صونيا رزق - الديار
بالتزامن مع الذكرى التاسعة والاربعين على 13 نيسان 1975، تاريخ بدء الحرب اللبنانية التي صودفت قبل ايام، مع مقتل منسّق حزب "القوات اللبنانية" في جبيل باسكال سليمان، ومع ما رافقها من مخاوف كادت ان تؤدي الى فتنة طائفية، عملَ اللبنانيون على نسيانها، وفق مقولة "تنذكر وما تنعاد"، لكن هذه السنة برزت الهواجس من عودتها، بعد دخول طابور خامس أشعل مواقع التواصل الاجتماعي بعناوين وبلبلة وشعارات مغرضة، هدفها تحقيق ما لا يُحمد عقباه، لولا وعي بعض المسؤولين الذين سارعوا الى ضبط الوضع.
كما جرت اتصالات من سفراء غربيين وعرب لتفادي الاعظم، في ظل أرضية سرعان ما تصبح مهيأة للوقوع في الفتنة، خصوصاً بعد التحقيقات التي اشارت الى ضلوع عصابة تضم سوريين قاموا بقتل المسؤول "القواتي" وسط ظروف حساسة، ومطالبة من الافرقاء السياسيين والشعب اللبناني بعودة النازحين الى بلادهم، بسبب التداعيات التي يتحملّها لبنان المنهار اصلاً، والذي لم يعد قادراً على تحمّل تلك التداعيات بسبب الخسائر التي يتكبدّها جرّاء هذا النزوح منذ العام 2011 تاريخ بدء الحرب السورية، لذا برزت المخاوف منذ إعلان مقتل المغدور سليمان من وقوع اللبنانيين في الفخ، الذي يحضّره لهم طابور خامس قادر على إيقاع اللبنانيين في الفتنة بدقائق، بسبب الاجواء المشحونة التي استطاعوا تخطيها، على الرغم من الاصوات الدخيلة، وكتابة بعض المحرّضين على المنصّات كلمات تذكّر بالماضي الاليم، اي حين نُفذت حروب الآخرين على ارض لبنان ودفع اللبنانيون وحدهم الاثمان الباهظة، من ضحايا وجرحى ومعوقين وخراب ودمار على مدى 15 عاماً، مشجعين على عودة تلك المشاهد القاتمة والسوداء في تاريخ لبنان، وكأنهم لم يتعلموا شيئاً ولم يفهموا العبر على مدى كل تلك السنوات.
الى ذلك، وُضع ملف النزوح السوري اليوم في الواجهة بعد حادثة الاحد الماضي، وتحدث عدد كبير من المسؤولين عن ضرورة معالجته، ووُضعت خطة من قبل رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، مع مطالبات سياسية وزارية ونيابية ودينية بضرورة عودة النازحين الى ديارهم، وفي طليعتهم وزير الداخلية بسام مولوي ووزير المهجرين عصام شرف الدين، ووزير الشؤون الاجتماعية هكتور حجار، واعدين بالسعي لحل هذه القضية قريباً.
كما أشارت مصادر "القوات" الى انّ وفداً قواتياً برئاسة النائبة ستريدا جعجع، سيقدّم اليوم الاثنين طرحاً عملياً لوزير الداخلية حول أزمة النازحين السوريين، وسيطلب تعميمه على المناطق والبلديات.
في السياق، جرى التداول في الكواليس السياسية وبعض المجالس النيابية، بأنّ التوقيت الذي جرت فيه عملية قتل المسؤول "القواتي" طرح تساؤلات عدة، وأعادنا بالذاكرة الى مراحل صعبة، فهل من محاولة لتحميل المسيحيين أوزار بعض القضايا المستعصية، ومنها ملف النزوح وتداعياته الشاقة على البلد؟ اي إضطرارهم اللجوء نحو الخيار الصعب، وبالتالي ان يكون المسيحيون أداة في إشكالات متكرّرة مع السوريين.
ووفق ما دار في الكواليس السياسية والحزبية منذ ايام، افيد بأنّ الهواجس كانت مسيطرة من إستخدام الوجود السوري في لبنان لتأجيج الفتنة الداخلية، اي تكرار المشهد بعد 49 عاماً على غرار ما حصل في 13 تشرين 1975، لكن في هذا التاريخ كان هنالك قرار خارجي ومخططات لوقوع الحرب، اما اليوم فلا وجود لهكذا قرار، لانّ الاتصالات الخارجية بصورة خاصة عملت على تهدئة الوضع، ولم ينجح الطابور الخامس في مخططه فسقط من جديد.
مع إشارة بعض من شارك في لقاءات التهدئة، الى انّ تحضيرات تحت عنوان الفلتان الامني المتنقل بين المناطق، سعت لإنجاح مخططات جهنمية تودي بالبلد الى الخراب، لكن تدارك المعنيين والاجهزة الامنية حالوا دون ذلك، مع تطمينات من مصادر امنية مسؤولة أكدت بأنّ اللبنانيين لم ولن يقعوا في الفخ هذه المرة، والعبر أدت دورها والشحن الطائفي لم يفعل فعله، على الرغم من كل الصور السوداء والقاتمة التي ظهرت عبر مواقع التواصل، وبالتأكيد من أسماء وهمية مهمتها تأجيج الصراع في البلد.