد رئيس الجمهورية السابق العماد ميشال عون، الذي لا يخفي رايه «بالشب النشيط « امام زواره، خصوصا ان المياه بدات بالعودة الى مجاريها بين بتغرين والرابية، وسط الحديث عن تحالف انتخابي وسياسي بين «العاصمتين المارونية والارتوذكسية» في المتن، وما قد يمثله البيسري من تقاطع بينهما.
عين التينة واللواء الياس البيسري
في المقابل، فان مكانة البيسري في عين التينة، تبدو متقدمة، وان كان للاخيرة «ارنب رئاسي» مخفي، في حال قضت الظروف عدم وصول عسكري الى رئاسة الجمهورية. فاللواء الذي نجا باعجوبة من محاولة اغتيال الياس المر، ما رفع من «بروفايله» لدى فريق «ثورة الارز»، ويجعله من المقبولين للوصول الى بعبدا، والذي نجح في الالتزام بحدود اللعبة بعدما استعادت عبره الرئاسة الثانية الامن العام، ما فتح امامه بوابة حارة حريك، امسك جيدا باحد الملفين الاساسيين الذي يجعله لاعبا على الصعيد الرئاسي، خصوصا في هذه اللحظة، الذي قد يجعل منه بطلا مارونيا، اي النزوح السوري. علما ان المقربين من «ابو مصطفى» يروون انه في احدى زياراته الاخيرة الى عين التينة، اوصى دولة الرئيس السابق ميشال المر، «الثعلب»، بان «يدير باله على الـ «الياسين» (اي الياس المر والياس البيسري)»، في دلالة الى مكانة هذا الرجل.
عليه، هل «بتزبط» مع الدوحة هذه المرة، وتنجح بتمرير مرشحها الياس البيسري، الذي شكل «ارنب» لحظة عين التينة الاخيرة في الامن العام، بموافقة الضاحية والرابية، «فزاح اللواء»، فيكون هذه المرة «فلتة شوط» الرابية، بمباركة من الثنائي الشيعي، وعدم امتعاض من الرابع عشر من آذار، «فيخرج العماد»؟
سؤال واقعي وجدي، جوابه وفقا للبياضة واضح وصريح، الزمن ليس زمن رئاسي والقصة اكبر من لبنان....