صونيا رزق - الديار
يبدو وكأنّ شيئاً يُحضّر للبنان يتنقل بين المناطق، عنوانه الفتنة من خلال جرائم تتكرّر منذ فترة، آخرها الجريمة التي هزّت لبنان صباح أمس في بلدة العزونية - قضاء عاليه، ذهب ضحيتها المواطن ياسر الكوكاش على يد لصوص من التابعية السورية، وفق ما أظهرت التحقيقات، بعدما قيدوه وسرقوا شقته، ما أدى الى غضب عارم في البلدة. مع ما سبقها من جرائم طالت منسّق حزب "القوات اللبنانية" في جبيل باسكال سليمان على يد عصابة سورية ايضاً، كذلك في منطقة الاشرفية في كانون الثاني الماضي، حيث أقدم مجهول يستقلّ دراجة نارية على محاولة اجتياز حاجز لبلدية بيروت، وبعدما اعترضه الشرطي حسن العاصمي، قام سائق الدراجة بإطلاق النار بإتجاهه، فأصابه في عنقه وتوفي على الفور، ليتبيّن بعد التحقيقات انّ القاتل من التابعية السورية.
بعدها شهدت منطقة السيوفي في الأشرفيّة جريمةً بشعة، وقع ضحيّتها المواطن السبعيني نزيه الترك، بعدما اقدم شخصان بالدخول الى منزله بتسهيل من العاملة السورية لديه، وقاما بسرقة محتويات المنزل والذهب والاموال، والاعتداء بالضرب على الترك وزوجته، واشارت التحقيقات الى أنّ السارقَين كانا يتحدّثان اللهجة السورية وهدفهما السرقة.
لذا تبرز المخاوف اليوم من حصول فتنة لبنانية – سورية،وسط أجواء مشحونة وأصوات داخيلة ومحرّضين لتأجيج هذا الصراع.
هذه المشاهد القاتمة أعادت ملف النزوح السوري الى الواجهة، ليصبح القضية الاهم بسبب تداعياتها على لبنان واللبنانيين،وفي إطار الحل المطلوب لهذه الازمة، يشير وزير المهجرين في حكومة تصريف الاعمال عصام شرف الدين في حديث لـ "الديار" الى انّ آلية معالجة ملف النازحين وضعتها وزارة المهجرين وتم التوافق عليها، وهنالك ورقة تفاهم مع الجانب السوري، لكن للاسف في السابق لم يكن هنالك من قرار سياسي، والمفارقة الجديدة انه خلال اللقاء التشاوري الذي عقد اول من امس،أوضح الرئيس ميقاتي انه على قناعة تامة بوجود مناطق آمنة في سوريا، تستوعب عدداً كبيراً جداً من النازحين، خصوصاً اصحاب المنازل الآيلة للسكن وقراهم غير مدمرة، والعنوان الثاني الذي طرحه ميقاتي في اللقاء،انه ستتم المطالبة خلال مؤتمر بروكسل الذي سيعقد في ايار المقبل،بحوافز للنازح السوري العائد الى بلاده، وان تدفع المساعدات المادية والعينية والاستشفائية في سوريا، آملاً حصول تغيير في مواقف الاتحاد الاوروبي واميركا،وان نكون قد تجاوزنا المرحلة الاصعب.
واضاف شرف الدين:"المعالجة لهذا الملف تحوي شقين، الشق الاول إلزامية عودة كل النازحين،ولا سيما النازحين الاقتصاديين، ومن لا تتضّمن عودته اي خطر سياسي،وهؤلاء يشكلون النسبة الاكبر"،لافتاً الى اننا بحاجة الى جهد ديبلوماسي ولوبي لبناني - عربي للضغط على الاتحاد الاوروبي والدول المانحة،لرفع الوصاية عنا لانهم صوتوا على إبقاء النازحين في لبنان، وهذا خطأ ومعيب جداً.
وقال: "هنالك مؤتمر مرتقب لوزراء الخارجية العرب،سيشارك فيه وزير الخارجية عبدالله بو حبيب، ومؤتمر بروكسل سيشارك فيه الرئيس ميقاتي وبو حبيب في ايار المقبل، وسيطالب لبنان خلاله بأن تسدّد المساعدات داخل سوريا وهذا الحل الامثل، إضافة الى المطالبة بتشكيل لجنة ثلاثية تضم لبنان وسوريا والمفوضية،لتسهيل عملية المراقبة من خلال لجان فرعية لكل قرية سيعود اليها النازحون،ونتأمل ان ترفع الوصاية الاجنبية عنا في هذا الملف وتريحنا، اما في الشق الداخلي، فهنالك مهمات عديدة ستوزع على الوزراء المعنيين،ومنهم وزارة الدفاع التي ستنافش مع وزارة الدفاع السورية تسهيل عملية خدمة العلم، كذلك وزارة الداخلية ووزارة العدل ستناقشان مع زملائهم في سوريا مواضيع المساجين ومكتومي القيد، فضلاً عن سلسلة مواضيع ستبحث لوجستياً كي نبدأ بتفكيك المخيمات التي تضم 600 الف نسمة، وهنالك تنظيم ايضاً للوجود السوري والعمالة، اي الاقامة وإجازة العمل واللائحة تطول.
الوزير شرف الدين تطرق ايضاً الى التفلت الحدودي، وشدّد على ضرورة التنسيق بين البلدين على مستوى وزارتي الدفاع والداخلية، لضبط المعابر وتفكيك شبكات التهريب الموجودة على طرفي الحدود اللبنانية – السورية، وكل هذا يحتاج الى زيارة من قبل الوزراء اللبنانيين.
وتعليقاً على الجرائم المتنقلة، ختم بالقول:" جريمة المرحوم باسكال سليمان والشرطي البلدي في الاشرفية، وقبلها في بلدة العبادية وشرق صيدا وطريق المطار والعزونية في الامس، كل هذه الجرائم أظهرت انّ فاعليها ينتمون الى عصابات سرقة، ولو لم تكشف خصوصاً جريمة قتل سليمان، لحصلت فتنة بين المسيحيين وحزب الله في جبيل، وكان من الوارد ان تؤدي الى فتنة مسيحية سورية، لولا تنبّه دمشق وتسليمها الجاني، وانا طالبت خلال الاجتماع التشاوري عبر مجلس الامن المركزي ومجلس الوزراء من الهيئة القضائية،ان تصدر احكاماً سريعة وألا تسمح بتدخل لجنة العفو او بتخفيف حكم الاعدام، بل بتنفيذه ميدانياً في مكان الجريمة،وذلك لمنع تكرارها في المستقبل، فالعقوبة الافضل هي الاعدام، لذا نحتاج الى سياسة ردع مهما كان السبب لانه ليس المهم انما التداعيات، ومَن يعمل في المخدرات والكابتاغون وتبييض الاموال يستحق ان يعدم لانه يشكل خطراً كبيراً على المجتمع".